دفع توقف المساعدات الغذائية عن الأسر السورية خارج مخيمات اللجوء في الأردن خلال الشهرين الماضيين، إلى اعتماد بعضها خيارات صعبة من أجل التكيّف مع الواقع الجديد. فقد كشف مسح سريع أجراه برنامج الغذاء العالمي في أيلول (سبتمبر) الماضي على 89 أسرة سورية لاجئة، أن 13 في المئة من الأسر التي تعيش خارج مخيمات اللجوء ولم تعد تستفيد من قسائم برنامج الغذاء، دفعت بأحد أفرادها إلى التسول في المحافظاتالأردنية، مقارنة مع 4 في المئة من أسر كانت تمارس ذلك قبل هذه الفترة. وتؤكّد أم محمد، كما فضّلت أن تنادى رافضة ذكر اسمها خوفاً على زوجها الذي لا تعرف مصيره في سورية، أنها لم تجد أمامها خياراً بعد أن توقفت المساعدات الغذائية عن أسرتها المؤلفة من 4 أطفال، سوى الدفع بابنها البكر وسيم الذي لم يكمل ال12 سنة، إلى التسوّل قرب إشارات المرور، خصوصاً أن بنيته الجسدية الضعيفة لا تمكنه من العمل. وتضيف أنه يلقى تعاطف كثيرين من المارة عندما يكتشفون سبب وقوفه تحت أشعة الشمس الحارقة في الشارع، فلا يبخلون عليه. وكانت طلبت منه التسوّل في حي قريب من مكان سكنها تكاد تخلو من مظاهر الحياة، لئلا يتسبب بإحراج إخوته أمام زملائهم في المدرسة. في المقابل، تضطر اللاجئة أسماء التي لا تعرف مصير زوجها الذي خرج من منزلهما في حمص منذ ثلاثة أعوام ولم يعد ولجأت إلى الأردن برفقة أشقائها، إلى دفع أبنائها الثلاثة الذين لم يتجاوز أكبرهم سن السابعة إلى التسوّل، مشيرة إلى أنها لا ترى فائدة من بقائهم في المدرسة في الوقت الذي لا يجدون ما يسدّ رمقهم. وتعتبر أسماء أنه يمكن تعويض الدراسة لاحقاً عند العودة إلى سورية، بيدَ أنها لا تستطيع أن تتحمل رؤية أبنائها جوعى، لا سيما أن فترة تسوّلهم لا تتعدّى ساعات الصباح الأولى، خوفاً عليهم من أشعة الشمس اللاهبة. وكان برنامج الغذاء العالمي توقف منذ شهرين عن صرف المساعدات للاجئين السوريين خارج المخيمات، بسبب العجز في موازنته وتوقف المنح الدولية لصندوقه. أما التمويل الجديد الذي حصل عليه البرنامج من الدولة المانحة أخيراً، فيكفي لتقديم المساعدات للاجئين السوريين في الأردن حتى كانون الثاني (يناير) 2016. وتستفيد منه العائلات الأشد حاجة (210 آلاف لاجئ) بما قيمته 20 دولاراً شهرياً للشخص الواحد، وللعائلات الأقل حاجة (229 ألف لاجئ) ب 13 دولاراً شهرياً للشخص الواحد. وتوضح شذى المغربي الناطقة باسم البرنامج في الأردن، أن «الأسر التي تعيش خارج مخيمات اللجوء السوري في الأردن، والتي اضطرت إلى إخراج أطفالها من المدارس زادت 34 في المئة»، نظراً «لعدم حصولها على التمويل اللازم، لتلبية متطلبات الحياة، لا سيما الحاجات الغذائية». وكان مسح سابق أجراه البرنامج على 830 أسرة، أظهر أن 25 في المئة من اللاجئين خارج المخيمات، سيضطرون إلى عدم إلحاق أبنائهم بالمدارس، إذا لم يحصلوا على مساعدات غذائية. كما لفتت المغربي إلى أن المسح أظهر إقحام نحو 29 في المئة من الأسر السورية خارج مخيمات اللجوء، أطفالها في سوق العمل، للمساعدة في تأمين المتطلبات الغذائية بعدما توقف البرنامج عن تقديم الدعم الشهري. علماً أن 85 في المئة من اللاجئين السوريين خارج المخيمات هم ضمن الفئات التي تحتاج إلى مساعدات غذائية مستمرة. وكشفت المغربي أن «البرنامج يقدم مساعدات مالية وفق نظام القسائم الإلكترونية لتلبية المتطلبات الغذائية إلى 535 ألف لاجئ سوري من أصل حوالى 629 ألفاً في الأردن مسجلين لدى مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين.