بدأ الرئيس اللبناني ميشال سليمان زيارة رسمية للمملكة العربية السعودية تستمر يومين، لاجراء محادثات مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وكبار المسؤولين السعوديين، فيما وصل رئيس الحكومة سعد الحريري عصر أمس الى الكويت في زيارة رسمية أيضاً يلتقي خلالها أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وكبار المسؤولين. وافادت «وكالة الأنباء السعودية» بان خادم الحرمين والرئيس اللبناني عقدا جلسة محادثات امس تناولت عدداً من الملفات السياسية، جاء في مقدمها تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والمستجدات على الساحتين الفلسطينية والعراقية، فضلاً عن مناقشة السبل الكفيلة بتعزيز العلاقات بين الرياض وبيروت في النواحي السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية. وكان خادم الحرمين في مقدم مستقبلي الرئيس اللبناني لدى وصوله إلى مطار الملك خالد الدولي في الرياض. كما كان في استقباله النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز، وأمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز. وصحب الملك عبدالله ضيفه في موكب رسمي إلى قصره حيث اقام له مأدبة عشاء تكريمية حضرها ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز وكبار المسؤولين السعوديين. وفي الكويت نوه الحريري، في خطاب القاه خلال عشاء أقامته الجالية اللبنانية على شرفه في خيمة نصبت خصيصاً في قصر بيان، بالدور الذي لعبته الكويت في المصالحة العربية وفي إنجاح الملك عبدالله بن عبدالعزيز في إطلاق قطار المصالحات العربية. وقال الحريري إنه «لو كانت كل الأخطار التي تحيط بنا اليوم من تهديدات إسرائيل الى خطر الانفجار الإقليمي الكبير ولم تكن المصالحات العربية جارية لكان الانهيار العربي هو الحال لا سمح الله». في غضون ذلك، أكد رئيس المحكمة الخاصة بلبنان أنطونيو كاسيزي في تقريره السنوي الأول الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بعد مضي سنة على تأسيس المحكمة (في 1 آذار/ مارس 2009) التي أنشئت للنظر في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومقتل وإصابة آخرين، وفي اعتداءات مترابطة أخرى، أن «المحكمة واثقة بأنها ستنتقل الى العمل القضائي في شكل فعال في السنة المقبلة». وتحدث كاسيزي في تقريره الذي يقع في 74 صفحة فولسكاب (زهاء 27800 كلمة) عما سبق أن أعلنه المدعي العام في المحكمة القاضي الكندي دانيال بلمار عن حصول تقدم في التحقيق الدولي، وقال: «أُحرز تقدم كبير يدعو الى التفاؤل في شأن النتائج المنتظرة للتحقيق... ومع ذلك لا يزال يتعين القيام بالمزيد وهناك حاجة الى الدعم الثابت والتعاون المستمر من لبنان وكل الدول الأخرى وكذلك البلدان المانحة والمنظمات ذات الصلة كي يتسنى لمكتب المدعي العام الاضطلاع بمهماته بنجاح». وأوضح كاسيزي أنه «يجرى اتخاذ كل الخطوات ليتم الانتقال من مرحلة التحقيق الى مرحلة الادعاء بسلاسة ولتسير عملية المحاكمة بأسرع وقت ممكن». وقال إن «التقدم الملموس الذي أحرزه مكتب المدعي العام في تحضير القضية التي ستقدم مرتكبي الجريمة الى العدالة، تحقق على رغم انضباط الذين يقفون وراء الاعتداء وتطورهم الواضحين». وإذ أشاد كاسيزي بالتعاون الكامل من السلطات اللبنانية، أشار الى إرساله أكثر من 60 طلباً للمساعدة الى 24 دولة في حين أُنجزت 62 مهمة على أراضيها وتحدث عن إجراء أكثر من 280 مقابلة مع الشهود من المحققين خلال السنة المنصرمة... وكشف كاسيزي أنه يمكن لمكتب بلمار أن يقدم تقريراً عن المؤشرات الآتية في التقدم في التحقيق في نطاق التزامه بقيود حماية