وزير الدفاع يلتقي حاكم ولاية إنديانا الأمريكية    مؤتمر ومعرض دولي للتمور    أمير منطقة تبوك يستقبل وزير البلديات والإسكان ويستعرضان المشاريع    أمين عام التحالف الإسلامي يستقبل وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري    أصول الصناديق الاستثمارية الوقفية بالمملكة ترتفع إلى مليار ريال    "ماونتن ڤيو" تختتم مشاركتها في "سيتي سكيب العالمي 2024" بإطلاق أول مشروع لها بالرياض ونجاح يُعزز حضورها الباهر    السعودية وعُمان.. أنموذج للتكامل والترابط وعلاقات تاريخية وطيدة    أرامكو السعودية و"سينوبك" و "فوجيان للبتروكيميائيات" تضع حجر الأساس لمشروع جديد للتكرير والبتروكيميائيات في الصين    مستشفى الحرجة يُفعّل التطعيم ضد الحصبة و الأسبوع الخليجي للسكري    سعود بن طلال يطلق عددا من الكائنات الفطرية في متنزه الأحساء الوطني    «الإحصاء»: السمنة بين سكان المملكة 15 سنة فأكثر 23.1%    أمير الشرقية يطلق هوية مشروع برج المياه بالخبر    رينارد يتحدث عن مانشيني ونقاط ضعف المنتخب السعودي    قسطرة قلبية نادرة تنقذ طفلًا يمنيًا بمركز الأمير سلطان بالقصيم    مستشفيات دله تحصد جائزة تقديم خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في السعودية 2024    «التعليم»: إلغاء ربط العلاوة بالرخصة المهنية    9300 مستفيد من صندوق النفقة خلال 2024    القبض على باكستاني لترويجه 6.6 كلجم من الشبو بمنطقة الرياض    الكتابة على الجدران.. ظاهرة سلبية يدعو المختصون للبحث عن أسبابها وعلاجها    مهرجان وادي السلف يختتم فعالياته بأكثر من 150 ألف زائر    الملتقى البحري السعودي الدولي الثالث ينطلق غدًا    قمة مجموعة العشرين تنطلق نحو تدشين تحالف عالمي لمكافحة الفقر والجوع    النسخة الصينية من موسوعة "سعوديبيديا" في بكين    سماء غائمة جزئيا تتخللها سحب رعدية بعدد من المناطق    "سلمان للإغاثة" يوزع 1.600 سلة غذائية في إقليم شاري باقرمي بجمهورية تشاد    صبي في ال 14 متهم بإحراق غابات نيوجيرسي    مع انطلاقة الفصل الثاني.. «التعليم» تشدّد على انضباط المدارس    إحباط 3 محاولات لتهريب 645 ألف حبة محظورة وكميات من «الشبو»    الإجازة ونهايتها بالنسبة للطلاب    أمير الرياض يفتتح اليوم منتدى الرياض الاقتصادي    محافظ جدة يستقبل قنصل كازاخستان    كل الحب    البوابة السحرية لتكنولوجيا المستقبل    استقبال 127 مشاركة من 41 دولة.. إغلاق التسجيل في ملتقى" الفيديو آرت" الدولي    كونان أوبراين.. يقدم حفل الأوسكار لأول مرة في 2025    الأخضر يكثف تحضيراته للقاء إندونيسيا في تصفيات المونديال    وزير الإعلام اختتم زيارته لبكين.. السعودية والصين.. شراكة راسخة وتعاون مثمر    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    موافقة خادم الحرمين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    المملكة ونصرة فلسطين ولبنان    عدوان الاحتلال يواصل حصد الأرواح الفلسطينية    حسابات ال «ثريد»    قلق في بريطانيا: إرهاق.. صداع.. وإسهال.. أعراض فايروس جديد    الخليج يتغلب على أهلي سداب العماني ويتصدّر مجموعته في "آسيوية اليد"    أوربارينا يجهز «سكري القصيم» «محلياً وقارياً»    مكالمة السيتي    «القمة غير العادية».. المسار الوضيء    المكتشفات الحديثة ما بين التصريح الإعلامي والبحث العلمي    الدرعية.. عاصمة الماضي ومدينة المستقبل !    لغز البيتكوين!    الله عليه أخضر عنيد    أعاصير تضرب المركب الألماني    شراكة إعلامية سعودية صينية واتفاقيات للتعاون الثنائي    وزير الدفاع يلتقي سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل المندوب الدائم لجمهورية تركيا    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وليد السديري:دول الخليج لا تحتاج إلى «ربيع».. وجماعة «الإخوان» هدفها الهيمنة
نشر في الحياة يوم 18 - 03 - 2014

يؤمن المشرف على برامج السياسة العامة في جامعة الملك عبدالعزيز نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للعلوم السياسية في المملكة الدكتور وليد بن نايف السديري، أن قدر المملكة بأن «تكون الدولة الصامدة في دعم مصالح المجتمعات العربية، وأنه لا عجب أن يُعمل على تشويه سمعتها»، مضيفاً: «الشحن الإعلامي الغربي ضدها لا يزال متواصلاً بدعم من الحكومات الغربية». ويستبعد السديري حاجة الدول الخليجية الست إلى «الربيع العربي»، معتبراً أنه «ربيع مزعوم»، قائلاً: «دول الخليج هي حقيقةً في «ربيع».. ولا تحتاج إلى «الربيع العربي» المزعوم، إذ إن مصطلحات «الربيع العربي» و«الثورات العربية» الإعلامية مضللة، فقد طرحها الإعلام الغربي ودوائر معينة بدايةً ربما بدافع التحريض، ثم تلقفها الإعلام العربي (...)، أين هو «الربيع» في ما تشهده الدول العربية من اضطرابات تهدد كيانها وهويتها؟». ويؤكد أن دعم المملكة لمصر بعد سقوط الإخوان المسلمين، «كان موقفاً مشرفاً وحاسماً، استطاع تغيير المواقف الدولية تجاه القاهرة»، وقال: «إن التحذير من الجماعة كان قديماً وجديداً، فجميعنا يتذكر تصريحات الأمير الراحل نايف بن عبدالعزيز حول أهدافها»، لافتاً إلى أن «جماعة الإخوان هدفها النهائي الهيمنة على السلطة السياسية».
