ينطلق الحوار الوطني بين الفرقاء اللبنانيين اليوم برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان وبدعوة منه، ويتحلق حول طاولته، إضافة إليه 19 من الزعماء والقادة السياسيين الممثلين بمختلف الفرقاء والطوائف من أجل البحث في الاستراتيجية الوطنية للدفاع عن لبنان، النقطة الوحيدة المدرجة على جدول الأعمال، إلا إذا ارتأى المتحاورون إضافة أي موضوع آخر إليها، وسط تباين بين فرقاء الأكثرية الذين يعتبرون أنه يفترض حصر البحث بهذا البند وبين أطراف في المعارضة يرون إمكان إضافة عناوين أخرى اقتصادية أو غيرها إليها. وعقد الرئيس سليمان أمس سلسلة لقاءات تحضيرية لجلسة الحوار الأولى منذ الانتخابات النيابية التي أجريت في حزيران (يونيو) الماضي، والتي دفعته الى إضافة شخصيات إليها من الذين نجحوا في هذه الانتخابات بعد أن غابوا عن الطاولة الأولى التي ضمت 14 زعيماً وشخصية وشكلها رئيس البرلمان نبيه بري في آذار (مارس، عام 2006). وقد استبعد من الطاولة السابقة 4 شخصيات وأضيفت إليها 9 شخصيات جديدة. وتضم طاولة الحوار 8 قيادات تمثل الأكثرية الفائزة في الانتخابات و7 قيادات تمثل المعارضة وشخصيتين محسوبتين على الرئيس سليمان واثنتين تمثلان الوسطية هما رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والنائب وليد جنبلاط. وينتظر أن يفتتح الرئيس سليمان طاولة الحوار عند الحادية عشرة قبل الظهر بكلمة تتضمن التطورات منذ عقد آخر جلسة حوار الربيع الماضي، يتطرق فيها الى التهديدات الإسرائيلية للبنان ويركز على أهمية الوحدة الداخلية في مواجهتها. وقالت مصادر الرئاسة اللبنانية أن سليمان يتجه الى حصر البحث في عنوان الاستراتيجية الدفاعية ومواصلة النقاش من النقطة التي وصل إليها في آخر جلسة لهيئة الحوار الوطني، إلا إذا ارتأى المتحاورون البحث في ميادين متصلة بالدفاع الوطني في حال مواجهة أي عدوان مثل الاقتصاد، والمال والصحة، باعتبارها مواضيع متفرعة من عملية الدفاع. ولم تستبعد بعض الشخصيات المشاركة في طاولة الحوار ل «الحياة» أن يتطرق المجتمعون، بمبادرة من سليمان أو من بعض المشاركين، الى موضوع التهدئة الإعلامية، بموازاة المناقشات الجارية حول الطاولة، لا سيما في شأن سلاح المقاومة و «حزب الله» في ظل تباين بين الحزب وفرقاء في الأكثرية يعتبرون أن الاستراتيجية الدفاعية تشمل مبدأ دمج سلاح الحزب في الجيش أو إيجاد صيغة تضعه تحت إمرته من زاوية وجوب حصرية سيطرة الدولة على أراضيها وحصرية السلاح في يدها، وفق ما نص عليه القرار 1701 وأشار إليه البيان الوزاري للحكومة. وفي المقابل يرفض «حزب الله» النقاش حول سلاحه معتبراً أن موضوع الحوار هو كيفية الدفاع عن لبنان. وفيما طالب فرقاء في الأكثرية بإشراك الجامعة العربية في الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية مستندين الى نص اتفاق الدوحة (أيار/ مايو 2008) في بنده الرابع، فإن الرئيس سليمان رأى أنه إذا وجد حاجة لذلك يمكن دعوة الجامعة، وعارض الفكرة فرقاء في المعارضة، لا سيما زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، ورئيس البرلمان نبيه بري، ويسود الاعتقاد في الأوساط السياسية بصعوبة التوصل الى توافق حول الاستراتيجية