بات نحو 80 الى 100 ألف مقدسي مهددين بسحب إقامتهم في القدس بعدما بحث رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو هذا الموضوع في اجتماع لحكومته قبل أسبوعين، في وقت اعتبر الفلسطينيون أن «تفاهمات الأقصى» الإسرائيلية - الأميركية تخدم الدولة العبرية، مشيرين الى أنها غير كافية لوقف الهبة الشعبية في الأراضي الفلسطينية. وفعلاً، تواصلت أمس الهجمات ضد إسرائيليين في الضفة الغربية، واستشهد شابان فلسطينيان برصاص جيش الاحتلال الذي اتهمهما بتنفيذ عمليتي طعن في الخليل أصيب في إحداها جندي، في وقت اعتقل الجيش شاباً بتهمة طعن مستوطن قرب نابلس، فيما طعن مستوطن عاملاً فلسطينياً. وعكس تواصل الهجمات عدم رضى فلسطيني ب «تفاهمات الأقصى» التي نصت على الحفاظ على الوضع القائم في المسجد الأقصى، ونصب كاميرات مراقبة في انحاء الحرم الشريف، وأن تقتصر الصلاة فيه على المسلمين فيما يسمح لأصحاب الأديان الأخرى بزيارته. ويرى الفلسطينيون أن التفاهمات ثبتت الوضع الذي فرضته إسرائيل في المسجد بعد انتفاضة الأقصى عام ألفين، وليس الوضع الذي كان سائداً بعد احتلال القدس عام 1967. وأوضح أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات: «نطالب بعودة الوضع القائم في الحرم كما كان عليه منذ عام 1967 حتى عام 2000، وليس الوضع القائم الذي يتحدث عنه نتانياهو، أي الوضع الذي نشأ بعد اندلاع الانتفاضة عام 2000». يذكر أن الأوقاف الإسلامية كانت الجهة المسؤولة عن إدارة الحرم الشريف منذ عام 1967، وكان حراس الأوقاف يرافقون السياح الأجانب، بمن فيهم الإسرائيليون، في الحرم في مجموعات من اثنين. غير أن الوضع القائم تغير بعد عام 2000، فتولت الشرطة الإسرائيلية الإشراف على السياحة الأجنبية، ومرافقة السياح، خصوصاً اليهود منهم الذين أخذوا يمارسون طقوساً دينية، ويعلنون نيتهم تقسيم الحرم زمانياً ومكانياً بين اليهود والمسلمين. من ناحية أخرى، انتقد عريقات تركيب كاميرات للمراقبة في ساحات الحرم، مشيراً الى أن نتانياهو سيستخدمها في اعتقال الفلسطينيين. وكان نتانياهو رفض أمس نصب الكاميرات من دون «التنسيق» مع الأمن، في حين أوضح وزير الداخلية سيلفان شالوم أن التفاهمات مع الأردن تفتح المجال أمام تعاون مثمر يفضي إلى محاصرة «العناصر المتطرفة التي تعد الحركة الإسلامية (في إسرائيل) بقيادة رائد صلاح أخطرها». في هذه الأثناء، أفادت تقارير صحافية أن الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة ستلتئم قريباً للبحث اقتراح نتانياهو سحب الإقامة من نحو 80 -100 ألف من المقدسيين الذين بقوا شرق جدار الفصل العنصري، وهو ما وصفه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات بأنه «تطهير عرقي» و»جريمة تتعارض وجميع القوانين والمواثيق الدولية»، محذراً الحكومة الإسرائيلية من تداعيات تنفيذ هذا المخطط. وأكد نتانياهو أمس أمام لجنة الخارجية والأمن ما نشرته القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي مساء الأحد، أنه يفكر في «إيجاد حل لمشكلة الأحياء الفلسطينية في القدس والتي بقيت شرق الجدار الفاصل»، وهي أحياء بقيت مع سكانها معزولة لا تتلقى الخدمات الأساسية من البلدية الإسرائيلية للقدس (مياه، إزالة نفايات، تطوير بنى تحتية وغيرها)، ولا من السلطة الفلسطينية التي تمنع إسرائيل دخولها هذه الأحياء بموجب اتفاقات أوسلو. وقال أحد الوزراء لصحيفة «هآرتس» إن الوزراء فوجئوا من اقتراح نتانياهو، لكنهم لم يناقشوه، وإن اعتبروه «خطوة ليست معقولة، إذ لا يمكن سحب إقامة جارف لعشرات آلاف المقدسيين».