وتطرق أستاذ العلوم السياسية إلى العلاقات السعودية - الإيرانية، مؤكداً أن العلاقة تعتمد على تغير الحكم الإيراني وسلوكه التوسعي والعدواني، لافتاً إلى أن طهران تملك الأقوال المعسولة والأفعال الخبيثة تجاه المنطقة العربية... إلى نص الحوار:
بعد أعوام على دراسة وتدريس العلم السياسي في المملكة، هل لا تزال راضياً عما قدمته؟
- الإنسان يتعبد الله من خلال عمله، ومهما عمل فهو يسعى إلى المزيد، وهناك شيء من الرضا في القيام بالمهمات الأكاديمية، في مجال التدريس وتطوير البرامج والمناهج، وفي أعمال اللجان والإشراف الأكاديمي والإداري، وفي الإسهام في اللقاءات العلمية بأنواعها، وأما في مجال الأبحاث التي تحتاج إلى تفرغ، فهناك شيء من عدم الرضا نتيجة لانشغالي، ولعلي بدأت التفت إليها محاولاً التعويض، وبطبيعة الحال الفرد يعمل في إطار منظومة، ويكون اجتهاده في حدود موقعه ومسؤولياته داخلها.
مناهجنا التعليمية في المجال السياسي، هل تغيرت أم هي أقرب إلى الجمود؟
- يوجد قسمان للعلوم السياسة في المملكة، في جامعتي الملك عبدالعزيز والملك سعود، ومناهجها متطورة بلا شك، وهناك اجتهاد في تطويرها باستمرار لمواكبة مستجدات الحقل، ويُغَذي ذلك تَعَلُم أعضاء هيئة تدريسها ومبتعثيها في جامعات عالمية متقدمة، والمملكة تشهد نهضة علمية تتيح فرصاً كبيرة لأن تكون أقسامنا العلمية في المقدمة.
مناهجنا تتطور
ماذا عن المناهج في قسم العلوم السياسية بجامعة الملك عبدالعزيز؟
- أعتبر برنامج ومناهج القسم مثالاً جيداً على تطور مناهج التعليم في المملكة، فمثلاً حقق برنامج البكالوريوس الريادة في تصميمه المتقدم، فهو يُمَكَن الطالب، إضافة إلى دراسة مقرراته المطورة، من التخصص في أحد من أربعة «مجالات تركيز» حديثة، هي: الاقتصاد السياسي العالمي، والسياسة العامة والتنمية، والبحث العلمي والتحليل السياسي، والرأي العام والسلوك السياسي. وهذه المجالات تمت بلورتها بعناية، لتتناول أبعاداً عملية تلبي حاجات تنموية ترتبط بالتخصص، ويجرى تقديمها تباعاً وفق خطة استراتيجية مستقبلية مدروسة ومعتمدة لتطور القسم.
أطلقتم في الجامعة أخيراً برنامجاً دراسياً يعد الأول من نوعه لصنع قيادات سياسية متخصصة في الحقل السياسي، كيف رأيتم التجربة؟
- هذا مثال آخر جيد على تطور برامج ومناهج علم السياسة في المملكة، إذ كان لجامعة الملك عبدالعزيز الريادة أيضاً في إطلاق برنامج «ماجستير السياسة العامة التنفيذي» عام 1433ه، وهو يستهدف القيادات الوسطى والعليا في القطاعات الحكومية والأهلية، ويسعى إلى تطوير معرفتهم العلمية ومهاراتهم التطبيقية في مجال «السياسة العامة» المهم والحيوي، الذي يتعلق بعملية تعامل الأجهزة الحكومية المعنية مع مختلف القضايا والتحديات التنموية التي تواجه مجتمعنا ودولتنا في هذه المرحلة المتقدمة من تطورها، ولا تخفى حاجتنا الماسة إلى تطوير هذه المعرفة المتخصصة، وهو أول ماجستير تنفيذي متخصص في السياسة العامة في المنطقة العربية.
وتحاضر في البرنامج نخبة مميزة من أساتذة السياسة والإدارة والاقتصاد والقانون، ونجح في استقطاب أعضاء من مجلس الشورى ليحاضروا في بعض مقرراته. كما ينظم البرنامج «محاضرات وحوارات في السياسة العامة» تستقطب لها شخصيات بارزة تجمع العلم والخبرة، كرافد أساسي يطلع الدارس على الأبعاد الواقعية للموضوع. وستتخرج الدفعة الأولى من البرنامج نهاية هذا العام.