سرية التحقيق: أ) سحب بعض الأدلة والمعلومات غير الموثوق بها بعد استعراض مستفيض للمواد التي تم جمعها طيلة فترة التحقيق. ب) زيادة الاقتناع بأن مرتكبي الاعتداء هم الأشخاص الذين استخدموا الشبكة المحددة. ج) الحصول على معلومات إضافية لتأييد واقعة أن مرتكبي الاعتداء نفذوه بالاشتراك مع مجموعة أكبر. د) الاقتراب من تحديد هوية الانتحاري المشتبه به من خلال حصر أصله الجغرافي وإعادة بناء ملامح وجهه جزئياً. ه) مواصلة التوسع في التدقيق في الأدلة المتصلة بعناصر الترابط بين الاعتداء على الحريري والاعتداءات الأخرى. و) تطوير مصادر معلومات جديدة واستثمارها. وشدد كاسيزي في تقريره على أن المحكمة «تنوي أن تحقق عدالة خالية من أي قيد سياسي أو أيديولوجي»، معتبراً أن «علينا أن نصب اهتمامنا على التمويل وعلى المساعدة القضائية من الدول وغيرها من الهيئات الدولية». وتطرق كاسيزي الى إنجازات السنة الماضية والعقبات التي واجهتها المحكمة وبعض العثرات التي وقعت فيها مشيراً الى أنه «لا بد من أن ينطوي كل تحد جديد يسير فيه المرء من المجهول على عنصر التجربة والخطأ ولكن ليس صواباً عدم التصرف خوفاً من الوقوع في الخطأ... وبالتالي لن نتفادى أخطاء الفعل». وتوسع تقرير كاسيزي في شرح أوجه الاختلاف بين هذه المحكمة التي تنظر حصراً في قضايا إرهاب كجريمة في حد ذاتها وبين المحاكم الجنائية الدولية الأخرى التي تفصل في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية. ومن بين أوجه الاختلاف أنها تجيز المحاكمة في غياب المتهم. وفسّر كاسيزي الأوجه المتصلة بهذه الناحية مذكراً بأن قواعد المحكمة قلّصت من نطاق إجراءات المحاكمة في غياب المتهم لأن حضوره ليس بالضرورة متوجباً وأن وجوده القانوني قد يكون كافياً بأن يمثل للمرة الأولى أو بواسطة نظام المؤتمرات المتلفزة أو محام، على أن يستمر محامي الدفاع في تمثيله. وأكد أن لدى المحكمة ميزتين هما مكتب الدفاع ومشاركة المتضررين في الإجراءات كمدعين شخصيين. وأوضح كاسيزي أن «القاعدة في ما يخص الشهود والمتهمين الذين يمثلون أمام المحكمة هي عدم احتجازهم رهن المحاكمة فالحرية هي المبدأ العام والاحتجاز هو الاستثناء». ويمكن استدعاء المشتبه بهم أو المتهمين من دون استبعاد احتجاز أي منهم في بلد إقامته أو في مرفق الاحتجاز التابع للمحكمة مع جواز الأمر بإخلاء سبيله موقتاً من قاضي الإجراءات التمهيدية. وأشار الى أن «للمحكمة سلطة تسلم الأدلة الخطية من دون استدعاء شخصي للشهود أو للمشتبه بهم وأن مواد قواعد الإجراءات أن يدلي الشاهد الذي لم تكشف هويته بشهادة أمام قاضي الإجراءات التمهيدية بحيث يكون القاضي وحده من يعرف هويته». وتحدث عن قواعد تحقق التوازن بين ضرورة عدم الكشف عن مصدر معلومات، أو عن المحتوى الدقيق للمعلومات السرية التي بحوزة المدعي العام أو الدفاع وبين الحاجة الى ضمان محاكمة عادلة. وتطرق الى أن المعلومات التي تقدم بصفة سرية وتمس مصالح إحدى الدول أو الهيئات الأمنية لا يمكن إبلاغها إلا بموافقة مقدمها. وقال كاسيزي أن «جمع الأدلة الذي يراعي معايير المحاكمات الجنائية الدولية الصارمة عملية معقدة تستغرق وقتاً طويلاً»، مشيراً الى أنه «يفصل بين مباشرة ادعاء محكمة دولية وبين بدء إجراءات المحاكمة سنتان الى ثلاث على الأقل كقاعدة عامة». وتحدث كاسيزي عن أهمية تعزيز التواصل الخارجي للمحكمة وتكثيفه، وأشاد بالخطوات التي اتخذها المدعي العام ورئيس مكتب الدفاع وقاضي الإجراءات التمهيدية الستة الماضية تباعاً تجاه الضباط الأربعة الذين كانوا محتجزين في لبنان لسرعة الخطوة وعدلها وصراحتها من الناحية القانونية.