الدفاعية، تجمع بين سلاح «حزب الله» كمقاومة في وجه العدو وبين مسؤولية الدولة وهيبتها، في ظل الظروف الإقليمية المعقدة التي تحيط بلبنان والمنطقة. وعشية التئام طاولة الحوار قال نائب الأمين العام ل «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم: «إننا ذاهبون الى طاولة الحوار ونحن الذين دعونا بالأصل الى أن يكون هناك حوار حول الدفاع عن لبنان والاستراتيجية الدفاعية، لأننا نعتقد أن مناقشتها تقرِّب وجهات النظر وتجعلنا نستمع الى الآراء الأخرى ويستمعون الى رأينا لعلَّنا نتمكن في الغرف المغلقة من أن نصل الى ما يُساهم في قوة لبنان». وأضاف: «الاستراتيجية الدفاعية مفهومة من اسمها، والدفاع يكون ضد العدو، والطاولة ستجتمع لتناقش كيفية مواجهة إسرائيل، العدو المعتدي، وكيف نجمع قوتنا في لبنان لنحافظ عليها ونزيد من قوتنا، بما يمكننا من منع إسرائيل من الاعتداء علينا، أو أن تأخذ شيئاً من بلدنا، وأن نحرِّر أرضنا». وأكد أنه «لا يوجد نقاش على طاولة الحوار اسمه السلاح، فالسلاح نتيجة للاستراتيجية الدفاعية وليس هو الأصل». وأشار تلفزيون «المنار» التابع ل «حزب الله» الى أن الرئيس بري يهيئ لطرح ملف التنقيب عن النفط في البحر من ضمن استراتيجية اقتصادية. وقال رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد أن «اعتبار البعض أن طاولة الحوار مخصصة للبحث بسلاح المقاومة هو خروج على مضامين هذه الطاولة». وأيد طرح بري توسيع جدول أعمال الحوار لأن هناك من يمنع لبنان من استثمار موارده الطبيعية حتى لا يختل التوازن مع العدو الإسرائيلي. وفي المقابل أعلن المكتب السياسي لحزب الكتائب بعد اجتماعه أمس انه «مصمم على إعطاء جلسات الحوار كل الدعم من أجل تعزيز موقع رئاسة الجمهورية وتأكيد مبدئه باعتماد الحوار لا الاحتكام الى السلاح». وأشار الى «أن طرح الاستراتيجية الدفاعية، وهو الموضوع الأساس في جلسة الحوار، يستدعي اتفاق المتحاورين على تحديد دور لبنان تجاه نفسه أولاً وتجاه الصراعات العاصفة في منطقة الشرق الأوسط. فدور لبنان يحدد السياسة الدفاعية وليس العكس، كما هو حاصل اليوم». من جهة ثانية قالت مصادر قضائية ل «الحياة» إن القضاء اللبناني رد طلب القضاء السوري بتبليغات عن استنابات قضائية سورية صدرت في كانون الأول (ديسمبر) 2009 في الشكوى التي رفعها اللواء جميل السيد ضد مسؤولين سياسيين وأمنيين وإعلاميين لبنانيين في دمشق بتهمة التعاون مع شهود الزور في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري وحجز حريته على خلفية توقيفه في القضية. وكشفت مصادر قضائية أن وزير العدل اللبناني إبراهيم نجار كان أحال على النيابة العامة التمييزية، الاستنابات السورية لاتخاذ قرار في شأنها، فقرر النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا ردّها، مستنداً في ذلك الى عدم قانونيتها كونها لم تراع الأصول المتبعة، على اعتبار أن الجرائم المدعى بها واقعة على الأراضي اللبنانية، فضلاً عن أن المطلوب دعوتهم للتحقيق معهم في شكوى السيد هم أيضاً لبنانيون. وينتظر أن يبلّغ القضاء اللبناني قراره الى وزير العدل لإحالته بالطرق الديبلوماسية عبر وزارة الخارجية والمغتربين الى السلطات السورية.