في موازاة التوقعات الإسرائيلية بالإعلان رسمياً الأسبوع الجاري عن استئناف المفاوضات غير المباشرة مع السلطة الفلسطينية، توقع «تقرير سري» لوزارة الخارجية الإسرائيلية بألا تنشغل الإدارة الأميركية في هذا الملف، وأن تعطي الأولوية لانتخابات الكونغرس أواخر العام. من جهتها، استبعدت تعليقات الصحف العبرية أن تحقق المفاوضات أي تقدم، ووصفتها كبرى الصحف الإسرائيلية «يديعوت أحرونوت»، بأنها «مفاوضات إلى لا مكان». ونقلت الإذاعة العسكرية عن أوساط سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى توقعها الإعلان عن استئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية مع وصول نائب الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل اليوم. وأضافت أن الإعلان قد يصدر عن الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل الذي يواصل زيارته لإسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية. ووفقاً لوسائل الإعلام العبرية، فإن بايدن لا يعتزم تكريس زيارته للخوض في دقائق الأمور في الاتصالات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، إنما لمسائل أوسع مثل العلاقات المتعددة الجوانب بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، والملف الايراني. وأجمعت على أن الهدف الرئيس من الزيارة هو لجم إسرائيل «وتهدئة قيادتها والتأكد من أنها لا تخطط لتشويش جهود الإدارة الأميركية الرامية لفرض عقوبات على ايران، من خلال توجيه ضربة عسكرية استباقية على المنشآت النووية في ايران». والتقى ميتشل أمس رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الذي أبلغه أن إسرائيل مستعدة للمفاوضات «دون شروط مسبقة». وكان ميتشل التقى مساء اول من امس وزير الدفاع ايهود باراك الذي وصفت أوساطه الاجتماع ب «الممتاز». ونقلت «يديعوت أحرونوت» عن باراك قوله لميتشل إن نتانياهو، كما سلفيه آرييل شارون وايهود اولمرت، «سيسلمان في نهاية المطاف بوجوب أن تخلي إسرائيل غالبية المستوطنات في الضفة الغربية»، لكن باراك أعرب عن مخاوفه من «أن يحاول شركاء نتانياهو في اليمين فرملته عندما تدخل المفاوضات مرحلة جدية». ولم يعرف بعد هل ستجري المفاوضات تحت رعاية ميتشل، أم يقوم الأخير بزيارات مكوكية بين القدسالمحتلة ورام الله. ونقلت «هآرتس» عن موظف اميركي كبير أن ميتشل «سيقوم بدور ناشط وكبير في المفاوضات، وفي حال تعثرت فسنحاول التغلب على المشاكل وطرح أفكار من عندنا ... وفي حال رأينا أن أحد الجانبين لا يطبق التزاماته، فسنعلن ذلك على الملأ». من جهتها، أفردت صحيفة «هآرتس» عنوانها الرئيس أمس ل «تقرير سري» أعده قسم الأبحاث السياسية (قسم الاستخبارات) في وزارة الخارجية الإسرائيلية وسلمه لوزارة الخارجية أفيغدور ليبرمان وسفراء إسرائيل في أرجاء العالم جاء فيه أنه على رغم الاستئناف المتوقع للمفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية هذا الأسبوع، فإنه ليس متوقعاً أن تكرس الإدارة الأميركية اهتماماً كبيراً بالعملية التفاوضية لتفضيلها معالجة قضايا أكثر إلحاحاً، في مقدمها الإعداد لانتخابات الكونغرس. كما اتهم التقرير الإدارة الأميركية بأنها، في الاتصالات التي أجرتها لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، «تبنت صيغاً ومواقف تتماهى في جزء منها، وإن بحذر، مع المطالب الفلسطينية في كل ما يتعلق بشكل استئناف المفاوضات غير المباشرة ... أما في القضايا الجوهرية فإن الإدارة الأميركية تتجنب التصريح بمواقفها منها». وأضاف ان الإدارة الأميركية مدركة للمشاكل السياسية الداخلية التي يواجهها نتانياهو ورئيس السلطة محمود عباس (أبو مازن)، و «عليه اكتفت في هذه المرحلة بتحريك العملية السياسية حتى عبر التفاوض غير المباشر ... ولن يكون اهتمام الرئيس باراك اوباما منصباً نحو دفع العملية السياسية في الشرق الأوسط... وبتقديرنا فإن الإدارة تتوقع أن تركز هذا العام في قضايا داخلية أميركية يتوقع أن تحسم الانتخابات النصفية للكونغرس». وتابع التقرير أنه بناء لهذه الخلفية، وإزاء صعوبة تحقيق إنجاز جدي في العملية السياسية، «يفترض أن ينحصر اهتمام الأميركيين بمتابعة ميتشل وطاقمه». ويقّدر معدو التقرير أن الإدارة الأميركية ستسوّق المفاوضات غير المباشرة، سواء على الصعيد الداخلي ام الدولي، إنجازاً لها أملاً في ايجاد أجواء تتيح الانتقال للمفاوضات المباشرة في القضايا الجوهرية، «لكن ليس واضحاً إن كانت هذه الرؤية تحل محل الطموح الى حل الصراع، أي فقط بالاكتفاء بإدارة الصراع من خلال التقدم التدريجي في المفاوضات».