رغم عرض قضية الجدار العنصري على محكمة العدل الدولية، تواصل قوات الاحتلال الاسرائيلي أعمال المصادرة وتجريف الأراضي الفلسطينية، خدمة للجدار الذي يمتد من أقصى شمال شرق الضفة الغربية إلى أقصى جنوبها إلى الشرق من خط الهدنة ليبتلع مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية، وعزل 126 تجمعاً سكانياً فلسطينياً ويترك آثاراً اقتصادية واجتماعية خطيرة. وأكد التجمع الفلسطيني للحق في تقرير مطول اصدره حول اثار الجدار على الفلسطينيين، ان حكومة الاحتلال الإسرائيلي تدعي أن إقدامها على بناء (الجدار الفاصل) للحد من عمليات المقاومة التي تنفذ داخل الأراضي المحتلة عام 1948م، إلا أن هذه الخديعة الإعلامية لم تنطل حتى على أشد أنصار دولة الاحتلال تعصباً وهو رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية الذي أبدى انزعاجه لقيام حكومة الاحتلال بناء هذا الجدار. إذاً فإن المغزى من هذا الجدار لم يعد خافياً على أحد، ألا وهو استباق الأمور وفرض واقع جديد على الأرض يصعب تغييره على اعتبار أن هذا الجدار هو الحدود التي ترتضيها دولة الاحتلال كحدود لها في حال إبرام اتفاق تسوية، ولبيان البعد القانوني لبناء هذا الجدار الأخطار المترتبة عليه من جميع النواحي كان هذا التقرير لعله يكون إضافة أو مساهمة في فضح سياسات الاحتلال وانتهاكاته ضد أبناء الشعب الفلسطيني. ويمتد جدار الفصل العنصري بطول 620 كم ليعزل الضفة الغربية من جهاتها الشمالية والغربية ويتفرع منه جدار ثان ثانوي يعزل مدناً وقرى فلسطينية مثل طولكرم وبعض قراها. * يلتهم الجدار 832.82 كم2 من مساحة الضفة الغربية البالغة 5855 كم2 أي ما نسبته 14.2% ويعزل 197.21 كم2 بين الجدارين. * يعزل الجدار 126 تجمعاً سكانياً فلسطينياً 97 تجمعاً منها يبلغ عدد سكانها 87589 نسمة غربي الجدار و47 تجمعاً يبلغ عدد سكانها 183986 نسمة بين الجدارين. * يحمي الجدار 102 مستعمرة إسرائيلية جاثمة على 99.5 كم2 من أراضي الضفة الغربية ويلحقها إسرائيل. * المرحلة الأولى، التي انتهى العمل بها في نهاية تموز الماضي، شملت إقامة جدار بطول 123.3 كم2 يمتد من قرية سالم في شمال الضفة حتى قرية مسحة في محافظة سلفيت ليلتهم 107كم2 من مساحة الضفة الغربية و30 بئراً ارتوازية ويعزل 15 قرية يسكنها 12000 فلسطيني غربي الجدار، ويضم 22 مستعمرة تحوي 20312 مستعمراً إلى إسرائيل. * استكمالاً لإجراءات تهويد القدس، وضمن المرحلة الأولى، أقيم جدار عزل حول القدس يمتد 7.5 كم في شمالها و10.5 كم في جنوبها. * المرحلة الثانية، قيد الإنشاء ويمتد فيها الجدار بطول 42 كم من قرية سالم نحو الشرق حتى جلبوع ليستكمل عزل الضفة من جهتها الشمالية. المرحلة الثالثة، يستكمل عزل الضفة من جهتها الغربية ليضم مستعمرة أرئيل وقدميم متوغلاً بعمق 23كم في أراضي الضفة الغربية في حدود حزيران 1967م. * المرحلة الرابعة، يمتد الجدار ليضم تجمع مستعمرات غوش عتصمونا جنوبي بيت لحم إلى مستعمرة بيت بئير الواقعة في الجنوب الشرقي لمحافظة الخليل. الهدف من الجدار تزعم إسرائيل أن الهدف من إقامة