والبرنامج – رغم حداثته – حقق سمعة طيبة وحاز على تقدير دولي، وتمثل ذلك في طلب «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» (يو أس أيد)، وهي ذراع المساعدات الخارجية للحكومة الأميركية ونشاطاتها الدولية واسعة ومهمة، التعاون معها في تنفيذ برنامج تدريبي «لبناء قدرات أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات العراقية في مجال السياسات العامة وتمكينهم من تدريس هذا التخصص المهم»، وحدد الطلب تدريس أربعة من مقررات البرنامج بعينها، وذلك في إطار «مشروع الإصلاح الإداري العراقي (ترابط)» لدعم الفني لبناء قدرات الحكومة العراقية. وهذا مما يدلل على ريادة وتميز البرنامج.
وقد شرفت وزملائي في قسم العلوم السياسية بإعداد هذا البرنامج، بدعم من قيادات الكلية والجامعة، وأشرف عليه حالياً.
البعض يرى أن خريجي العلوم السياسية لا مستقبل لهم، ماذا ترى؟
- القول بمثل هذا خطأ، ويشهد بذلك نجاح خريجي العلوم السياسية في العمل في مختلف القطاعات الحكومية والأهلية، ووصولهم إلى مواقع قيادية عليا، والأمثلة الناجحة لدينا كثيرة من خريجي القسم، أما إذا كان المقصود احتمال الحصول على الوظيفة، فإن المشكلة عامة، والنجاح يرتبط بمدى تمكن الفرد من تخصصه، وبشخصيته وجديته وطموحه، وبتوافر الفرصة.
مصطلح التنوير مبهم
دور الجامعة في التنوير المجتمعي، كيف تقوّمه؟
- من الضروري بدايةً تحرير مصطلح «التنوير» المبهم، وإذا فهمنا «التنوير» على أنه التوعية والتثقيف والاستيعاب المتزن للجديد مع تعزيز المقومات الأساسية للمجتمع والدولة وتطويرها بما يرتقي بالوطن والتنمية، فإن الجامعة كمؤسسة تعليم عالي تقوم - عموماً - بدور جيد، وهي تسهم في التنوير من خلال تخريجها كوادر وطنية واعية ومؤهلة، وتطوير تخصصاتها الأكاديمية، واحتضانها لكفاءات علمية مميزة، وتقديمها الاستشارات والخبرات المتخصصة، وإسهامها في معالجة قضايا المجتمع، وعرضها برامج متنوعة تنمي معارف ومهارات أفراده. والجامعة عليها أن تتقن تحقيق أهدافها، وتعمل في إطارها، وإذا ابتعدت عنها، تشتت جهودها وضعف أداؤها.
جامعاتنا شبه مستقلة
هل أنت مع استقلالية الجامعات بذاتها؟
- يعتمد الأمر على معنى الاستقلالية ومداها، والجامعات حالياً شبه مستقلة، والتوازن مطلوب، بين مركزية تضمن المعايير والجودة والرقابة، واستقلالية تتيح مرونة الحركة والفاعلية في التطور، بخاصة أن الجامعات تتفاوت في قدراتها، وهناك العديد من الجامعات الناشئة التي لا تزال كوادرها وإمكاناتها لم تكتمل، وربما المطالبة في استقلالية أكبر في إدارة الأمور المالية، ولست على اطلاع كافٍ يمكنني من إبداء رأي حول ذلك، وعموماً يجب أن يكون الارتقاء بكفاءة الأداء هو الهدف دائماً، أياً كان وضع استقلالية الجامعات.
هل الهدف من الجامعة في المملكة العلم أم الوظيفة؟
- هذه الجدلية أشغلتنا وأنهكتنا، وفي الأصل لا تناقض بينهما، بل هما يتكاملان ووجهان لعملة واحدة، فالعلم هو الطريق إلى الوظيفة، وتركيز الجامعة يجب أن يبقى هو العلم، الذي يشمل بطبيعته تطوير الجانب النظري والمعرفي وتطوير الجانب التطبيقي والمهاري، وذلك بقدر ما يسمح مجال التخصص، وهدف الجامعة هو تخريج كوادر متخصصة وشخصيات وطنية واعية وفاعلة، والجامعات في الدول المتقدمة ذاتها، هدفها العلم وليس الوظيفة، وتُكْتَسَبْ مهارات الوظيفة المباشرة في مدة وجيزة عبر التدرب على رأس العمل، ويكون التعليم والتدريب الخاص بالوظائف المهنية والتقنية في المؤسسات التعليمية ما دون الجامعة.
وللأسف، أجد أنه تحت مظلة «حاجات سوق العمل» المطاطة، جرى «تسطيح» البرامج الأكاديمية في الجامعات، ما أفقدها قوتها وهويتها أحياناً.
الحزبية تتناقض مع طبيعتنا
ما رؤيتك للانتقادات التي تترد أحياناً بأن الجامعات تعتبر معاقل للأحزاب المختلفة؟
- الحزبية والصراعات الآيديولوجية تتناقض مع طبيعة عمل وأهداف مؤسسات التعليم، بل تفسد العملية التعليمية برمتها متى ما وجدت، فتُهْدِرْ الطاقات وتخلق أجواء مشحونة، وتؤثر سلباً في جميع تفاعلات وتفاصيل المؤسسة التعليمية وتحرفها عن أهدافها، خصوصاً أن حزبية المجتمعات العربية - للأسف - يغلب عليها التطرف الفكري والسلوك الإقصائي، وبالمقارنة، نجد حزبية المجتمعات الغربية أكثر اعتدالاً في الفكر ونضجاً في التعامل، وتنفصل كلياً عن التأثير في المؤسسات التعليمية التي تعمل وتدار بشكل احترافي بحت.
فالانتماء والتفضيل الآيديولوجي الشخصي شيء، وأمانة الوظيفة العامة شيء آخر، ومن يجعل الحزبية والآيديولوجية تؤثر في أعمال الجامعة بأي وجه، فهو يقع في خطر خيانة الأمانة، والأكاديميون بِحَقْ يُدْرِكون هذا، وهم أول من يحارب الحزبية في الجامعة.
هل نجحت جامعاتنا في نشر الوعي السياسي بين أوساط المجتمع؟
- لا يخفى أن تقدير «الوعي السياسي» يختلف من شخص إلى آخر، والمهم الوعي السياسي الوسطي الوطني البناء، وأرى أن الجامعة كمؤسسة تحقق ذلك عبر تركيزها على مهماتها التعليمية وصقل شخصية طلابها، إذ تقوم بتعزيز انتمائهم الوطني واعتدادهم بتجربة مجتمعهم ودولتهم ووعيهم بالتحديات التي تواجهها، وتعزيز الفكر الوسطي الإيجابي الذي يحفظ المصالح ويدرأ المفاسد. كما أرى أن هناك حاجة أساسية إلى استحداث مقرر سياسي وطني - يصمم بعناية وجودة عالية - لطلبة الجامعات السعودية عن تجربة المجتمع والدولة والتنمية السعودية، تحصنهم فكرياً وترسخ هذه الناحية، إضافة إلى العمل على تطوير جودة وجاذبية أنشطة الجامعة المتنوعة، الداخلية والمجتمعية وفي المناسبات الوطنية، لتسهم في نشر الوعي السياسي الوطني البناء.
انتخابات الشورى ليست غاية
مجلس الشورى، هل أنت مع من ينادي بالانتخابات للأعضاء أم ضد؟
- المسألة ليست تفضيلاً شخصياً، مع أو ضد، وإنما هي تحقيق المصلحة العامة المرجوة. فهل يتوقع أن تؤدي الانتخابات إلى وصول أعضاء أكثر كفاءة إلى المجلس وإلى تحسين أدائه وتحقيق أهدافه المرسومة كمؤسسة تنظيمية «تشريعية»؟ في تقديري الجواب: «لا».
وبإيجاز الانتخابات هي «وسيلة»، وليست «غاية» لذاتها، ونجاح آلية الانتخابات النسبي في الدول الغربية، لا يضمن نجاحها في بيئات تختلف في ثقافتها ومقوماتها السياسية والاجتماعية. وتجارب الانتخابات في المجتمعات العربية تشهد بذلك، وهي ليست مشجعة بتاتاً، كما أن للانتخابات محاذيرها، في ما توجده من استقطاب وشحن ومناخ نزاع وتوتر اجتماعي وسياسي.
إلا أن هذا لا يعني بالضرورة عدم تطوير آليات الاختيار والتمثيل والمساءلة في المجلس، وتحسين تنظيمه وإجراءاته، فهذا مطلب مستمر، ولكن يجب أن نبدع نهجاً يناسب طبيعة وأبعاد الظروف والبيئة.
سياسة المملكة بناءة
كيف تنظرون إلى السياسية الخارجية للمملكة طوال الأعوام العشرة الماضية في ظل الأزمات العربية السياسية المتلاحقة؟
- السياسة الخارجية السعودية علامة مضيئة في النهج السعودي، تتميز بأنها عقلانية ومتوازنة وبناءة، وذات صدقية عالية، أكسبت المملكة الاحترام والتقدير والمكانة الدولية الرفيعة، وأسهمت بفاعلية في تجاوز أزمات خارجية عدة، كان من أخطرها تداعيات أحداث سبتمبر 2001 في العقد الماضي، إذ تسببت ردود فعل الإدارة الأميركية الهوجاء وقتها، في تهديدات خطرة لأمن المملكة ومصالحها الاستراتيجية، تمثلت في ربط الإسلام والسعودية بالإرهاب، والتشكيك بدور المملكة وبمقومات المجتمع السعودي، ونجحت السياسة الخارجية السعودية إلى حد كبير في مواجهتها واحتوائها، بحيث أصبح دور ومكانة المملكة اليوم أقوى مما كانت عليه قبل 2001. وهذا يبين حقيقة قدرات الدولة السعودية وفاعلية سياستها الخارجية. والموضوع يطول تفصيله، فقد شاركت بورقة عن «معالجة السياسة الخارجية السعودية لأزمة 11 سبتمبر» في ندوة علمية عقدت بمدريد، في مارس الماضي.
والتهديدات للأسف متجددة، والمملكة كدأبها تعمل جهدها لاحتواء الأزمات الحالية التي تواجه منطقتنا العربية، ونأمل جميعاً بأن توفق في سعيها إلى حماية مصالحها والمصالح العربية والإسلامية.
البعض يرى أن سمعة المملكة سياسياً في الخارج تتعقد أكثر، وهناك تحالفات ضدها، ما الحل؟
- المملكة هي الدولة العربية الكبيرة المستقرة والصامدة في دعم وحماية مصالح المجتمعات والدول العربية في المنطقة، وهذا يؤرق توجهات وقوى إقليمية ودولية تسعى إلى الهيمنة على العالم العربي ومقدراته، فلا عجب أن يُعمل على تشويه سمعتها، ومحاولة الضغط عليها وابتزازها بالاتهامات المسبقة، هذا إضافة إلى ما بقي من الأثر السلبي للحملة الشرسة ضد المجتمع والدولة السعودية ومقوماتها، وتهمة الإرهاب التي أقحمت فيها ظلماً.
والوضع حقيقة يتطلب يقظة عالية من المواطنين والمحبين لهذا البلد، بخاصة أن محاولة تشويه السمعة تَتَمَوَه بإثارة قضايا حساسة اجتماعياً وثقافياً، تتعلق بالمرأة وحقوق الإنسان وطبيعة المجتمع ودور الدين وغيرها.
الشحن الإعلامي الغربي على المملكة، هل ضعف أم لا يزال؟
- لا يزال وربما في تصاعد، وخصوصاً الإعلام الشَعْبَوي الذي أصبح يركز على القضايا الاجتماعية والثقافية. كما يلاحظ تصاعد شحن ما يسمى ب«المنظمات الأهلية» التي تمولها الحكومات الغربية، وكان لها تأثير سلبي في ما شهدته الدول العربية من أحداث، وهي منظمات يجب رصدها والحذر من توجهاتها ونشاطاتها.
الثورات خلطت الحق بالباطل
ثورات الربيع العربي هل أكسبت الشعوب العربية حقوقها التي تنشدها؟ وهل هي ثورات حرية وكرامة أم مشروع تحريضي لإعادة جدولة المنطقة؟
- كِلا وجهتي النظر مطروح وله وجاهته، فمن جهة التحركات الشعبية في بعض الدول العربية لم تأتِ من فراغ، بل نتجت من تراكمات واختناقات اجتماعية واقتصادية، كان لسوء الإدارة دور كبير فيها، ومن جهة أخرى تبنت قوى دولية استراتيجيات وسياسات لإحداث تغييرات في المنطقة كرد فعل على سبتمبر 2001، عززتها لاحقاً بوسائل «القوى الناعمة»، بعد إدراك صعوبة وكلفة التغيير بالقوة. واستخدمت غلافاً أخلاقياً، تَمَثل في نشر الديموقراطية وتفعيل المجتمع المدني والمرأة وحقوق الإنسان، لتغطية وتمويه أجندتها ومصالحها الضيقة والمغرضة، ولاختراق المجتمعات العربية من الداخل وتحريضها وإشغالها بصراعاتها الداخلية، سعياً «إلى الفوضى الخلاقة»، وإعادة ترتيب المنطقة على حساب مصالح مجتمعاتها ودولها. وللأسف تماهَت مع ذلك توجهات وفئات محلية وإقليمية، تَوَهمَت تقاطع المصالح واستغلال الظرف والركوب على الموجة، بينما الواقع أنها أداة تستغل وترمى.
فما حدث هو مزيج من العاملين، وإن كنت أرى أن التأثير الحاسم كان للتحريض الخارجي، وما يشوش الرؤية حول الموضوع اختلاط الحق بالباطل.
المملكة دعمت النظام المصري الجديد بعد سقوط «الإخوان»، هل كان موقفاً إيجابياً لها؟
- المملكة معروفة بمواقفها الثابتة، وفي مقدمها دعم الشعوب والدول العربية، ومن الطبيعي أن تدعم بشكل خاص الأنظمة المتعاونة وذات التوجهات التي تخدم المصالح العربية والإسلامية، ومن هذا المنطلق مصر دولة محورية وحليف استراتيجي، وتمر بظروف صعبة تهدد استقرارها، الذي هو مسألة حيوية لاستقرار المنطقة وأمنها، وعليه فدعم خريطة الطريق المصرية، وما ينتج منها من نظام جديد، أولوية قصوى للسعودية والمصلحة العربية، وموقف المملكة مشرف وحاسم في هذا الإطار، إذ أسهم في تغيير المواقف الدولية تجاه ما يحدث في مصر.
والمُطّلِعْ يعلم أن السعودية دعمت المرحلة الانتقالية التي تلت نظام مبارك، ودعمت النظام بقيادة الإخوان، والذي للأسف بدرت منه توجهات غير مطمئنة، وانتهى بخروج جماهير الشعب المصري ضده، والمملكة لا تتحكم بخيارات الشعوب العربية، بقدر ما تتعامل مع تطور الأحداث بما ينسجم مع مواقفها الثابتة ويحمى المصالح المشتركة ويحقق أفضل فرص الاستقرار والتنمية للمجتمعات والدول العربية.
هل جماعة «الإخوان» قادرة على أن تزعزع الأمن في المنطقة؟ ولماذا التحذير المفاجئ منها حالياً، على رغم أنها موجودة؟
- يتشعب الحديث عن جماعة الإخوان، وأقصر حديثي على الجماعة كتنظيم وكحزب سياسي، فحقيقتها أنها تنظيم شمولي، منغلق على أعضائه، هدفه النهائي الهيمنة على السلطة السياسية، وتحكمه آيديولوجية وتربية فكرية خاصة، قائمة على فكرة الولاء والطاعة وترتيبات هرمية صارمة، بحيث أصبحت الجماعة تشكل مجتمعاً داخل المجتمع، وحزب الجماعة لا يمثل المعنى المتعارف عليه للحزب السياسي الوطني، إذ تُسَيِرَهُ طبيعة وآيديولوجية التنظيم والجماعة، وولائه لقيادتها ولأجندتها الخاصة أكثر من كونه يُمَثِل المجتمع والدولة ككل.
