إحتفالاً بالحِرف والمهن التقليدية، يواصل معرض فوتوغرافي مقام في المكتبة الوطنية بالرباط، جذب الزوار للإطلاع على واقع الحِرف اليدوية وشخوصها الذين بصموا بإنتاجاتهم أزقة العاصمة وشوارعها، نظراً إلى أهميتها الثقافية والعاطفية ومساهمتها في الوعي والذاكرة الجماعية. ورغبة في تكريم العمل اليدوي والحرفيين الذين كرسوا حياتهم لمهنهم، تُقدم مؤسسة «نوبولو» معرض «قبل أن ننسى» الذي أنجز بتعاون خاص مع المصور الإسباني الشاب سيلكتور ماركس والذي يجلب رؤية حديثة للمشروع من خلال الإلتقاء بين وجهة نظره الجديدة والمعاصرة مع النماذج التقليدية موضوع الصور. ويعمل ماركس حالياً على تطوير أسلوب صحافي وفوتوغرافي أكثر شخصية، باستخدام الشارع وسيلةً للتعبير. ويتمثل عمله في التفكير في تحولات الفن الفوتوغرافي وسيناريواته الجديدة، متعاوناً مع نوبولو (الجهة المنظمة) كمؤسسة ثقافية، ترأسها آنا ديمتروفا، وهي مخصصة لمشاريع فنية على المستوى الدولي. وقد أُسست عام 2007 في برشلونة، ونظمت في ثماني سنوات أكثر من 50 معرضاً و40 حدثاً في أربع قارات. ويهدف المعرض الى النبش في ذاكرة مهنيي هذه التحف التراثية التي ما زالوا يمارسونها إلى اليوم، ويتساءل المنظمون في كلمة لكتالوغ المعرض: «من ليس لديه في منزله كتاب قديم مجلد؟ أو ساعة قديمة تحتاج إلى إصلاح؟ اليوم، مع طغيان قوانين السوق والإنترنت ومراكز التسوق الكبيرة وثقافة الاستهلاك، اختفى العديد من الحِرف اليدوية والمهن». وهكذا نجد من بين صور المعرض: صانع الساعات، وبائع كتب قديمة، ومجلد الكتب، وخباز الفرن التقليدي، وبائع الفحم، والإسكافي، وماسح الأحذية، والخياط، وصانع الحصير. وهؤلاء الناس الذين يزاولون هذه الحِرف الفريدة، يبدو أنهم كانوا هنا منذ الأبد. واستناداً إلى ما اكتسبوه من خبرات، فإنهم جزء من التراث الثقافي غير المادي للمدينة. ويتضمن المعرض صوراً لمحلات تجارية، وأشياء، وحكايات صغيرة ووثائق تبرز عمل هؤلاء المهنيين الذين ينشطون في قطاع يعمل فيه نحو 400 ألف شخص، يتسمون بالحيوية في العمل والإنتاج. وعلى رغم ذلك، تعاني الحِرف اليدوية في المغرب خطر الإندثار، بسبب عدم انتقال صنعتها من الآباء إلى الأبناء كما كان الأمر من قبل. وتقول الحكومة إنها تعمل على إنعاش قطاع الصناعة التقليدية الذي يشغّل وفق آخر إحصاءات رسمية ما يقدر ب 1.2 مليون عامل. المشروع الفني والاجتماعي المخصص للمدينة وسكانها، يعتبر إعترافاً بعناصر فريدة من التراث الثقافي غير المادي تبرز جانباً من جوانب الواقع في المناطق الحضرية. وقد أُنجزت دراسة وثائقية، بالتعاون مع مفوضة المعرض آنا ديميتروفا والمصور سيلكتور ماركس للعثور على عشرة أشخاص في مختلف المهن، بهدف إيصال أصواتهم من خلال صورهم وما يحكونه من قصص شخصية صغيرة تصوّر تاريخ محيطهم المجتمعي. وتقول الجهة المنظمة إن مشروع «قبل أن ننسى» يرمي إلى إيصال قصة هؤلاء الحرفيين الصامدين، وربط الأجيال الجديدة بماض يتلاشى بسبب التصنيع الذي يزحف على كل شيء. كما سيكون معرض «قبل أن ننسى» حاضراً في الفضاء العام والمحال التجارية المختارة في إطار المشروع، ما سيجعل من مدينة الرباط مركزاً تجارياً له.