هذا الجدار هو منع عمليات التسلل إلى إسرائيل من الضفة الغربية وبالتالي الحد من العمليات التفجيرية التي تحدث داخلها، وهذا هو الهدف المعلن. إلا أن ظاهر الأمر يشير إلى أن الهدف من الجدار هو ايجاد واقع جغرافي على الأرض يصعب تغييره، فهذا الجدار ينظر إليه على أنه هو الحدود المستقبلية بين إسرائيل والضفة الغربية إذ أن إسرائيل لو أرادت أن تقيم جداراً عازلاً فكان بإمكانها إن تقيمه داخل أراضي 1948م (مع عدم قناعتنا بهذه المسميات) كما أن الجدار قد أثبت فشله أمنياً، حيث إن العديد من العمليات قد وقع داخل إسرائيل وانطلق منفذوها من أراض ومدن يحيط بها الجدار، كما أن طبيعة الجدار وتكلفته تشير إلى أنه غير مؤقت، فقد كان بإمكان حكومة الاحتلال الإسرائيلي أن تستعيض عن الجدار الإسمنتي المكلف للغاية (كما أسلفنا) بأسلاك شائكة يسهل نسجها كما تسهل إزالتها وتؤدي نفس الغرض. إذاً فهذا الجدار في رأي الكثيرين هو الحدود المستقبلية التي ترضى إسرائيل بها وهي ساعية الآن لفرضها على الواقع. الآثار الاجتماعية لقد بلغ عدد الأسر التي هجرت من أراضيها بسبب إقامة هذا الجدار حسب المعلومات الواردة من المركز الصحافي الدولي (1402) ألف وأربعمائة واثنين أسرة (113) مائة وثلاث عشرة أسرة من محافظة جنين حتى الآن. وقد بلغ عدد الأفراد الذين تم تهجيرهم من منازلهم وأراضيهم حوالي 2323 فرداً وقد بلغ عدد الأسر التي أصبحت معزولة غرب الجدار (بين الجدار والخط الأخضر) 12481 أسرة منهم 1119 أسرة من محافظة طولكرم.كما تأثرت العلاقات الاجتماعية (الأنشطة للأسر التي تقيم غرب الجدار أكثر من الأسر التي تقيم شرق الجدار) حيث بينت النتائج الصادرة عن المركز الصحافي الدولي أن نسبة الأسرة الفلسطينية التي أثر الجدار الفاصل على قدرتها على زيارة الأهل والأقارب 90.6% مقابل 63.5% من الأسر التي تقيم شرق الجدار وبلغت النسبة للأسر التي أثر الجدار الفاصل على قدرتها على ممارسة النشاطات الثقافية والاجتماعية 83.3% للأسر التي تقيم غرب الجدار مقابل 48.4% للأسر التي تقيم شرق الجدار الفاصل. وبلغت نسبة الأسر الفلسطينية التي أصبح لديها مانع من زواج أحد الأفراد من شريك الحياة المقيم في الجهة الأخرى بلغت 50.4%. لقد فصل الجدار 30 تجمعاً سكانياً عن مراكزها الصحية كما فصل 22 تجمعاً عن المدارس و11 تجمعاً من بدالة الهاتف و8 تجمعات عن المفتاح الرئيسي لشبكة المياه و3 تجمعات عن المحول الرئيسي لشبكة الكهرباء. الآثار الاقتصادية بلغ عدد المباني التي أصبحت داخل الجدار الفاصل 2438 مبنى، منها 892 مبنى في محافظة طولكرم، 10 مبان دمرت بالكامل مساحتها 810 م2 كما أصبح 750 من المنشآت الاقتصادية داخل الجدار بالكامل، منها 473 منشأة في محافظة طولكرم دمر بشكل كلي منها 27 منشأة مساحتها 11500م2 وذكر تقرير صادر عن مركز المعلومات الفلسطيني أن مجموع خسائر التجمعات التي تضررت من بناء الجدار 10.7 مليون دولار، منها 280 ألف دولار خسائر تدمير آبار المياه الجوفية و417 ألف دولار خسائر تدمير شبكات الطرق و119 ألف دولار خسائر تدمير شبكات المياه