والتحذير منها جديد - قديم، فجميعنا يتذكر تصريح الأمير الراحل نايف بن عبدالعزيز - رحمه الله - عن الجماعة قبل أعوام، وكنت ذكرت قبل عامين تقريباً، ما نصه: «إن صعود الإخوان السياسي يزيد من حجم المسؤولية والمساءلة، والجميع يراقبهم ويطالبهم ويتوقع منهم توخي الحكمة وأقصى درجات المسؤولية في تصريحاتهم وسلوكهم. فهم أصبحوا في السلطة الآن، وليسوا جماعة خارجها، ولتصريحاتهم ومواقفهم تبعاتها، وواجبهم اليوم أن يتكيفوا مع وضعهم الجديد، وأن يكونوا واقعيين أيضاً في تطلعاتهم... وأنه كما تسهم الجماعة في بناء مصر الجديدة، عليها بقدر أكبر واجب أن تعيد النظر في فكرها وتنظيمها وأساليبها لتعمل في إطار سياسي مشروع وشفاف»، وحَذَرْت من أنه إذا لم تسعَ الجماعة بإيجابية في تحقيق التعاون وتنمية العلاقات العربية والإسلامية بما يخدم ويحترم مصالح الجميع، فلن تضيف للسياسة العربية سوى عبء وصفحة مؤلمة جديدة، وللأسف سارت الأمور باتجاه فتح هذه الصفحة المؤلمة.
توقعاتك لمصر في حال نجاح تنصيب المشير عبدالفتاح السيسي رئيساً؟
- يبدو أن الأمور تسير بهذا الاتجاه، والتوقع صعب لمآل الأمور، ولكن وبعيداً عن العاطفة، قد يمثل هذا أفضل الفرص لاستقرار مصر وخروجها من عنق الزجاجة، إذ تعيش مصر في حال فوضى، والنخب المدنية منقسمة وعاجزة عن تشكيل نظام متماسك يضبط الأمور ويُسَيِّر مصالح المجتمع والدولة.
والجيش هو المؤسسة «الوطنية» المتماسكة والقوية والقادرة على تحقيق الاستقرار وتوجيه الحكم بما يحفظ الكيان، ومن المستقر لدى علماء السياسة أن الدولة تحتاج إلى تركيز السلطة عندما تعاني من الاضطرابات وعدم الاستقرار أكثر من حاجتها إلى توزيع السلطة وتوسيع المشاركة، التي تؤدي في الغالب إلى تفاقم الأوضاع المضطربة، ومن المهم التأكيد أنه من المتوقع والمأمول، أن يلعب الجيش دوراً وطنياً كراعٍ للسلطة المدنية، ومحافظ على وحدة واستقرار وسيادة الدولة.
دول الخليج العربي هل هي في مأمن من الربيع العربي؟
- دول الخليج هي حقيقةً في «ربيع»، ولا تحتاج «الربيع العربي» المزعوم، ومصطلحات «الربيع العربي» و«الثورات العربية» الإعلامية مضللة، فقد طرحها الإعلام الغربي ودوائر معينة بداية، ربما بدافع التحريض، ثم تلقفها الإعلام العربي. أين «الربيع» في ما تشهده الدول العربية من اضطرابات تهدد كيانها وهويتها؟ كما أن مصطلح «الثورة» في علم السياسة لا ينطبق إلا على حالات محدودة في التاريخ السياسي، ك«الثورة الروسية» و«الثورة الصينية»، عندما ينتج تغير جذري شامل في ثقافة وكيان المجتمع والدولة عن الوضع السابق للثورة، وهذا لم يحصل لدينا إلى الآن. ندعو الله أن تتحسن الأمور إلى الأفضل في الدول العربية والإسلامية.
والواجب على دول الخليج وأية دولة، ألا تَرْكُنْ إلى ما حققته، بل تسعى باستمرار للتقدم والتنمية واستشراف التحديات ومعالجتها، وأي تراخٍ يؤدي إلى تداعيات وآثار سلبية قد تصل في حالاتها الحادة إلى عدم الاستقرار، ودول الخليج تملك مقومات وفرص كبيرة لتعزيز الاستقرار والتنمية في مجتمعاتها، واليقظة والوعي واجبة على أبناء الخليج ومسؤوليها، لتحصين مجتمعاتهم ودولهم تجاه التحريض الخارجي ومحاولاته الاختراق وإثارة البلبلة والفتن.
مطالب الإصلاح في دول الخليج مصطلح عام يتردد، هل هي حاجة أم ترف؟
- كمفهوم عام «الإصلاح» مطلب مهم، ولكن الأهم تحديد ماهية الإصلاح، فأحياناً تأتي أمور باسم الإصلاح والتطوير، لا تفيد بقدر ما تضر، فالعبرة بمحتوى الإصلاح وإجراءاته، ومقدار ما يؤدي إلى معالجة حقيقية للمشكلات ولتحسن ملموس في الأوضاع المراد إصلاحها، والحاجة مستمرة إلى الإصلاح والتطوير المُنْتِج والمدروس بعناية وهو ليس ترفاً، مع ضرورة التنبه إلى خطورة استنساخ التصورات والنماذج الجاهزة عن الإصلاح، من دون مراعاة لظروف البيئة المحلية ومن دون حُسن تقدير لأبعادها ومخاطرها، والتنبه أيضاً إلى تلبس المصالح الخاصة والضيقة بعباءة الإصلاح.
الاتحاد الخليجي لم تتضح صيغته
الاتحاد الخليجي ومستقبل دول التعاون، هل يتفق الخليجيون على ذلك؟ ومتى؟
- ربما يظهر من الأزمة الأخيرة – وسحب السفراء نتيجة لعمل بعض حكومات المجلس بخلاف أهدافه – أن مستقبل المجلس بات مهدداً، إلا أنها في نفس الوقت تحرك الواقع وتكشف مواقف الجميع – من يعمل له ومن ضده – وتضعهم أمام خيارات واضحة تجاه تقرير مستقبل المجلس. فالتسريع بالتكامل الخليجي أصبح اليوم مطلب ملح لشعوبه ودوله لتحقيق مصالحهم المشتركة ومواجهة الأخطار المحدقة.
وأتوقع أن تتضح ملامح اتفاقية الاتحاد الخليجي وتكون انطلاقته قريبة، وتبدأ ببعض الدول الجاهزة لتشكل نواة هذا الاتحاد (دون أن يؤثر ذلك على مستويات التعاون القائمة). وآمل تأتي أبعاد الاتفاقية بحيث تكون مركبة ومرنة، تتيح للأعضاء الآخرين التدرج في الانضمام لجوانب الاتحاد بحسب ظروفهم. فمن المهم التأكيد على أن يتحقق التكامل على أسس وقناعات سليمة، وبالتوافق على معالجة الإشكالات الموضوعية وتجاوز الحساسيات الضيقة وتقديم التنازلات المطلوبة، وإن أخذ هذا بعض الوقت.
ولا شك في أن نجاح الاتحاد الخليجي في مسعاه سيكون نموذجاً جيداً ونواةً لدعم وإعادة التوازن للتعاون العربي، وسيحصد نتائج هائلة تعود بالخير لجميع الشعوب والدول الخليجية والعربية.
العلاقة السياسية بين المملكة وإيران، كيف ترى مستقبلها؟
- مستقبل العلاقة يعتمد على مدى تغير سلوك الحكم الإيراني التوسعي والعدواني، الذي هو مصدر توتر العلاقة، إذ تسيطر على السياسة الإيرانية قوى متطرفة وطائفية، تسعى إلى الهيمنة على المنطقة، وتستغل العاطفة المذهبية لتحقيق أجندتها الصفوية، وعلاقة هذا الحكم المتطرف متوترة أيضاً مع المجتمع الدولي، بل ومع قطاعات واسعة من الشعب الإيراني، وتجد في أي بلد حَلَ به المد الصفوي الإيراني الفتنة والطائفية والاضطراب، وهو يعمل على إقصاء التشيع العلوي المعتدل ويسعى إلى الهيمنة على الشيعة العرب، وأضر بمصالحهم وعلاقتهم بدولهم ومجتمعاتهم، وهو يحارب قياداتهم ومن يعترض منهم ويحاول طمس هويتهم العربية، لحساب إلحاقهم كأتباع، واستغلالهم كأدوات في خدمة أجندته التوسعية.
والقيادة السعودية حذّرت الحكم الإيراني مباشرة من تدخله في الشؤون العربية ونتائجه السلبية، في الوقت الذي تحرص فيه على وجود علاقة تفاهم وتعاون جيدة مع إيران المجتمع والدولة، وسعت إلى ذلك مرات عدة، آخرها عند وصول الرئيس روحاني للسلطة، إلا أن ما يفسد تحسين العلاقة هو تعنت الحكم الإيراني، واختلاف أقواله «المعسولة» عن أفعاله «الخبيثة» على الأرض، وللأسف هناك صعوبة في أن يغير هذا الحكم نهجه المتطرف، إذ إنه بَنى شرعيته عليه، وأصبح أسيراً له. ومن المهم الصبر والحكمة في التعامل، فالمتطرف يقع لا محالة في شر أعماله، ويدمر نفسه في النهاية.
صفاقة إىرانية
إيران اتهمت المملكة رسمياً بدعم الإرهاب، وأنها خلف الاعتداءات على ديبلوماسييها في اليمن ولبنان، هل هذا رد فعل على شكاوى المملكة لمجلس الأمن بتدخلها في الشؤون الداخلية للدول العربية؟
- هذه «صفاقة» ونفاق وكذب مفضوح، والحكم الصفوي هو من أسس للإرهاب ويمارسه ويدعمه في المنطقة، وتهمة الإرهاب الجاهزة هي من أدوات دعايته الكاذبة، يلقي بها للتشويش والإساءة، ولتبرير تحركاته والتغطية على أجندته الصفوية التوسعية، التي هي أهم مصادر الإرهاب. وقد علا صوته وأذنابه بها أخيراً للتمويه على استخدامهم الإرهاب، وجرائمهم ضد الشعب السوري، وللّعب على مخاوف الغربيين من موضوع «الإرهاب». ومعلوم أن المملكة هي من تقاوم الإرهاب بفاعلية ونجاح، وتقود الجهود الدولية لمواجهته، باعتراف المتخصصين والجهات الرسمية الدولية ذات العلاقة. والإجراءات الأخيرة وغير المسبوقة التي اتخذتها السلطات السعودية خير دليل على ذلك.
