وصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى قرغيزستان أمس، في بداية جولة تشمل حتى الثلثاء المقبل خمسة بلدان في آسيا الوسطى، في مؤشر إلى رغبة الولاياتالمتحدة في الحفاظ على نفوذها، على رغم تقليص وجودها العسكري في أفغانستان المجاورة. وقال كيري أثناء الاحتفال بافتتاح المبنى الجديد لسفارة بلاده في العاصمة بيشكيك: «نعلم جميعاً أن الولاياتالمتحدة من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال جمهورية قرغيزستان. وكما قال ايرلان (وزير خارجية قرغيزستان)، كان ذلك قبل 24 عاماً. من الصعب الآن أن نصدّق مرور كل هذا الوقت بهذه السرعة. ومنذ ذلك الحين، دعمنا بكل فخر استقلال هذا البلد وسيادته ووحدة أراضيه، ويمكن أن أؤكّد أن هذا لن يتغيّر». وتتزامن الزيارة مع تحذيرات من مسؤولين روس من خطر تسلل متشددي تنظيم الدولة الإسلامية للمنطقة من أفغانستان، وسط تلميح إلى أن موسكو سترد بتعزيز وجودها العسكري. وقال مسؤول أميركي بارز أن الزيارة لا تهدف إلى دفع حكومات المنطقة للاختيار بين القوى العالمية أو إحلال النفوذ الأميركي محل الروسي. وهذه المرة الأولى التي يزور فيها وزير خارجية أميركي خمس جمهوريات سوفياتية سابقة على التوالي أثناء رحلة واحدة. وتدور قيرغيزستان وكازاخستان وطاجيسكتان في فلك روسيا، لكن القيادات في تركمانستان وأوزبكستان أكثر استقلالية وقد تنجح الولاياتالمتحدة في التقرّب إليها. إلى ذلك، تشعر المنطقة التي يعمل الروس والصينيون والأميركيون على التأثير فيها اقتصادياً وديبلوماسياً، بالقلق من الانسحاب المقرر، على رغم تأخيره، للقوات الأميركية من أفغانستان. وعلى الصعيد الاقتصادي تعاني هذه الجمهوريات السوفياتية السابقة من الانكماش في روسيا، الذي نجم عن انخفاض أسعار النفط، بينما بقيت هذه الدول تعتمد على الجارة الروسية عبر التجارة والهجرة من أجل العمل. كما يواجه اقتصاد الصين التي وُظفت استثمارات كبيرة في السنوات الأخيرة في هذه المنطقة، تباطؤاً. من جهة أخرى، تواجه هذه البلدان مشكلة متفاقمة تتمثل في التحاق بعض أبنائها بتنظيم الدولة الإسلامية، ما يثير مخاوف لديها من تصاعد التطرّف. لكن واشنطن ومنظمات غير حكومية أكدت أخيراً أن هذه الظاهرة لا تبرر تشدد الأنظمة، التي تواجه انتقادات لغياب التعددية الحزبية وتقصيرها في مجال احترام حقوق الإنسان. وتفيد مجموعة الأزمات الدولية بأن ما بين ألفين و4 آلاف شخص من آسيا الوسطى انضموا الى صفوف التنظيم الجهادي. وتراقب روسيا التي تشن منذ شهر حملة قصف مكثفة في سورية، عن كثب كل ما يجري هناك، ومثلها الولاياتالمتحدة. وأحد الذين التحقوا بالتنظيم لفت انتباه واشنطن، هو فغولمورود حليموف المسؤول السابق عن القوات الخاصة في شرطة طاجيكستان، وكان تلقى تدريباً على مكافحة الإرهاب في الولاياتالمتحدة. وقد ظهر أخيراً في تسجيل فيديو وهو يحمل سلاحاً ويدعو مواطنيه إلى الالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية. وتخشى واشنطن أيضاً ردّ فعل مفرطاً في قسوته من قبل السلطات المحلية على حساب الحريات يمكن أن يؤدّي إلى أعمال عنف دينية في هذه المنطقة ذات الغالبية المسلمة، كما حدث في الماضي في باكستانوأفغانستان. ودعت منظمة «فريدوم هاوس» كيري إلى «عدم الوقوع في فخ إضفاء الشرعية على نظام رؤساء مدى الحياة في مقابل وهم الاستقرار».