و194 ألف دولار خسائر تدمير شبكات الكهرباء. كما صادرت سلطات الاحتلال الإسرائيلية آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين لتصبح مناطق عسكرية مغلقة. اثره على المياه بإلقاء نظرة على هيكلية الجدار في محافظات شمال الضفة خاصة جنين وقلقيلية وطولكرم نرى أن المناطق التي يضمها الجدار من هذه المحافظات ينسجم بنسبة 100% مع أماكن تجمع المياه الجوفية، وبالتالي فإن كافة المخزون الجوفي سيصبح داخل الجدار، عندها ستكون أي محاولة فلسطينية لاستخراج المياه من تلك المناطق غير مجدية وبناءً على ذلك فإن الجدار يهدد بانعدام الزراعة المروية في شمال الضفة، كما أن الجدار أدى إلى فقدان أكثر من 36 بئرا منها 23 بئراً تقع مباشرة على السياج، و13 أخرى بالقرب منه كانت تستغل لأغراض الزراعة والشرب، حيث أصبحت هذه الآبار المقامة قبل عام 1967م واقعة بين الجدار والخط الأخضر، وكانت هذه لآبار تنضح سنوياً بمقدار 55 مليون متر مكعب وبنسبة لا تقل عن 25% من إجمالي الكميات المستخرجة من الخزان الغربي حسب المعلومات الواردة من سلطة المياه الفلسطينية، كما أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تسعى من خلال الجدار إلى استمرار سحب ما يزيد على 400م3 تشكل كامل الطاقة المائية المتجددة للحوض المائي الجوفي الغربي، وهي بغالبيتها مياه فلسطينية تتكون داخل حدود الضفة الغربية. تأثيره على الزراعة صرح وزير الزراعة الفلسطيني (السابق) رفيق النتشة أن الجدار صادر أكثر من 120 ألف دونم وتضررت جراء هذا الجدار أكثر من 45% من الأراضي الفلسطينية وحسب الإحصاءات الصادرة عن المؤسسات الزراعية ومركز الإحصاء، فإن هذا الجدار التهم 23.4% من مساحة الضفة الغربية. وقد أعلنت وزارة الزراعة في محافظة جنين أن قيمة خسائر القطاع الزراعي في المحافظة بلغت 882700 دولار جراء إقامة جدار الفصل كما أوضح تقرير أصدرته مديرية الزراعة أن قوات الاحتلال جرفت 314765 دونما من الأراضي الزراعية لمصلحة الجدار وعزلت 7580 دونما، ولا تسمح لأصحابها بالدخول إليها وفلاحتها إلا عبر بوابات حديدية تخضع لمزاج جنود الاحتلال الذين يحرسونها، ومعظم هذه الأراضي مزروعة باللوزيات والزيتون. تضرر قطاع التعليم أثر إنشاء جدار الفصل تأثيراً كبيراً على قطاع التعليم حيث حال بين العديد من الطلاب وبين الوصول إلى جامعاتهم ومعاهدهم ومدارسهم، حيث بلغت نسبة الأسر الفلسطينية التي لديها أفراد ملتحقون بالتعليم وواجهوا صعوبات ي الوصول إلى مدارسهم أو جامعاتهم أو معاهدهم 15.2% منهم 29.4% من الأسر التي تقيم غرب الجدار و13.9% من الأسر التي تقيم شرق الجدار، وذلك حسب مسح أجراه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. المواقع الأثرية والتاريخية في طولكرم لقد تأثر العديد من المواقع التاريخية والتراثية الهامة في الضفة الغربية بشكل كبير واقتطع الجدار العنصري العديد منها بشكل مقصود يستهد تاريخ شعب بأكمله وحسب المعلومات الواردة من الهيئة العامة للاستعلامات فإن المواقع التاريخية التي اقتطعها المشروع الاستيطاني في طولكرم موقع (خربة الشمس) وهي خربة أثرية تقع بين قريتي قفين وباقة الشرقية وهي قرية رومانية تمتد على مساحة 60 دونماً، وهي غنية بالمعالم الهامة كالجدران وأنقاض الأبنية وكذلك أساسيات بناء وخزانات آبار منحوتة للمياه ومقاطع صخرية ومقابر وكانت هذه الخربة تشهد أحياناً حركة سياحية نشطة، لكن الجدار التهمها حيث وقعت غرب الجدار. (خربة أم قصر) وهي خربة رومانية تقع بين قريتي قفين والنزلة الشرقية، وقد تأثرت بإقامة الجدار العنصري وتم اقتطاع جزء منها وتضم أساسات وآبار ومغاور وجدران ومقابر وغيرها، وتمتد على مساحة 10 دونمات، كما والتهم الجدار موقعاً أثرياً يسمى خربة رحال، وهي خربة أثرية رومانية تقع غرب قرية دير الغصون، مر الجدار الفاصل في منتصفها فالتهمها جميعاً، وتمتد هذه الخربة على مساحة تصل إلى 8 دونمات وكانت تتواجد في هذا المكان بعثة إسرائيلية خاصة أثناء أعمال الحفر لصالح الجدار مما يعني النية المبيتة لسرقة الآثار الفلسطينية. ومن المواقع الهامة التي استولى عليها الاحتلال وضمها للجدار (تل شويكة) أو (تل الراس) وهو غني بالآثار، ويعتبر من المواقع الهامة في فلسطين حيث يعود نشوء الحضارة فيه إلى العصر البرونزي المتأخر والفترة الحديدية والرومانية والبيزنطية حسب الاستقراءات الفخارية وقد كان هذا التل ممراً للقوافل. كذلك أيضاً سلب الجدار (خربة زهران) وتقع بين قريتي سعارين وكفر اللبد شرق طولكرم وتضم كنيسة قديمة وجدران فسيفساء، كما تضم أساسات ومبان وغيرها من المعالم الأثرية الهامة، وهي قريبة مما تسمى بمستوطنة عناب الأمر الذي يهدد بإزالتها إلى الأبد أو إلحاقها بالمسروقات الإسرائيلية، ويواصل الجدار زحفه إلى باقي المحافظات لمسح وتغييب وهدم كافة الأسس التاريخية و الحضارية لوجود الشعب الفلسطيني على أرضه وفرض واقع جديد في المنطقة. تأثير الجدار على البيئة سوف يؤثر الجدار على البيئة تأثيراً كبيراً حيث أنه بعد قطع ما يقارب من مليون شجرة متعددة الثمار منها 300000 شجرة زيتون، فإن ذلك حرم البيئة الفلسطينية من فوائد عديدة لهذه الثمار ومنها: 1- تحسين نوعية الهواء من حيث التقاط حبيبات الغبار وامتصاص ثاني أكسيد الكربون وإطلاق الأكسجين. 2- تبريد الجو خلال فصل الصيف وتقليل الضوضاء. 3- التقليل من جريان المياه وبالتالي التقليل من تعرية التربة وزيادة الفرصة أمام تغذية المخزون الجوفي. 4- زيادة خصوبة التربة وإنتاجيتها. 5- استدامة الحياة البرية من خلال توفير الملاذ الآمن للعديد من الطيور والحيوانات الأخرى، وبالتالي الحفاظ على التنوع الحيوي البيئي. 6- صعوبة توفير أراضي لاستعمالها كمكبات للنفايات وبالتالي تلوث البيئة في المناطق السكنية. ومع انتهاء المرحلة الأخيرة من بناء الجدار العنصري فإن الضفة الغربية ستصبح عبارة عن ثلاثة كانتونات منفصلة عن بعضها البعض، الأول في الشمال ويضم نابلس وجنين وطولكرم وقلقيلية ويتصل مع رام الله بمعبر قرب مفرق زعترة وتبلغ مساحته1930 كم2، والثاني في الجنوب ويضم بيت لحم والخليل ومساحته 710 كم2، والجزء الثالث في أريحا ومساحته 60كم2. وبذلك يكون مساحة