المملكة لا تحتاج إلى إعلام يُحسن صورتها.. بل إلى ما يعكس حقيقتها
يؤكد الدكتور وليد السديري أنه، «من المعلوم أن دور وتأثير الإعلام أصبح اليوم كبيراً ومتعاظماً، وأبعاد المسألة الإعلامية معقدة ومتشعبة، وتحديداً ما يتصل بالجانب السياسي، وعن الإعلام كمؤسسة ووظيفة ونهج، وليس كأفراد، إذ يلاحظ المراقب أنه على رغم أن المملكة تتمتع بإمكانات وقنوات إعلامية كبيرة ومتنوعة، داخلية وخارجية، وبحضور كبير في المحتوى الإلكتروني العربي، إلا أن هناك قصوراً واضحاً في بلورة وسائط ومحتويات إعلامية ذكية ومقنعة، تصل إلى عقل المتلقي ووجدانه، وتبرز النواحي الإيجابية والبناءة التي تميز السياسة والمجتمع السعودي».
ويضيف: «هذا أمر غير مقبول، ولا يواكب أبداً تطور التجربة السعودية ونهضتها، بل نجد أحياناً أن تأثير الإعلام يكون سلبياً، عندما يقدم محتويات مهزوزة وضعيفة ويضخم السلبيات ويغفل الإيجابيات، ويتعرض إلى مقومات الهوية، أو عندما يتماهى مع توجهات الإعلام الغربي المتحيزة»، مشيراً إلى أن «الإعلام أصبح اليوم سلاحاً ذا حدين، ويحتاج إلى تطوير محتواه وآلياته، وتنسيق جهوده في تقديم خطاب سياسي ناضج ومتناغم، لينهض بدوره في التوعية السياسية البناءة، بما يُوَحِّد المجتمع ويُذْكِي الروح الوطنية الإيجابية، ويحمي المصالح تجاه التحديات الداخلية والخارجية، كما يحتاج الإعلام إلى تفعيل النقد الذاتي داخله لمعالجة إشكالاته وبلورة هوية إعلامية سعودية فاعلة ومنتجة. فالإعلام عادةً ما يتقمص دور «الوصي الراشد»، وهو حقيقةً ليس بوصي وليس براشد، بل يعتريه ما يعتري غيره من خلل، وأحياناً بصورة أسوأ، والخلاصة، أن المملكة لا تحتاج إلى تحسين صورتها، بقدر ما تحتاج إلى إعلام جيد يعكس حقيقتها».
ورفض السديري وصف المحللين السياسيين في القنوات الفضائية ب«الضعفاء»، وقال: «لا أستطيع الجزم بهذا، ولكن باختصار تعتمد جودة التحليل السياسي على ثلاثة أركان، هي: تمكن المحلل من الجانب العلمي واستيعابه لأصول وأدوات ونظريات التحليل السياسي - وهذا يقدمه علم السياسة -، وتوافر المعلومات الصحيحة عن الحدث أو القضية محل التحليل، ومَلَكَة وقدرة المحلل السياسي في توظيف معرفته العلمية في تحليل الحدث، كما أن التحليل السياسي يتدرج في ثلاثة مستويات من العمق والصعوبة، هي: «فهم» الحدث، و«تفسير» أسبابه، و«توقع» مآلاته، وهو يتناول أحداثاً سياسية بطبيعتها معقدة الأبعاد ومتغيرة المجريات، ويسعى للوصول إلى حقائقها، بعيداً عن العاطفة والتحيز، بحيث ينتج معرفة سليمة يمكن البناء عليها».
سيرة ذاتية
- دكتوراه الفلسفة في تخصص علم السياسة، جامعة أريزونا (الولايات المتحدة الأميركية).
- التخصص الرئيس: العلاقات الدولية (مع تركيز على الاقتصاد السياسي العالمي والسياسة الخارجية).
- التخصصات الفرعية: السياسة المقارنة، والسلوك السياسي، وأساليب البحث العلمي في السياسة.
- عنوان رسالة الدكتوراه: «أنواع الحكومات والأداء التنموي: دراسة تجريبية عن تأثير السيطرة العسكرية على الحكومات على عملية التنمية الاقتصادية، للفترة من عام 1951 إلى عام 1990».
- ماجستير في علم السياسة، جامعة أريزونا (الولايات المتحدة الأميركية).
- بكالوريوس في العلوم السياسية، جامعة الملك عبدالعزيز، المملكة العربية السعودية.
المسؤوليات الحالية:
- المشرف على برنامج السياسة العامة في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة.
- عضو الهيئة التعليمية بقسم العلوم السياسية، كلية الاقتصاد والإدارة، جامعة الملك عبدالعزيز.
- نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للعلوم السياسية (SPSA).
- رئيس «بيت الخبرة لدراسات السياسة العامة».
- أصدر بحث «العقلانية في سلوك التصويت الانتخابي»، سلسلة دراسات استراتيجية، في أبوظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2012.
- قدم ورقة عمل «السياسة الخارجية السعودية في ما بعد 11 سبتمبر 2001»، في الندوة الثالثة لكرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل الاعتدال السعودي، (مدريد 20-21 مارس 2013).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.