بدت تصريحات وزير الطاقة التركي، طانر يلدز، الاخيرة في استمرار الخلاف مع اذربيجان على سعر الغاز الذي تستورده تركيا، ملفتة. فالوزير ربط استمرار الخلاف بقلق الجانب الاذربيجاني من موقف تركيا إزاء ارمينيا، واحتمال تطبيع العلاقات. ولذا تلوح أذربيجان باستخدام ورقة الغاز للضغط على انقرة لحملها على التخلي عن مشروع التطبيع مع ارمينيا. ولكن، على خلاف الحكومات السابقة، لم تحافظ الحكومة الحالية على العلاقات القوية والمميزة بجمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز. وخير دليل على ذلك هو دخول تركيا مغامرة توقيع البروتوكولات مع ارمينيا من غير احتساب عواقب ذلك، وتأثيره في علاقاتنا بأصدقائنا في آسيا الوسطى. ولا تستطيع تركيا التهرب من التزامات البروتوكولات. فكأن تركيا قد اوقعت نفسها في مصيدة يصعب الخروج منها. وأذربيجان تلوح بسلاح الطاقة والغاز في وجهنا. ونحن افسحنا المجال امام عودة روسيا من جديد الى الساحة الاذربيجانية. ولا شك في أن توطيد علاقاتنا بسورية والعراق حيوي ومهم. ولكن أهمية العلاقات هذه لا تفوق أهمية العلاقات بأذربيجان. وكان حرياً بتركيا ان تتقرب من أذربيجان وأرمينيا في آن واحد، وأن تعلن أنها الوطن الذي يحتضن اقارب ومواطني الدولتين معاً. ولكن تركيا تركت نفسها لسجال لا طائل منه مع اللوبي الارمني الذي يطاردها في الكونغرس والبرلمانات الاوروبية. وهذا يفاقم صعوبة تعاملنا مع القضية الارمنية. ولا أهمية للقرارات البرلمانية في مذابح الارمن. ويبدو اننا خسرنا المصالحة مع أرمينيا وصداقتنا مع أذربيجان، معاً. ويقول وزير الخارجية، احمد داود اوغلو، إنه مستعد لمواجهة جميع الاحتمالات مع واشنطن، ومع الدول التي قد تعترف بمذابح الارمن. فهل الاستعداد يعني تحضير البيانات النارية سلفاً؟ والحق أن الاستعداد يفترض توسل الاواليات السياسية، والسعي في بعث الثقة مع اذربيجان، وعدم الاكتفاء بتصريح رئيس الوزراء، رجب طيب اردوغان، امام البرلمان الاذري أن تركيا لن تتخلى عن اذربيجان وقضية قره باغ. فالكلام هذا جاء متأخراً، وبعد اكتشاف الاذريين أن تركيا تتفاوض مع الارمن في الخفاء. وليس المطلوب ان نختار بين ارمينيا أو اذربيجان، بل ان نعمل على تقاربهما من دون أن نخفي عن طرف ما نقوله للطرف الآخر. * معلق، عن «حرييات» التركية، 15/3/2010، إعداد يوسف الشريف