الكانتونات الثلاثة 2700 كم2 وتساوي 42% من مساحة الضفة الغربية. البعد القانوني لبناء الجدار الفاصل أولاً: موقف القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني من الجدار: * يمثل الجدار انتهاكاً لكافة المواثيق والأعراف الدولية، وخاصة قرار الأممالمتحدة الصادر بتاريخ 21/10/2003م والذي يدعو بوضوح إلى وقف بناء السور العنصري الذي يشكل انتهاكاً لحقوق المواطن الفلسطيني السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحق في الحياة وفي التنقل. فوفقاً لمعاهدة التمييز العنصري يعتبر هذا الجدار جريمة ضد الإنسانية تعاقب عليها الدول الأطراف من خلال محكمة دولية خاصة ينشئوها، وهذا ما نص عليه البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف والنظام الداخلي للمحكمة الجنائية الدولية (1998) والمعاهدة الدولية ضد جريمة التفرقة العنصرية (1973)، وتُعرّف هذه الاتفاقيات والمعاهدات التفرقة العنصرية على أنها نظام مؤسسي قائم على التفرقة العنصرية من أجل ضمان سيطرة مجموعة عرقية على مجموعة عرقية أخرى وقمعها. وهو ما يظهر ببناء الجدار الفاصل، حيث تنطبق عناصر هذا التعريف على السياسات والإجراءات الإسرائيلية ومنها انتهاك حق الحياة والحرية الشخصية والقتل العمد، والتسبب في أذى جسدي أو عقلي، والتعذيب، والمعاملة المهينة، والاعتداء التعسفي، كذلك تطبيق إجراءات تمنع مشاركة الشعب الفلسطيني في الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية، وانتهاك حقوقهم الإنسانية الأساسية مثل حق التعليم والعمل والعودة والتعبير عن الرأي، وتشمل أيضاً إجراءات تشريعية تهدف إلى ايجاد تفرقة عنصرية بين شعبين ومحاكمة ومعاقبة الأفراد الذين يعارضون هذه التفرقة. * كذلك يهدف هذا الجدار إلى ضم أراضٍ فلسطينية بشكل غير قانوني يقام عليها ما يقارب من 75 مستوطنة إسرائيلية يسكنها 303 آلاف مستوطن، وبالتالي فإن نحو 108918 فلسطينياً سيتم ضمهم بشكل غير قانوني إلى إسرائيل أو تطويقهم داخل الجدار. * كذلك فإن المواطنين الذين سيحولون بشكل غير قانوني إلى السيطرة الإسرائيلية المباشرة لن يتمتعوا بمكانة سكانية أو مواطنة بينما يتمتع المستوطنون بمواطنة إسرائيلية كاملة. * كذلك فإن هذا الجدار يهدف إلى تقسيم السكان على أساس عرقي، وذلك من خلال عزل الفلسطينيين في معازل خاصة تفصلهم عن الإسرائيليين وهو ما يعتبر أبشع طرق الفصل العنصري، وهذا يخالف نص المادة (47) من اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12/8/1949م، حيث نصت على أنه لا يحرم الأشخاص المحميون الذين يوجدون في أي إقليم محتل بأي حال من الأحوال ولا بأية كيفية من الانتفاع بهذه الاتفاقية، سواء بسبب أي تغيير يطرأ نتيجة لاحتلال الأراضي على مؤسسات الإقليم المذكور أو حكومته أو بسبب أي اتفاق يعقد بين سلطات الإقليم المحتل ودولة الاحتلال، وكذلك بسبب قيام هذه الدولة بضم كل أو جزء من الأراضي المحتلة. واستناداً إلى هذه المادة فإن الأوامر العسكرية وبناء الجدار الفاصل هي خرق للمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان تزعم سلطات الاحتلال أن المادة (52) من أنظمة لاهاي لعام 1907 تمنحها الحق في مصادرة الأراضي لغرض بناء الجدار الفاصل ولكن هذه المادة لا تعطي الحق لسلطات الاحتلال في مصادرة ممتلكات ثابتة مثل الأراضي التي يمتلكها الأشخاص المحميون، وأن المادة (53) من أنظمة لاهاي تمنح سلطات الاحتلال مصادرة الأموال والممتلكات غير الثابتة التي قد تستخدمها الدولة في العمليات العسكرية، وهذا يشمل الأسلحة والذخائر. وحتى عندما يعلن جيش الاحتلال أن مصادرة وتدمير ممتلكات العدو هو أحد متطلبات الحرب فإن مسألة المحافظة على الأراضي، والممتلكات الثابتة تبقى ضمن المسئولية المدنية للدولة المحتلة. وقد نصت المادة (55) من أنظمة لاهاي على أن تبقى الدولة المحتلة بمثابة المستخدم للبنايات العامة والعقارات والغابات والعقارات الزراعية التابعة للدولة الخصم وعليها حماية رأسمال هذه الممتلكات وإدارتها وفق الوضع القانوني للمستخدم. وعلينا أن نميز بين الممتلكات العامة والممتلكات الخاصة في الأراضي المحتلة. حيث تنص المادة (46) من نفس الأنظمة على أنه لا يسمح بمصادرة الممتلكات الخاصة. من هنا فإن جيش الاحتلال قد تخطى كافة الصلاحيات الممنوحة له بموجب القانون الدولي، بالتالي فإن الجدار العنصري يعتبر غير قانوني، ولقد فشلت حكومة الاحتلال الإسرائيلي في تبرير تدمير ومصادرة الأراضي والممتلكات في الأراضي المحتلة. * كما أن قيام سلطات الاحتلال ببناء هذا الجدار يستلزم مصادرة وتدمير أراض زراعية كثيرة لمواطنين مدنيين فإن ذلك يعتبر عقاب جماعي محرم بمقتضى اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م التي وقعت عليها إسرائيل حيث تشير المادة (47) من الاتفاقية إلى أنه يحرَّم على الجهة المحتلة أن تقوم بأي تغيير على الممتلكات بالأراضي المحتلة لأي غرض كان. * كما أن الاتفاقية الدولية بشأن قمع وعقاب جريمة الفصل العنصري لعام 1978 نصت على أن جريمة الفصل العنصري تتضمن القيام بإجراءات واتخاذ سياسات مماثلة لتلك التي تمارس في جنوب إفريقيا (المادة 2 من الاتفاقية) وهو ما ينطبق على إقامة جدار الفصل العنصري من قبل قوات الاحتلال. * كذلك اعتبرت المادة (52) من اتفاقية لاهاي لعام 1907م أن ضم الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال يعد محرماً ومخالفاً للأعراف والمواثيق الدولية، وتعتبر اتفاقية لاهاي جزء من العرف الدولي. * كذلك فإن الجدار يمثل جزءا من آمال الاستيطان التي تتعارض مع أحكام المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر قيام قوات الاحتلال بنقل مواطنيها إلى الأراضي المحتلة. من خلال ما سبق يتضح أن هذا الجدار يمثل كارثة وشيكة تحيق بالشعب الفلسطيني في ظل موقف دولي وعربي يتسم بالفتور، لذلك فإن التجمع للحق الفلسطيني يطالب المجتمع الدولي خاصة المنظمات والمؤسسات الحقوقية أن تسارع للضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي لإلزامها بإيقاف العمل في جدار الفصل العنصري واتخاذ إجراءات جادة لإجبارها على الامتثال لقرارات الشرعية الدولية.