صنفت منظمة الصحة العالمية أخيراً، السعودية الخامسة عالمياً، في ارتفاع معدلات تلوث الهواء. في حين أشارت الإحصاءات الرسمية المحلية إلى أن 80 في المئة من الشعاب المرجانية الموجودة في الخليج العربي تأثرت بسبب التلوث. ومن المتوقع اندثار الشعاب المرجانية خلال 30 عاماً، إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن. وحدد التقرير السنوي الأخير الصادر عن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، خمسة ملوثات رئيسة للمياه، وهي تسرب الزيت الناجم عن حوادث ناقلات النفط، والتلوث الحاصل من تفريغ مياه التوازن في هذه الناقلات، بما تحويه من مواد كيماوية نفطية ومخلوقات فطرية نباتية وحيوانية غريبة عن البيئة المحلية، وكذلك المخالفات في الربط مع شبكة الصرف في المدن الصناعية، وتصريفها في مياة البحر، وعدم توافر المعالجة الكافية لمياه الصرف الصحي، قبل أن تصرف في المنطقة الساحلية إذ تسبب المخلفات المنصرفة خللاً في التوازن الغذائي في النظم البيئية البحرية، وزيادة معدلات الترسيب التي تغير من البيئة البحرية. وبحسب التقرير؛ فإن المصادر الرئيسة لتلوث الهواء هي التجمعات الصناعية المتركزة في مختلف المناطق الحضرية على امتداد سواحل البحر الأحمر والخليج العربي. ولفت التقرير إلى أن إلقاء النفايات الصناعية والتجارية والسكانية والقمامة على السواحل يعرض صحة السكان إلى الخطر، إذ تحمل المياه تلك النفايات، وتنشرها على امتداد سواحل الخليج العربي، وأجزاء من سواحل البحر الأحمر، وهو ما يؤدي إلى تدهور البيئة الطبيعية. ووضعت الحكومة السعودية نظاماً رادعاً للمخالفات البيئية، إذ حدد النظام العقوبات بحسب اللائحة التنفيذية للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، السجن خمس سنوات، أو غرامة مالية لا تتجاوز 500 ألف ريال أو كلاهما لثلاث مخالفات، وهي: «إدخال النفايات الخطرة والسامة أو الإشعاعية للسعودية. وعدم التزام القائمين على إنتاج ونقل وتخزين أو تدوير ومعالجة تلك المواد بالأنظمة الخاصة بذلك، ومخالفة الأنظمة في حال التخلص منها، وإلقاء وتصريف الملوثات الضارة والنفايات السامة أو الخطرة والإشعاعية من السفن في مياه السعودية الإقليمية. وأكدت اللائحة إلزام المخالف بإزالة المخالفة بالكامل، وجواز إغلاق المنشأة في المرة الأولى للمخالفة، مدة لا تزيد على 90 يوماً. في حين أشار إلى جواز إغلاقها نهائياً في حال تكرار المخالفة، إضافة إلى السجن مدة مضاعفة، بحيث لا يزيد الحد الأقصى للغرامة على الضعف، إضافة إلى زيادة الغرامة المالية بما لا يتجاوز الضعف. وحددت اللائحة المخالفات والتجاوزات في 9 حالات، ومنها: «الإخلال في أي مقياس أو معيار من المقايس والمعايير والإرشادات البيئية، وعدم التزام المنشأة بالخطوات والإجراءات التي تحددها الجهات المختصة؛ لإيقاف وإزالة المخالفات أو معالجة آثارها ومنع تكرارها، إضافة إلى العبث في أجهزة القياس والرصد والمراقبة والتحكم والتدخل في طريقة عملها وتشغيلها، وعدم التزام المنشآت في خطط الطوارئ المعدة خصيصاً لمواجهة حوادث التلوث، وعدم توفير الأفراد والأجهزة والمعدات اللازمة لتشغيل وتطبيق خطط الطوارئ أو عدم تنفيذ برامج الصيانة الدورية اللازمة لهذه الأجهزة والمعدات». واعتبرت اللائحة أن عدم الالتزام بالمدة الزمنية التي تحددها الجهات ذات العلاقة بالتنسيق مع الجهات المختصة لإزالة وإيقاف الآثار السلبية على البيئة، من المنشأة المخالفة من المخالفات التي تحاسب عليها المنشأة، إضافة إلى حجب المعلومات عن الجهات المختصة أو تقديم معلومات غير صحيحة وغير مطابقة للواقع، وإعاقة أو منع عمل الموظفين الذين يصدر قرار بتسميتهم من الجهة المختصة. وفي سياق متصل، كشفت نائبة رئيس مجلس إدارة جمعية البيئة السعودية الدكتورة ماجدة أبو راس، ارتفاع كلفة التلوث البيئي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بمعدلات وصلت إلى 10 في المئة. وقالت ل«الحياة»: «إن دراسات صادرة أخيراً من منظمات عالمية، أشارت إلى أن نسب كلفة معالجة التلوث في دول الخليج العربي من ضمنها السعودية، لا تقل معدلاتها عن 10 في المئة من الناتج القومي لكل دولة خليجية، بما فيها السعودية، وبشكل سنوي. ويصل إجمالي الكلفة السنوية إلى أكثر من 40 بليون ريال لدينا». وأكدت أبو راس في الوقت ذاته أن انعدام وجود شبكات متكاملة للصرف الصحي داخل مدن سعودية، يزيد من ارتفاع معدلات الكلفة الخاصة بمعالجة هذا النوع من التلوث. وزادت: «إن انعدم إنشاء صرف صحي يكلفنا 200 بليون ريال سنوياً، من أجل مواجهة التلوث الناتج من عدم وجود شبكات صرف صحي»، منوهاً إلى وجود دراسة متخصصة عن الصرف الصحي، قدرت كلفة إنشاء شبكة صرف صحي في جميع أرجاء المملكة ب75 بليون ريال. وقالت: «كان هناك اعتراضات بخصوص المبلغ، ولكن لو حسبنا في المقابل كم ستكلف آثار عدم إنشاء شبكة، ستكون في حدود 200 بليون ريال». وأضافت: «إن دول المجلس تسعى جاهدة وبشكل استمراري إلى التقليل من الخسائر الاقتصادية المترتبة عن كلفة التلوث، وكذلك معالجته وفق خطط مشتركة للتقليل، هدفها الرئيس التقليل من خسائر الموارد الطبيعية، وضرورة المحافظة عليها للأجيال الحالية والمقبلة». ولفتت إلى عدم وجود قاعدة بيانات يستطيع الخبراء تقدير اقتصاديات البيئة، كونها عالية جداً. بينما تنظر الحكومات الخليجية بجدية إلى أن تكون البيئة مورداً بدلاً من أن تكون مستهلكاً للاقتصاد، مع ضرورة تفعيل نظام البحث العلمي، فلا بد من أن يستغل وتستغل البحوث الموجودة بتطبيقها على أرض الواقع. وأكدت أن دول الخليج تتبع وفق أنظمتها البيئية معايير عالمية لتبني مفهوم التنمية المستدامة؛ للحفاظ على الموارد الاقتصادية للأجيال المقبلة، والحفاظ عليها وتوظيفها اقتصادياً واجتماعياً.