بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من عشر سنوات بناء جدار في الضفة الغربية قرب الخط الأخضر (الحدود الفاصلة بين الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1984 مع الضفة الغربية) سمته «الحاجز الأمني»، وأطلق عليه الفلسطينيون اسم «جدار الفصل العنصري». وتهدف إسرائيل إلى عزل مناطق بعينها ومنع دخول سكان الضفة الغربية الفلسطينيين إلى الأراضي المحتلة أو المستوطنات الإسرائيلية القريبة من الخط الأخضر، في محاولة لتضييق الخناق على الفلسطينيين بعدما عزل الجدار مناطق ومحافظات فلسطينية كان لها دور رئيسي ومهم في مساعدة الشعب الفلسطيني في كل نواحي الحياة. وتستولي إسرائيل من خلال الجدار الشرقي الذي يقدر طوله ب 200 كيلومتر مربع على منطقة الأغوار التي تعتبر مصدراً رئيسياً لغذاء الشعب الفلسطيني. وأوضح تقرير انه نتيجة بناء الجدار في الضفة الغربية خلال الفترة بين عامي 2003 و2006، تضرّرت ثماني محافظات فلسطينية، شملت 159 تجمعاً، وارتفع عدد التجمعات المتضررة في أيار (مايو) 2008 الى 180 تجمعاً. وحرم الجدار الفلسطينيين من حصتهم من الماء، حيث تم عزل 30 بئراً ارتوازياً، وخصوصاً في محافظتي قلقيلة وطولكرم، اللتين تقعان على الحوض المائي الغربي، وعُزلت قرى وتضرر مزارعون وأشجار، ودُمرت أنابيب شبكة الري الرئيسية للزراعة. وتعتمد بعض هذه القرى على الزراعة، إلا أنها بسبب الجدار أصبحت من دون مصدر اقتصادي، وبذلك فقدت 50 في المئة من الأراضي المَروية، وتم تدمير 12 كيلومتراً من شبكات الري. وإنشاء جدار «الفصل العنصري» حال دون وصول سكان المناطق الفلسطينية الريفية إلى المستشفيات في مدن طولكرم وقلقيلية والقدس الشرفية، لأن هذه المدن عُزلت عن بقية انحاء الضفة. وعلى رغم أن القرار الحكوميّ نص على تشجيع المستشفيات وعيادات الطب العام على فتح بعثات وراء الجدار، إلا أنّ مثل هذه البعثات لم تُفتح أبداً. فالأحياء التي تقع خلف الجدار لا يوجد فيها أي مستشفى أو مركز لخدمات الطوارئ الطبيّة، باستثناء مستشفى للإنجاب، يقع في منطقة كفر عقب. وتأثر نظام التعليم الفلسطيني أيضاً نتيجة هذا الجدار العنصري الذي منع المدرسين والتلاميذ من الوصول إلى مدارسهم، بخاصة أن المعلمين يصلون من خارج هذه القرى، إضافة إلى أنّ غالبيّة الغرف التدريسيّة الرسميّة الواقعة خلف الجدار هي غرف لا تلبي المعايير وغير سليمة، وتقع في مبانٍ مستأجرة خصّصت في السابق للسكن أو لاستخدام الحيوانات. ويعبر الوضع في القدس عن معاناة الفلسطينيين في الضفة، حيث أن 85 في المئة من مسار الجدار مخطط له في داخل مناطق الضفة الغربية، خصوصاً في المناطق التي أقامت فيها إسرائيل مستوطنات ومناطق صناعية. وحمّل تقرير ل «جمعية حقوق الإنسان»، الحكومة الإسرائيلية مسؤولية الوضع الذي آلت اليه الأحياء المقدسية، وطالبتها الجمعية بتنفيذ الوعود التي قُطعت عبر خطة طارئة يقوم بالإشراف على عملها طاقم وزاري، وتُنفذ خلال فترة زمنية معقولة، لكن الحكومة لم تستجب الرسالة ولم تهتم بها. ووفق القرار (3783) الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية في تموز (يوليو) 2005، تعهدت أمام المحكمة الإسرائيلية العليا «ضمان سير الحياة لسكان الأحياء المقدسية الذين بقوا خلف الجدار والحفاظ على نسيج الحياة المشترك للفلسطينيين على جهتي الجدار، وعدم المس بحقوق سكّان الأحياء الذين يعيشون في المنطقة التي احتلتها إسرائيل العام 1967». ويبلغ طول الجدار نحو 770 كيلومتراً، ويتراوح عرضه من 60 الى 150 متراً في بعض المواقع التي يجتازها، وبارتفاع يصل إلى ثمانية أمتار، حيث تم بناء 406 كيلومترات منه ويستمر العمل على انهاء ما تبقى. وعلى مدار عشر سنوات شهدت المحكمة الإسرائيلية العليا التماسات عدة، قدمتها جمعيات ناشطة في مجال حقوق الإنسان والمواطن، في محاولة لإلزام الحكومة بتوفير بُنى تحتية للفلسطينيين تتلاءم مع متطلبات الحياة، لكن أحداً لم يستجب. ولم تنفذ الحكومة الإسرائيلية تعهداتها، ومارست سياسة قمع يومية تجاه الفلسطينيين، ضاربة بعرض الحائط القوانين الإسرائيلية والدولية.