دعت منظمة «هيومن رايتس ووتش» اليوم (الأحد)، السلطات التونسية إلى «إجراء تحقيق شامل ونزيه» في وفاة موقوفين اثنين ماتا أخيراً في واقعتين منفصلتين، أثناء احتجازهما من قبل الشرطة في تونس العاصمة في ظروف مثيرة للشبهات. وأوردت المنظمة الحقوقية الدولية في بيان لها، أن «أهالي الضحيتين قدّما صوراً تُظهر كدمات على وجهيهما وجسديهما، قائلين إن السلطات لم تبلغهم بالوفاة فور حدوثها»، مضيفة أن «عائلة سُفيان الدريدي عثرت عليه ميتاً في مشرحة مستشفى شارل نيكول بالعاصمة، في 18 أيلول (سبتمبر) الماضي، بعد توقيفه من قِبل الشرطة في إدارة الجوازات بمطار تونس - قرطاج بسبعة أيام»، لافتةً إلى أن «إدارة السجن أو الشرطة لم تخبر عائلته بوفاته». وذكرت المنظمة أنه «رحّلت سويسرا الدريدي إلى بلده تونس في 11 أيلول الماضي، وأوقفته الشرطة في مطار تونس - قرطاج بموجب مذكرة توقيف صدرت بحقه في العام 2011، بتهمة مشاركته في شجار عنيف»، مشيرةً إلى أنه «أمضى أربعة أيام محبوساً على ذمة التحقيق في مركز التوقيف بوشوشة في تونس العاصمة». وأفادت أن «القضاء أصدر في 15 أيلول الماضي مذكرة توقيف بحق الدريدي، وحدد في اليوم ال 18 من الشهر نفسه موعداً لمحاكمته، لكنه توفي قبل الموعد بيوم واحد، وتسلمت عائلته جثمانه في اليوم ال 19». من جهته، قال الناطق الرسمي باسم «سجن المرناقية» رضا الزغدودي، إن «الدريدي كان مريضاً بالسكري، ما تسبب في إصابته بأزمة قلبية أودت بحياته»، ووفق المنظمة التي نقلت عن محامي أسرة الدريدي، أن القضاء «فتح تحقيقاً في الوفاة». وفي سياق متصل، أضافت المنظمة أن «عناصر شرطة في زي مدني من فرقة مكافحة المخدرات أوقفوا قيس برحومة (36 سنة) في الخامس من الشهر الجاري في حيّ الوردية حيث يقطن، واعتدوا عليه بالضرب المبرح»، مضيفةً أن «عائلته سمعت في اليوم التالي من قريب لها أن جثمانه في مستشفى شارل نيكول». وقرر القضاء فتح تحقيق مبدئي في وفاة برحومة المشبوهة، بحق «وحدة مكافحة المخدرات» في الحرس الوطني بالوردية، بحسب المنظمة التي قالت أن «السلطات لم تصدر بياناً حول ظروف وفاته». وأكدت ممثلة «هيومن رايتس ووتش» في تونس آمنة القلالي، أن «صدقية النظام العدلي التونسي على المحك إذا لم يُوضح كيف ولماذا مات هذان المحتجزان»، لافتةً إلى أن «إخفاق السلطات في إخبار الأهالي فوراً بالوفاة، يعزز الشبهات في حدوث انتهاك». ولم يتسن على الفور الحصول على معلومات من جهات رسمية حول ظروف وفاة برحومة والدريدي. وأعلن المقرر الخاص للأمم المتحدة حول التعذيب في العام 2014، عقب زيارة إلى تونس، أنه «على رغم التقدم الحاصل في مكافحة التعذيب في تونس، وأن الضحايا أصبحوا لا يخشون رفع دعاوى، إلا أن ما قامت به النيابة العامة والقضاة للتحقيق فيها، يكاد للأسف لا يذكر». ودعا المقرر الحكومة إلى فتح تحقيقات عاجلة ومعمقة في مزاعم التعرض إلى التعذيب، ومحاكمة مرتكبيه، وتمكين الضحايا من التعويض اللازم.