الشتاء يحل أرصادياً بعد 3 أيام    عامان للتجربة.. 8 شروط للتعيين في وظائف «معلم ممارس» و«مساعد معلم»    الأسهم الأوروبية تغلق على تراجع    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    وصول الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    الهلال يتعادل إيجابياً مع السد ويتأهل لثمن نهائي "نخبة آسيا"    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    الفالح: المستثمرون الأجانب يتوافدون إلى «نيوم»    أمير الرياض يطلع على جهود "العناية بالمكتبات الخاصة"    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    اكتشاف كوكب عملاق خارج النظام الشمسي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    الرياض الجميلة الصديقة    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    قمة مجلس التعاون ال45 بالكويت.. تأكيد لوحدة الصَّف والكلمة    7 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق العائلات في غزة    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    حوادث الطائرات    سيتي سكيب.. ميلاد هوية عمرانية    المملكة وتعزيز أمنها البحري    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    مبدعون.. مبتكرون    هؤلاء هم المرجفون    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر حمزة المزيني: الدعاة الجدد «ممثلون» وما يقومون به لا يزيد عن كونه تهريجا!!
نشر في المدينة يوم 10 - 02 - 2011

شن الأستاذ الدكتور حمزة المزيني هجومًا عنيفًا على "الدعاة الجدد" مشيرًا إلى معظمهم يصلح لأن يكون ممثلاً، مبينًا أنهم يجنون أموالاً طائلة نظير ظهورهم على شاشة التلفزيون مقدمين كلامًا لا طائل منه ولا يزيد عن كونه تهريجًا.. كما حذّر المزيني من الوافدين الإسلاميين إلى أرض المملكة العربية السعودية منبّهًا إلى أنهم يشتغلون على مشروع حزبي منذ العام 1928م هدفه الاستيلاء على الحكم.. كذلك انتقد المزيني النهج الذي اتبعته كثير من الجماعات والتيارات الإسلامية في مواجهة الرسوم المسيئة لشخص الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم، مبينًا أن ما كانوا يقومون بهذه الحملة كانوا يحملون أهدافًا سياسية تعمل على الهيمنة وإقصاء التيارات الأخرى، مؤكدًا أنهم أضروا بقية المسلمين أكثر مما أفادوها بهذه الحملات الغوغائية وأن الرسام الذي تولى كبر هذا الجرم اكتسب جرّاء ردات الفعل غير المنضبطة شهرة أصبح يفاخر بها.. في هذا الجزء الأخير نقف رأي المزيني في ما يخص المرأة السعودية، وأوجه الاختلاف بينه وبين الشيخ المنيع، وماذا دار في أعقاب ندوته بأدبي الطائف، وأسباب تهديده بالقتل، وموقفه من الإصلاح.. والعديد من المحاور الأخرى.. دعني أبدأ معك دكتور حمزة في هذه الحلقة برأيك في المرأة السعودية. أنا لا أحبذ الدخول في مثل هذه القضايا. نريد الحديث عن المرأة السعودية. المرأة السعودية مثلها مثل بقية نساء الدنيا. لماذا نريد منها أن تكون مختلفة؟ المرأة في الثقافة السعودية لها بعض الخصوصيات الثقافية المختلفة نوعا ما عن خصوصيات أخرى في ثقافات أخرى. لكنها تشبه النساء في العالم أجمع في كثير من الجوانب المتعلقة بالحقوق والواجبات. فلماذا نجعل من ذلك مشكلة. لماذا نختلق المشكلة؟ الرجال هم الذين يجعلون من هذا الأمر قضية. ليست لك علاقة بقضايا المرأة ولا تريد الحديث فيها! ليس شرطا أن أكتب في القضايا كلها. هناك قضايا أنشغل بها عن الخوض في كثير من القضايا الأخرى، ومنها هذه القضية . ولكنك انتقدت الشيح عبدالله المنيع وطالبته ألا يحسن الإشارة إلى تميز المرأة السعودية عن غيرها من النساء في المجتمعات الإسلامية. وقلت عطفًا على ذات المقال: إن الإشارة إلى تميز المرأة السعودية "بالوقار والحشمة والحجاب والشعور بمسؤوليتها تجاه دينها وبيتها وأولادها وزوجها وتميزها عن شرائح المجتمعات النسائية في العالم بسلوكها السليم وصلاحها وعفافها..."؟ هل تعتقد أن المرأة السعودية غير ما قال به الشيخ المنيع؟ كان ذلك أول موضوع أكتبه في صحيفة الوطن عن قضية المرأة. ولم أتحدث عنها ثانية لأن الحديث فيها أصبح مبالغًا فيه. اكتفيت بما قلته في ذلك المقال. وكان ما حفزني إلى ما كتبتُه أن الشيخ الجليل يكتب مثل هذا الكلام الجميل عن المرأة السعودية ثم يكتب ما يفهم منه أنه لا يمكن الوثوثق بها إذا ذهبت وحدها لأي مكان. يقول في مقاله إذا خرجت المرأة وحدها يمكن أن تذهب إلى أماكن ربما تكون مشبوهة. هذا كلامه. مع مدحه لها بالصفات السابقة لكنه لا يثق بها إذا خرجت وحدها. عزوف عن النقاش ألا ترى أن للمرأة قضايا تستحق المناقشة؟ مرة أخرى لا أريد أن أدخل في هذه القضايا لأنها لا تناقش بموضوعية. كان ذلك أول وآخر مقال كتبته عن هذا الأمر لأني أشعر أن المرأة أقدر على الحديث عنه وأكثر موضوعية. وقلت أيضًا: "كما يبدو واضحًا من مقال الشيخ المنيع أن تفضيله للمرأة السعودية على نساء العالمين ووصفها بهذه الصفات الممتازة ليس مدحًا حقيقيا للمرأة السعودية يمكن أن يفهم منه أن الصفات التي أسبغها عليها صفات ذاتية نابعة من داخلها نتيجة "للتربية والسلوك والبيئة...". أما نظرة الشيخ المنيع الحقيقية للمرأة السعودية فتطل علينا من خلال تعبيرات أخرى وردت في مقاله. كأنك تشي إلى أن الشيخ المنيع يحتقر المرأة أو يزدريها. لا أعني الشيخ المنيع شخصيا لكني أتحدث عن الثقافة كلها. المجتمع والثقافة هما اللذان تحدثا من خلال الشيخ وهو وليد هذه الثقافة لذلك يقول هذا الكلام. الباحثون عن البروز هل تعني أن الثقافة المجتمعية تحتقر المرأة؟ كما قلت لك لا أريد الحديث عن هذا الأمر لأنه لا يمكن تناوله بموضوعية. هناك قضايا في مجتمعنا يمكن للكاتب أن ينشغل بها. مثل ماذا؟ لندع المرأة تتحدث عن قضاياها بنفسها. الرجال هم الذين اختلقوا قضية لأنفسهم. لا أعمم ولكن كثيرًا من الذين يتحدثون عن قضايا المرأة يريدون اختلاق قضايا ليبرزوا من خلالها. كتابة منافقة كثرت الإساءات إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في أكثر من صحيفة غربية.. وانبرى المسلمون يدافعون عن نبيهم الكريم.. والكن البعض يتهم المزيني بأنه لم يكتب مقالاً واحدًا يفنّد مزاعم هذه الصحف الغربية. - هل تتوقع مني أن أكتب مقالاً عن هذه القضية باللغة العربية لكي يقرأه العرب؟ إذا كان لي أن أكتب فعلي أن أكتب باللغة الإنجليزية أو الألمانية أو الفرنسية ليقرأها المتكلمون بتلك اللغات، وهم الذين اطلعوا على الرسومات والكتابات المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم بتلك اللغات. وقد تبين أن الدافع لكثير من ردات الفعل التي تجاوزت الحدود على تلك الإساءات لم يكن إلا استغلالا لتلك الأزمة لإسكات التيارات الأخرى. أنت تخدم الرسول صلى الله عليه وسلم حين تكون مثالاً جميلاً يحبب الآخرين فيك وفي ثقافتك وقيم دينك التي جاء بها الرسول الكريم. أما التظاهر وقتل الآخرين وإحراق ممتلكاتهم فيمكن أن يستغل بصفته دليلا على أن طبيعة المسلمين الأساسية هي الميل إلى العنف وهذا يمكن أن يصل إلى اتهام الإسلام كله بأنه دين عنف. أما إن كنت تريد أن أكتب باللغة العربية ليقرأ العرب ما أكتبه فيعرفون أني أدافع عنه صلى الله عليه وسلم فهذا نفاق. إذا كتبت عن هذه القضية بالعربية فمن المؤكد أنه لن يقرأ الغربيون العاديون هناك ما كتبتُه، بل سيقرأ هنا، وسنقرأه أنا وأنت والذين يقرأون العربية من المسلمين ممن يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم. لست بحاجة لكي يذكرني الآخرون بمقام النبي صلى الله عليه وسلم. هؤلاء لا يخافون الله حين يصدرون هذا الكلام باتهام المسلمين. سماحة مفتي المملكة قال كلامًا ضد هذه الهوجة. وقال إن هذه ليست الطريقة المثلى للدفاع عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم. كثيرون استخدموا هذه القضية لتحقيق أهداف خاصة بهم. ردود فعل هوجاء ما هذه الأهداف؟ أهداف سياسية تتمثل في الهيمنة وإسكات الآخرين. هل هذا يعني أنه إذا أساء أحدهم لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم علينا كمسلمين أن نصمت؟ كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعرض للأذى ويصبر. لماذا لا نقتدي به صلى الله عليه وسلم؟ ومن الأدلة على المعالجة غير الصحيحة لهذه الأزمة أن بعض زعماء المسلمين في الدانمارك الذين تسببوا في إشعال عواطف المسلمين جاؤوا بعد تفاقم الأزمة إلى البلدان الإسلامية ليبينوا أن القضية استغلت وأخرجت عن النطاق الطبيعي لها، وانعكست سلبا على المسلمين داخل الدنمارك نفسها. ليست هذه المرة الأولى التي يستهزأ فيها بالرسول الكريم. لكن الله تعالى كفاه المستهزئين. لذلك فإن الحليولة دون الاستهزاء به الآن تقتضي عدم تشويه المسلمين لرسالته بتطرفهم وعدائهم المجاني للآخرين. إن الاستهزاء به عليه الصلاة والسلام وجد منذ بداية الدعوة الإسلامية، لكنه لم ينقص من مقامه صلى الله عليه وسلم. إن النتيجة المهمة الوحيدة لهذه الأزمة تتمثل في الشهرة التي اكتسبها رسام هذه الرسوم الكريهة، وقد افتخر بأنه أصبح بعدها مشهورًا في العالم كله. وكنت كتبت مقالا بعنوان "النزول من الشجرة"، وكان تعليقا على المؤتمرات التي اضطر بعض علماء المسلمين وناشطيهم أن يعقدوها ليعالجوا ردود الفعل الهوجاء التي شوهت سمعة المسلمين أكثر مما شوهها أي شيء آخر. وما كان أولئك الفضلاء بحاجة إلى عقد مثل تلك المؤتمرات لو أنهم قاموا بواجبهم منذ بداية الأزمة ليبينوا أن تجاهل تلك الإساءة كان هو المنهج الأوفق ولكي لا يستفيد منها المسيئيون أنفسهم. اقتداء مطلوب إذا تكررت هذه الإساءات، ما هو الموقف الذي ينبغي على المسلمين أن يفعلوه من وجهة نظركم؟ عليهم أن يقتدوا بالرسول صلى الله عليه وسلم. هذه الأحداث والتظاهرات ضد الدانمارك لم يستفد منها إلا المتطرفون في العالم الإسلامي وفي الغرب. هؤلاء لم يتنمروا ويصبح لهم مكانة إلا بعد هذه الأحداث الهوجاء. المسلمون في السويد والدانمارك كانوا يعيشون في أوضاع أفضل من أوضاعهم بعد ردود الفعل الهوجاء. بل إن هذا ما اكتشفه زعماؤهم الذين جاؤوا إلى العالم الإسلامي ليبينوا أن ردود الفعل الهوجاء التي حدثت في الدانمارك وغيرها لا تمثل ردود فعلهم هم. تشنج متحفّز كان لمحاضرتك في نادي الطائف الأدبي حول تغيير المناهج الدينية في السعودية حكاية طويلة.. هل لك أن تحكي لنا أجواء هذه المحاضرة؟ - كانت جزءًا من الحراك الثقافي بين التيارات المختلفة. الكلام الذي قلته في تلك المحاضرة لا يستحق ردود الأفعال التي جاءت بعده. وأساس المشكل أن معظم "المتطوعين!" الذين حضروا تلك المحاضرة لم يكونوا يستمعون لما أقوله بل كانوا يتحدثون بالهواتف أو يتهامسون بعضهم مع بعض في أثناء ما كنت أتكلم. لم يكونوا يستمعون لما أقوله. وكنت ألقيت المحاضرة ارتجالاً وأتابع ردود أفعال الحاضرين مباشرة لأني كنت أنظر إليهم في أثناء ما كنت أتكلم. كانوا جاهزين ليتصرفوا بالكيفية التي تصرفوا بها ومهيئين لردود الأفعال المتشنجة التي أبدوها. ولماذا أعتذر المزيني بعدما أخبر بوجود جيش من الحضور؟ اعتذرت؟ نعم؟ لم أعتذر ولم أعلم بأن هناك مشكلة إلا بعد أن دخلت لإلقاء المحاضرة وشاهدت ذلك التحفز. ولكن يقال إنك طالبت في المحاضرة أن الغرب لم يتفوق إلا بعد تغير مناهجه العلمية وتحدى في ذلك الاتحاد السوفيتي !! آفة الأخبار إلا رواتها. كلامي كان أكثر علمية ودقة مما روي لك! ماذا قلت إذن؟ تحدثت في قضايا كثيرة تخص التعليم، ومنها أن تغيير المناهج أمر طبيعي عند أية أمة وفي أية فترة زمنية. وحين تشعر أمة بأنها مقصرة في السباق العلمي أو العسكري أو الاقتصادي أو الثقافي فإنها تسارع لاتهام التعليم تلقائيا وتندفع مباشرة وبهمة عالية لتحديث مناهجها. ما الغرابة في هذا الكلام؟ وقلت إن التيار السلفي لم يفلح في هداية الناس!! الذين رووا هذا الكلام يجب عليهم أن يتعلموا كيف يستمعون. ما قلته يمكن أن يلخص في أن العنف في مخاطبة الناس لا يمكن أن يكون الطريق الصحيح لهدايتهم. محاكمة النوايا واتهمت -الكتب الدينية- لأنها لا تساعد في بناء الشخصية الإسلامية؟ - نعم، وكنت أقصد المناهج الدينية في التعليم العام. ولذلك يحفظ الطلاب النصوص الدينية ويخالفونها دائما. ولكن بعض الحاضرين طالب بنقاشك ولكن رفضت أو رفض النادي فلما لم تقدم على مناقشته؟ لم رفض مناقشة أحد، ولم أكن مدير الجلسة لأتحكم في إدارتها. وكان ذلك من مهمة مدير الجلسة. الذي أتذكره أني أجبت عن الأسئلة التي وجهت لي كلها. إذن الرفض لم يكن منك وإنما من مدير الجلسة! لم يكن هناك رفض وإنما كان تنظيما. وعلى كل لست مسؤولا عن أية أمور تنظيمية. من الطريف أن معظم "المتطوعين" الذين حضروا الجلسة ولم يستمعوا إلى كلمة مما قلته رفعوا أيديهم للتحدث وطلب المداخلة وتوجيه الأسئلة! ولكن البعض يقول إن ذلك تم بإيعاز منك! هؤلاء يقرأون النوايا ويدعون علم الغيب. ضد الأحكام الجزافية على خلفية ملتقى: "الثقافة الإسلامية" كتبت تقول: ونتيجة لزيادة عدد الطلاب والطالبات – تقصد في جامعة الملك سعود- في السنوات التالية توسع القسم توسعًا كبيرًا، وصار بحاجة إلى الاستعانة بمتعاونين من خارج الجامعة. ومن الطبيعي أن كثيرًا من أولئك المتعاونين ينتمون إلى التيار نفسه. وكان بعضهم يكلف الطلاب والطالبات بالاستماع إلى بعض الأشرطة المسجل عليها محاضرات رموز هذا التيار وتحليلها". ألا تعتقد أن جميع جامعاتنا تسير على هذا النهج؟ . في فترة معينة نعم. وهذا ما كان يفعله بعض الأساتذة في قسم الثقافة الإسلامية في الجامعة التي كنت أنتمي إليها. أنت تتحدث عن الثقافة الإسلامية وأنت متخصص في اللغة العربية. لدي أبناء وبنات يدرسون في جامعة الملك سعود، وأنا أطلع على المناهج التي يدرسون، وأعرف ماذا يدرسون، وألتقي بطلاب يحدثونني عما درسوه فيها. هل تعتقد أن ما قلته عن مادة الثقافة الإسلامية ينسحب على جميع
الجامعات؟ أتحدث عن جامعة الملك سعود ولا أدري عن الجامعات الأخرى. لا أستطيع إطلاق الأحكام جزافا. أمور جانبية وما رأيك أنت في الثقافة الإسلامية في الجامعات الأخرى؟ لا أدري ماذا يدرس فيها الآن. أما الكلام الذي كتبته عن هذه المادة في جامعة الملك سعود فهو كلام مشابه لما يقوله مدير الجامعة الحالي الدكتور عبدالله العثمان، وهو ليس سعيدًا بما يجري فيها. وأكد في لقاء نشرت بعض الصحف تقريرا عنه أن تغيير مناهج هذه المواد "يعني تعزيز التحصيل المعرفي للطلاب والطالبات ومعالجة القضايا المعاصرة، وتعزيز الفكر الوسطي. وتمكين الطالب من تحصيل معرفي جيد يعود عليه ببناء خلفية علمية أكاديمية تفيده في الحياة العملية. وقد أخذ على هذه المواد غياب ذلك منها". الدكتور العثمان يهدف إلى تحسين ما يدرسه الطلاب والطالبات؛ لهذا يطمح إلى أن يكون ما يدرسونه مفيدا لهم وبعيدا عن إشغالهم بأمور جانبية. ادعاءات إيديولوجية قلت:" يجب استنقاذ هذه المواد من سيطرة المؤدلجين لتكون نافعة للطلاب في قضايا عملية وأخلاقية هم أحوج ما يكونون إليها بدلا من إشغالهم بمقررات تغلب عليها الأدلجة "الصحوية"، ويغلب عليها الحشو والتقليد والتطفل على تخصصات دقيقة ليس الطلاب كلهم في حاجة إلى الانشغال بها".هل لك أن تبسط لنا القول في هذه المسألة؟ تشتمل بعض هذه المواد على قضايا اقتصادية ونظريات سياسية تقوم على خلفيات نظرية عميقة لا يستطيع أكثر الطلاب متابعتها والاستفادة منها. وكثير من هؤلاء الأساتذة لا يزالون يتحدثون عن الشيوعية والنظام الشيوعي مع أن الأدلجة الشيوعية انتهت، وانتهت الأنظمة الشيوعية في العالم كله ولم تعد تهدد أحدا. ثم إنهم حين يتحدثون عن نظام الحكم في الإسلام ربما يعني ذلك أن نظام الحكم في المملكة ليس نظاما إسلاميا، وحين يتحدثون عن النظام الاجتماعي في الإسلام ربما يعني أن نظام المملكة الاجتماعي ليس إسلاميا. هذه ادعاءات إيديولجية معروفة راجت في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الميلادي الماضي وروجت لها برامج الإخوان المسلمين في مصر. تفسيق وتكفير ألا زالت موجودة في جامعاتنا؟ أخذت تخف الآن. فقد بدأ بعض المؤدلجين يتبرأون منها وينصرفون عنها. لكن المشكل أنه حل محلها ما هو مثيل لها في السوء، وهو تعمد بعض المتطرفين الذين يدرِّسون هذه المواد الانتقاص من المذاهب الإسلامية الأخرى وتفسيق أتباعها وتكفيرهم. طالبت إلى إعادة بناء المناهج في كليات الشريعة التي تمد المؤسسات الدينية بمن يعمل فيها ليتسع المجال فيها لدراسة الآراء المختلفة، وتدريب الطلاب على النظر إلى الاختلافات الفقهية على أنها مصدر ثراء وليست سببا للخلاف والقطيعة..! نعم. وعندما سألتك عن الجامعات الأخرى وعن مادة الثقافة الإسلامية قلت إنك لا تعرف شيئًا عنها والآن تطالب بإعادة بناء مناهج كليات الشريعة. من أين لك هذا الحكم إذا لم تكن تعرف ما فيها؟ هذا واضح. أغلب الكتب التي تدرس في هذه الكليات هي الكتب القديمة نفسها ولم يعرض لها أي تجديد من حيث المناهج أو المحتوى أو سعة التناول، هذا ليس رأيي وإنما يقوله غيري من المتخصصين في هذه العلوم ويعملون في هذه الكليات. حكمي مبني على ملاحظاتي الشخصية وعلى نوعية مخرجات كلية الشريعة وعلى ما يقوله المتخصصون في كليات الشريعة نفسها. لماذا لم تبن رأيك في كليات الشريعة الإسلامية؟ - تحدثت عن هذه القضية في بعض ما كتبت، لكني لم أتوسع فيها، وهو ما يجب تناوله لأهميته ولاتصال الدراسات الشرعية بمناحي الحياة كلها في بلادنا خاصة. هل جامعة الملك سعود ينسحب عليها نفس وضع جامعة أم القرى وجامعة الملك عبدالعزيز؟ يحتاج هذا الأمر إلى استقصاء علمي متأن ولا تكفي عن ذلك الانطباعات العابرة مهما كانت عميقة. لكنك هنا تقول رأيك في ما تريده ولا تقوله في ما لا تريده؟ ألا ترى أن كليات الشريعة أوسع من مادة ثقافة إسلامية؟ - قضية الثقافة الإسلامية مختلفة عن قضية كليات الشريعة الإسلامية. الكتب التي تدرس في كليات الشريعة تتعلق بالعلوم الإسلامية الأكاديمية مثل علوم التفسير وعلوم أصول الفقه والمدارس الفقهية، وغيرها. أما مناهج الثقافة الإسلامية فالقصد منها مساعدة الطالب على تبني مواقف ثقافية من القضايا الدينية والاجتماعية والسياسية. أنت تطالب الآن بإعادة النظر في مناهج كليات الشريعة. طبعًا وهذا ليس رأيي أنا... أنا أسألك عن رأيك أنت. أشارك الذين يتحدثون عن ضرورة تجديد الخطاب الديني الإسلامي خاصة في كليات الشريعة لأن هذه الكليات هي التي تخرج لنا القضاة والأئمة والخطباء وغيرهم. كليات عاجزة أتعتقد أن هذه الكليات هي سبب اللغط الدائر حاليًا؟ - ما دامت كليات الشريعة محافظة على مناهجها القديمة فهي لن تكون قادرة على التعامل مع متطلبات العصر الحديث بقضاياه المتكاثرة. القضية هي بناء شخصية واسعة الأفق والاطلاع على التراث الديني المتنوع وعلى معطيات العصر المتكاثرة. قلت إن «وفود أعداد كبيرة من الحزبيين «الإسلاميين» من مختلف البلاد العربية والإسلامية؛ وكانت لهم حظوة سهلت لهم التمكن من توجيه التعليم. فقد تولوا رسم خطط التعليم العام ووضعوا مناهجه، وتجاوزوا ذلك إلى الجامعات والكليات فوضعوا كثيرًا من مناهجها بحسب توجهاتهم الحركية ابتغاء تخريج أفواج من المعلمين الذين ينتمون إلى التيار الحركي".. هل لا زلت تعتقد أن الحزبيين الإسلاميين ما زالوا يرسمون خطط التعليم العام، ويضعون منهاجه؟ هي ليست عقيدة فلماذا تصفها بذلك؟ هذا مجرد وصف لواقع. ذلك أنهم يشتغلون على إنجاز مشروع قديم منذ 1928م وهو مشروع حزبي يهدف للاستيلاء على الحكم.. حاولوا ذلك في مصر في السابق، والآن هم يشاركون في حكم مصر. شعارهم أن الإسلام هو الحل وفي الحقيقة يرون أنهم "هم" وبرامجهم السياسية والاجتماعية الحل. تحجيم المؤدلجين وهنا في المجتمع السعودي. استولى هؤلاء منذ أوائل الثمانينيات الهجرية من القرن الماضي على توجيه التعليم العام والجامعي والتخطيط لهما. وجاء من بعدهم تلاميذهم السعوديون ليكملوا المسيرة التي لا تزال تحاول إنجاز تلك المهمة. حتى الآن!! نعم حتى الآن. والمخرج هو إعادة المناهج من جديد في رأيك. المخرج هو إصلاح التعليم والحد من سيطرة المؤدلجين عليه. ومن يقوم بهذا الإصلاح؟ من هم؟ - لدينا متخصصون في الدراسات الإسلامية والدراسات اللغوية والدراسات العلمية في مختلف تخصصاتها ومثقفون واسعو النظر يستطيعون رسم مناهج علمية في هذه المناحي بعيدا عن روح التجييش. بعض تلاميذ الإخوان المسلمين كانوا يقولون نريد طلابنا أن يكونوا فرسانا ومجاهدين لكن الواقع أننا لسنا بحاجة إلى مثل هؤلاء؛ نحن بحاجة إلى علماء شرعيين واعين، وعلماء في العلوم الرياضية والعلوم الدقيقة الأخرى، وأطباء، وغير ذلك من المتخصصين الأكفاء في العلوم كلها. وعلى العموم نحن بحاجة إلى مواطنين صالحين يحافظون على مقدرات بلادهم ومنجزاتها، بل إلى مواطنين يحرصون على رعاية مناحي الحياة فيها كلها بدءا من نظافة شوارعها، وانتهاء بأن يكونوا نظيفين في دواخلهم وخوارجهم. تيار إصلاحي شهدت الساحة الفكرية في المملكة العربية السعودية على مدى شهر كامل سجالاً حاميًا حول جملة من المواضيع الجدلية المتعلقة (باصطلاحات الإصلاح السياسي).. وكان موضوع (الدولة المدنية) الذي فجر شرارات السجال في أول وهلة هو المرآة التي انعكست عليها- بوضوح- خبايا الصراع الفكري (السياسي) بين التيارات الإصلاحية في المملكة.. ماذا تقرأ من هذا السجال؟ لم أشارك في هذا النقاش. وهي قضايا مهمة لكن هناك قضايا غيرها يمكن الاهتمام بها. وهل هناك تيار إصلاحي في المملكة؟ طبعا هناك تيار إصلاحي قوي يقوده خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله -وينتمي إليه كثير من المواطنين من مختلف المشارب ويعملون على إنجازه. وأنا أشارك بقدر جهدي في هذا التيار من خلال الاهتمام ببعض القضايا المحددة التي تشغلني وأنشغل بها.. ما هي؟ مثل قضايا الأهلة والمناهج وبعض القضايا الفكرية والثقافية واللغوية. ربما كانت قضية الأهلة في سبيلها إلى الحل لكن بقيت قضية المناهج، وقضية الاندماج الاجتماعي بين المكونات المذهبية والفكرية والمناطقية في المملكة وهي قضية لا تزال تنتظر الحل الجذري الذي يخرجها عن أن تكون أداة للتنازع بين التيارات الفكرية المختلفة. الحوار وحده عن تلك القضايا ربما يكون قيمة بنفسه. ألا ترى أن تعديل المناهج هو دعوة للإصلاح؟ بكل تأكيد فإن إصلاح المناهج بالمواصفات التي يحددها المتخصصون إنما هي دعوة للإصلاح سينشأ عنها في المستقبل إصلاح كثير من شؤوننا. الكاتب مثل بقية المواطنين له اهتمامات معينة يجد نفسه فيها ويتحدث عنها. هل يعني هذا أن الدكتور حمزة المزيني ينتقي قضاياه؟ - هناك قضايا كثيرة في مجتمعنا تستحق الاهتمام بها. ما يهمني هو أن مشكلاتنا كلها إنما هي نتائج لمشكلة ثقافية متعددة الوجوه. أنا أهتم ببعض هذه القضايا والبعض الآخر لا أجد الوقت للانشغال به ويمكن أن ينشغل بها آخرون. المناداة بالدولة المدنية أليس أمرًا مهمًا؟ لم أشارك في مناقشة هذه القضية، لأني منشغل بالقضية الثقافية التي ربما تكون هذه القضية نتاجا لها. ماذا عن التيار الوطني الإصلاحي هل هو موجود؟ هو موجود ويخترق التصنيفات المألوفة كلها. فهناك متخصصون في الشريعة والأدب والثقافة والفكر والعلوم وفي كثير من المجالات الأخرى، وكثير من المواطنين خارج هذه التصنيفات، يشاركون في هذا التيار. ومن الذين يمثلونه في اعتقادك؟ لا يمكن حصر الأسماء. الإصلاح بمختلف أنواعه رغبة وطنية عامة نتطلع جميعا ونعمل كل في ما يحسنه إلى إنجازها. هل هناك مكتسبات ميدانية لهذا التيار الإصلاحي؟ من يقارن المملكة الآن بما كانت عليه قبل عشر سنوات يجد أننا قطعنا أشواطا واسعة في الإصلاح في مجالات عدة. انظر إلى الصحف وهامش الحرية فيها، انظر إلى نظام القضاء ، انظر إلى التكوين الجديد لهيئة كبار العلماء، وغير ذلك من المجالات التي طالها الإصلاح. وما موقفك من البيانات الجماعية التي تصدر بين وقت وآخر؟ معظم البيانات التي ربما تشير إليها مضادة للوحدة الوطنية والأخوة الإسلامية، ولذلك كتبت في نقدها بعض المقالات لأنها كلها استغلت بعض الأحداث السياسية مثل هجوم الحوثيين على المملكة للإعلان عن أفكار طائفية كنا نظن أننا تجاوزناها. اتهمت وسائل الإعلام بأنها فتحت الأبواب على مصراعيها للإرهابيين، كشاشات التلفزة وأعمدة الصحف.. من تقصد؟ مع انفجار الثورة الإعلامية في هذا الزمن فإن محطات التلفزة ومواقع الإنترنت أصبحت تعنى بكثير من القضايا التي تهتم بها التوجهات السياسية والثقافية والدينية كافة. دعاة مهرجون وما هو رأيك في ما يسمى بالدعاة الجدد؟ - من تسميهم بهذا الاسم هو أولئك الذين نراهم في التليفزيون، ينشرون كلاما معادا لا فائدة منه ويجنون من ورائه أموالا طائلة، وربما يصلح معظمهم أن يكونوا ممثلين! مصطلح الدعوة لا ينصرف في حقيقته إلا لدعوة غير المسلمين إلى الإسلام. لكنه يستغل الآن بديلا لمصطلح "الوعظ". والسبب أن المصطلح الأخير لا يحقق الألق الإعلامي الذي يتطلع إليه أولئك "الممثلون". عندما ترى هؤلاء الدعاة على شاشات التليفزيون تحس أن معظم ما يقومون به لا يزيد عن كونه تهريجا. يتحدثون كأن الناس قد دخلوا في الإسلام لتوهم ولا يعرفون أبسط القضايا. ما رأيك في حملة مناصحة الإرهابيين في المملكة.. وهل أدت الدور الذي عليها؟ - كتبت عن هذه القضية بعض المقالات. والواضح أن المناصحة تعالج عرضا لمرض. أما العلاج الناجع لذلك المرض فهو الاهتمام بالكشف عن أسبابه الأساسية. ينبغي علينا عدم التركيز على المخرجات العرضية بعد أن يقع المحذور. وقد استجاب بعض الموقوفين للمناصحة، لكن بعضهم عاد إلى سيرته الأولى. ويشير هذا إلى أن المناصحة بشكلها الحالي ربما لا تكون كافية. وكيف تقيمها إذن؟ أنا لا أقيمها لكني أتحدث عن انطباعاتي عن واقع. طاقات الإرهابيين ما هي أبرز الأسباب المؤدية للإرهاب في وجهة نظرك؟ هناك ظرف دولي منذ أكثر من 60 عامًا يتمثل في إنشاء إسرائيل على أنقاض الشعب الفلسطيني، والدعم الغربي الدائم والقوي لها. هذا السبب هو الذي يفجر ليس طاقات الإرهابيين العدائية بل طاقات الفلسطينيين والعرب والمسلمين العدائية للغرب
كله. لكن معالجة هذا الوضع تتطلب طرقًا أخرى غير هذه المعاداة المفهومة للغرب. ومن ذلك أنه يتوجب علينا أن نكسب بعض الشرائح المنصفة في الغرب إلى صفنا. ويمكن أن نستفيد من تجربة الجاليات اليهودية في الغرب في هذا المنحى. فلا تنجز تلك الجاليات تسخيرها السياسة الأمريكية، والغربية عموما، لمصلحة إسرائيل ودعمها بالتهديد بالقتل والتدمير، بل عن طريق التواصل مع الفعاليات الأمريكية والغربية المتنوعة وإنشاء الروابط المصلحية مع تلك الفعاليات. وهي تستغل تلك الطرق لضمان التعاطف مع إسرائيل، وتهديد من يجرؤ على مخالفة ذلك بالتأثير على مصالحه. ومن هنا لا يجرؤ أي نائب في الكونجرس الأمريكي أو مجلس الشيوخ أو في المؤسسة التنفيذية أو في الإعلام على معارضة إسرائيل. وسبب هذا الدعم، الذي ربما لا يكون نابعا من ولاء صادق لإسرائيل، أنه يمكن أن يتعرض من يتخذ موقفا لا يتلاءم مع مصالح إسرائيل للضرر في مصالحه وأعماله. تفوّق إسرائيلي ما هي الأسباب الأخرى؟ يمثل تأسيس إسرائيل وعدوانها الدائم على العرب، ودعم الغرب المطلق لها دائما، الظرف الأهم الذي يؤسس للعداء مع الغرب وتنمية ثقافة الإرهاب. وقد ترتب على تاريخ هذه العدوان الذي طال لعقود نتائج أسست لعداء الغرب بصفة عامة. والسبب الآخر خاص بنا يتمثل في أننا إلى الآن لم نكتشف الطرق الناجعة لحل قضايانا بالطرق الناجعة. نحن لا نماثل إسرائيل في قوتها العلمية ولا في حضورها العالمي. لكن هذا لا يمنع أن نحاول اكتشاف طرق سلمية تمكننا من الوصول إلى الفعاليات الداخلية الأمريكية والغربية، وهو ما يمكننا من تثقيفها بقضايانا والاستعانة بها على الضغط على صانعي السياسة الأمريكية لانتهاج سياسة أكثر توازنا في ما يخص قضايانا. هناك كثير من الفعاليات السياسية والعلمية والثقافية والإعلامية التي تجد حرجا في الخنوع للسياسات التي تتخذها الإدارات التشريعية والتنفيذية الأمريكية، وهذه الفعاليات تتطلع إلى أن يتعاون معها العرب والمسلمون في تعزيز مواقفها المبدئية من تلك السياسات. ونعرف جميعا أن في أمريكا 7 ملايين من المواطنين الأمريكيين المسلمين. لكنهم لا يقاربون وزن المواطنين الأمريكيين اليهود الذين يقلون عن هذا العدد. ويعود السبب في هذا الفارق إلى تنظيم اليهود لأنفسهم وتماهيهم مع الثقافة الأمريكية السائدة وربط مصالحهم بمصالح الأمريكيين وانفتاحهم عليهم. الخفاش الأسود "الخفاش الأسود" حسن مفتي يكتب في الساحات السياسية بقلم مليء بالحقد على الدكتور المزيني ويقل أنك تدرس فكرة رفع دعوى قضائية ضد مالك منتدى (الساحات العربية) بحجة أنه سمح للمشاركين في موقعه الإلكتروني بتكفيره والتحريض عليه. أنت الآن تتحدث عن تاريخ قديم! وأنا لا أشغل نفسي بتقديم دعاوى. حين تبينت شخصيته عن طريق مقابلته مع صحيفة الحياة كتبت مقالا عن ممارساته غير الأخلاقية واكتفيت بذلك. وما رأيك في ما كان يكتبه عنك؟ كان بذيئًا، ولا يزال، في ما يكتبه عني وعن غيري. والمفارقة الغريبة أنه كان إماما لأحد المساجد في الرياض، وكان يصلي بالناس الفروض كلها، ويصلي بهم التراويح والقيام في رمضان. وكنت جارا للمسجد الذي كان يؤم المصلين فيه، وصليت مؤتما به لسنة كاملة، وكان يعرفني، في ما يبدو، ذلك أنه كان يسلم علي من بعيد. ومع ذلك كله كان لا يتورع أن ينصرف من إمامته للمصلين ليعود إلى منزله ليكتب أقبح الكلمات ضدي وضد غيري. كان إمامًا! نعم وكنت أصلي وراءه ثلاثة فروض في الأقل كل يوم، وكنت لا أعرفه لكنه كان يعرفني في ما يبدو ويسلم علي من بعيد، كما قلت. ومن الغريب أنه حين سئل عن هذه المفارقة أقسم بأغلظ الأيمان أنه لا يعرفني! وهذه مصيبة لأنه حلف بالله ثلاثًا أنه لا يعرفني. ليس لدي تفسير لكونه كان يخصني بالسلام حين يراني في المسجد إلا أنه يعرفني من خلال صورتي في الصحف والانترنت، على الأقل. بعد أن انكشف أمره هل صليت وراءه؟ أبدًا. توقفت عن الصلاة خلفه بعد صلاة ظهر اليوم الذي نشرت فيه المقابلة لأصلي في مسجد آخر في الحي نفسه. هل لا زال يصلي بالناس؟ استمر بعد المقابلة يصلي بالناس في المسجد نفسه لأشهر، ثم خرج هو نفسه أيضا من الحي. ولا أدري الآن إن كان يصلي بالناس أم لا! هل تركه بنفسه؟ لا أدري إن كان ترك إمامة ذلك المسجد مختارا أم لا. لكني أشفق على من ينخدعون بمظهره الذي يوحي بالتقوى. تهديد بالقتل ذكرت في عدة لقاءات أنه تأتيك كثير من الرسائل التي تنتقدك. هل تهتم بتلك الرسائل سواء إيجابًا أو سلبًا؟ - كانت تأتيني رسائل كثيرة على جوالي، ومكالمات كثيرة مماثلة تتضمن شتما وسبا. ويستغرب أن يصدر ذلك المستوى من الشتم والسب عن إنسان غير متدين، فما بالك بصدوره عن من يدعون التدين. أما في الوقت الحالي فقد قلَّت تلك المكالمات والرسائل كثيرا. تلقيت بعد نشر مقالي "دعاة لا معلمون" أكثر من ألفي مكالمة وأكثر من ألفي رسالة تدخل كلها في باب السب والشتيمة، كما جاءت ست منها تحمل تهديدا بالقتل. ربما يعود انخفاض عدد هذه المكالمات والرسائل الشتائمية الآن إلى تعود القراء على لغة النقد التي كانت غريبة جدا قبل سنوات، خاصة حين تكون موجهة لبعض الأفكار الراسخة أو الممارسات الدينية أو المؤسسات الدينية الرسمية. كانت السنوات الثماني الماضية فترة تدريبية وتثقيفية لنا جميعا تعودنا في خلالها على الحوار والصبر على الاستماع إلى بعض الأفكار التي كانت تبدو غريبة على مسامعنا. وهذه نتائج هائلة وطيبة وتستحق أن يضحي الكاتب في سبيلها بكثير من راحته وحرق أعصابه! وهي مؤشر جيد على أننا وإن لم نتفق فقد بدأنا في الاستماع بعضنا لبعض واعترفنا بأنه ليس ضروريا أن نكون نسخا "كربونية" بعضنا لبعض. هل أبلغت الجهات المختصة بهذه الرسائل؟ نعم، ولكني في قرارة نفسي لم أكن أهتم بنفسي وإنما بالآثار التي ربما تصل إلى أسرتي، ولذلك أخذت الأمر على محمل الجد في البداية، لكني تعودت بعد فترة على ذلك. لم أكن في البداية معتادًا على أن يهددني بعضهم بالموت. الحمد لله لم يحدث شيء. هل كان لها أثر على أسرتك؟ بالطبع كانوا قلقين دائما علي. وكان أكثر من يتابعني ابنتي الكبرى مشاعر. فكانت تتصل بي كل نصف ساعة تقريبا. ولم أتخلص من إلحاحا ومتابعتها إلا بعد أن تزوجتْ وشغلت بعضا من وقتها بمتابعة زوجها! هل لك أن تصف هذا القلق؟ لم أكن أستبعد في تلك الفترة أني كنت مراقبا. كان الإرهاب في تلك الفترة في أوج عنفوانه، كانت التفجيرات تحدث في أماكن كثيرة من المملكة في ذلك الوقت. وكانت أسرتي تخشى أن يتربص بي أحد. لكن لم يصل الأمر في بلادنا والحمد لله إلى الجرأة المفرطة على استحلال الدماء المستويات التي نجدها في بعض البلدان العربية مثل العراق والجزائر. ومن هنا فحتى إرهابيونا لا يزال لديهم قدر معقول من الحس بحرمة الدماء (ضاحكًا). لذلك لم يصل الأمر إلى استهداف المواطنين العاديين إلا في حالات فردية محدودة وأدعو الله أن يستمر هذا التورع عن القتل، فحرمة الدماء ربما تكون أفضل السمات التي لا زالت تمثل جزءا من ثقافتنا الدينية المحلية. أسئلة قاسية هل من كلمة أخيرة؟ كما ظهر لي من خلال الأسئلة التي أثرتَها فإن كثيرًا من القضايا لا تزال غضة وتحتاج إلى مزيد من النقاش. ومن المؤكد أن هناك اختلافا واسعا في ما يخصها بين الناس. وسوف يكون حيويا استمرار النقاش عنها، وهو قيمة بنفسه. كما كانت الأسئلة رجع صدى من صحفي ماهر مثلك، وقد وفرت لي مجالا لتوضيح بعض الأمور الغامضة، وربما زيادة بعض الأمور الواضحة غموضا! وأديت واجبك في قراءة واستقصاء القضايا التي شاركتُ في نقاشها وكنت طرفا فيها، وأغبطك على هذه المهنية الجيدة والقسوة التي استخدمتَها في صياغة أسئلتك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.