باريس - ا ف ب - تنذر اجواء الانتخابات الاقليمية المقررة في 14 و21 اذار/مارس الحالي بهزيمة لليمين الفرنسي, ضحية عدم شعبية الرئيس نيكولا ساركوزي في منتصف ولايته, وبانطلاقة جديدة لليسار قد تشكل فرصة له في الفوز في الانتخابات الرئاسية المقررة 2012. واليسار, الذي يسيطر منذ 2004 على 20 من 22 منطقة, مع افلات كورسيكا والالزاس فقط من هيمنته, وعلى مناطق ما وراء البحار الاربع, يبدو قادرا وفقا لاستطلاعات الراي على تحقيق نتائج افضل والفوز ب"الجائزة الكبرى" اي الانتخابات الرئاسية التي تصبو اليها سكرتيرة الحزب الاشتراكي مارتين اوبري. وقالت الاخيرة لمجلة "باري ماتش" الصادرة هذا الاسبوع "ما زلت اعتقد ان بامكاننا الفوز بجميع المناطق ليس لمصلحتنا نحن بل لمصلحة الفرنسيين". وفي هذا الاقتراع المعقد الاجراءات تتساوى الاغلبية الرئاسية والمعارضة الاشتراكية في الجولة الاولى مع 30% من الاصوات لكل منهما. لكن في الجولة الثانية يمكن للحزب الاشتراكي الاعتماد على دعم انصار البيئة (11 الى 14%) وناخبي اليسار المتشدد. ويعاني مرشحو الاغلبية من تدني شعبية الرئيس (مع 60% من الاراء السلبية وفق اخر استطلاع) الذي منى بنكسات متكررة وكان موضع جدل سياسي عنيف في الخريف لا سيما بسبب ترشح نجله الذي لا يزيد عمره عن 23 عاما على راس حي لا ديفانس الباريسي الشهير بحي الاعمال الكبير. كما اطلقت الحكومة نقاشا حول الهوية الوطنية والهجرة انزلق الى سلسلة من الانحرافات العنصرية. اضافة الى ذلك يشعر الفرنسيون بالقلق الشديد على الوضع الوظيفي مع وصول معدل البطالة الى 10%, اعلى مستوى له منذ عشر سنوات والذي يتوقع ايضا ان يواصل الارتفاع رغم ان نيكولا ساركوزي كان توقع في نهاية كانون الثاني/يناير انخفاضا لهذا المعدل "خلال الاسابيع او الاشهر القادمة". وتلخصت الحملة في وسائل الاعلام بسلسلة هجمات شخصية كما حدث في المنطقة الباريسية حيث اتهم نواب الاتحاد من اجل حركة شعبية (اليمين الرئاسي) خطأ مرشحا اشتراكيا بانه من اصحاب السوابق. ويتوقع ان تكون نسبة الامتناع عن التصويت كبيرة مع نحو 50%. وفي انتخابات منتصف الولاية هذه بالنسبة لنيكولا ساركوزي يدل العدد الكبير للوزراء المرشحين (20) على التدخل الشخصي للرئيس الفرنسي. فانتخابات الاقاليم هذه التي تزداد اهمية, وان كانت لا تزال اقل ثقلا بكثير من انتخابات الاقاليم الالمانية, سيكون لها انعكاسات على الصعيد الوطني. ففي اليمين يواجه نيكولا ساركوزي خطر التشكيك في سلطته والتعرض لضغوط لاتخاذ مبادرة سياسية مثل اجراء تعديل حكومي. الا ان تغييرا جوهريا يبدو مستبعدا مع الشعبية الكبيرة التي يحظى بها رئيس الوزراء فرنسوا فيون والذي تجعل الالتفاف عليه شبه مستحيل. وفي اليسار ستشكل هذه الانتخابات اول شعاع نور بعد سنوات من الظلام. لكن برونو جانبار الخبير في معهد استطلاعات الراي (اوبينيونواي) يرى انه "لا يزال على اليسار اقناع الفرنسيين بان بامكانه ان يفعل افضل من اليمين الحاكم وان يكون له مرشحا قادرا على منافسة ساركوزي". ومن شأن فوز الاشتراكيين في الانتخابات الاقليمية ان يعطي مارتين اوبري مصداقية للترشح في الانتخابات التمهيدية التي ينوي الحزب تنظيمها عام 2011 لاختيار مرشحه للانتخابات الرئاسية القادمة. والرهان يبدو ايضا مهما بالنسبة لمنافستها سيغولين روايال التي انعزلت داخل الحزب الاشتراكي في الاشهر الاخيرة الماضي. وفي حال حققت روايال فوزا ساحقا في معقلها بواتو-شارانت (وسط غرب) فان من شان ذلك ان يعطيها انطلاقة جديدة بعد ان شكل قاعدة انطلاق لها عام 2004 مع ترشحيها للرئاسة. لكن المرشح المفضل في استطلاعات الراي لا يزال دومينيك ستروس كان الذي يتولى حاليا ادارة صندوق النقد الدولي. ويبدو ان هذا الاخير عقد "ميثاقا" مع مارتين اوبري يقضي بان لا يترشح احدهما ضد الاخر في الانتخابات التمهيدية للحزب الاشتراكي.