رأى رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري أن العبور الى الدولة هو عبور الى الأمن والاستقرار والتوازن. وقال خلال العشاء الذي اقامته الجالية اللبنانية في خيمة اقيمت خصيصاً له في باحة قصر بيان في الكويت مساء أمس: «يسرني في هذه العشية اللطيفة أن أبدأ زيارتي الرسمية لدولة الكويت الشقيقة بلقاء أبناء الجالية اللبنانية وبناتها فيها، هذه الجالية التي بات عددها يتخطى المئة ألف ما يدل على عمق العلاقات التي تربطنا بهذا البلد الطيب الرحب وبشعبه وحكومته وأميره الشيخ صباح الأحمد الصباح حفظه الله للبنان والكويت معاً». وأضاف: «تعلمون كم أن الكويت ولبنان يتشابهان في حيوية نظامهما الديموقراطي وفي حيوية اقتصادهما المبني على مبادرة القطاع الخاص وفي كونهما دولتين صغيرتين تعيشان في محيط إقليمي محفوف بالمخاطر وفي احترامهما لمنظومة المصالح العربية أولاً والتزامهما المواثيق الدولية وعدم التدخل بالشؤون الداخلية لأي دولة شقيقة أو صديقة وفي سعيهما الى بناء أفضل العلاقات مع كل الدول باستثناء عدونا الإسرائيلي المشترك طبعاً». وتابع الحريري: «تعلمون أيضاً أن الكويت كانت على الدوام، وعبر التاريخ في طليعة الدول الداعمة للبنان ولشعبه ولقضاياه، وهو دعم ارتبط بشكل وثيق باسم الأمير صباح الأحمد الصباح منذ كان وزيراً للخارجية وقد انخرط في كل المساعي لوقف الحرب الأهلية اللبنانية التي انتهت إلى غير رجعة بإذن الله. كما كانت الكويت سباقة في دعم مسيرة إعادة الإعمار التي أطلقها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكانت دائماً إلى جانب لبنان، بعد كل عدوان اسرائيلي تمد يد العون وتبلسم الجراح، فيما الكويتيون والكويتيات، دائماً في طليعة الزوار والمستثمرين والمبادرين في كل فترات الهدوءالتي ينعم بها لبنان، وتحديداً في هذه الفترة من الوحدة الوطنية والاستقرار والأمن التي ستطول وتبقى دائمة بمشيئة الله عز وجل وبإرادة جميع اللبنانيين واللبنانيات»، منوهاً بالدور «الذي لعبته الكويت وأميرها تحديداً، لإنجاح مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إطلاق قطار المصالحات العربية من هنا تحديداً، من الكويت». وقال الحريري: «تخيلوا لحظة واحدة لو كانت كل الأخطار التي تحيط بنا اليوم، من تهديدات إسرائيل إلى خطر الإنفجار الإقليمي الكبير، ولم تكن المصالحات العربية جارية، بل كان الإنهيار العربي هو الحال،لا سمح الله»، مضيفاً: «إنها صفحة جديدة نفتحها في عالمنا العربي، بفضل ملك العروبة طبعاً، وبفضل من كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري يطلق عليه اسم أمير الحكمة، وأمير الديبلوماسية الذي جعل من الكويت ركناً من أركان العروبة الحديثة والتضامن العربي الجديد». وأكد أن «العلاقات اللبنانية الكويتية يصنعها الشعبان، يصنعها الكويتيون في جامعات لبنان ومدارسه ومصايفه وبمساهمتهم في مختلف قطاعات اقتصاده المنتجة وتصنعونها أنتم، أنتم لبنانيي الكويت وقد قضى بعضكم معظم عمره في هذا البلد المضياف الذي فتح أذرعه وبيوته وشركاته للخبرات والمقدرات العلمية التي يتميز بها لبنان». وقال: « أنتم سمعة لبنان في الكويت وأنتم وجه لبنان الحضاري بعملكم الدؤوب ووفائكم الصادق والأهم الأهم باحترامكم الكامل وغير المنقوص لقوانين الكويت وأعرافها وتقاليدها وقيمها العريقة التي جعلت أهلها يعاملونكم معاملة الأهل والأحبة». وأضاف: «ربما هي مصادفة أنه في حين كان شعار تحالفنا الانتخابي في لبنان «العبور إلى الدولة» كان كل الشعب الكويتي يختار أن يتبنى خطة أمير البلاد التنموية تحت شعار «العبور إلى المستقبل «وإنني أدعوكم جميعاً هنا إلى وضع كل طاقاتكم وجهودكم في خدمة هذا الشعار وهذه الخطة لأن مساهمتكم في إنجاحها لن تكون سوى بداية من قبلنا جميعاً برد الجميل لكل ما قامت به الكويت حكومة وشعباً لأجل لبنان وشعبه». وزاد الحريري: « لكن الأهم أنكم هنا في الكويت، كما في كل بلاد الانتشار، أنتم كنز لبنان في الاغتراب، كنز من الطاقات والخبرات والمعرفة والمحبة والتآخي، ولبنان بحاجة إليكم، إلى مساهمتكم في العبور إلى الدولة والعبور إلى الدولة في نظرنا هو عبور إلى القانون، إلى الأمن والاستقرار والأمان الاجتماعي والإنماء المتوازن بتقريب المسافات وإيصال الخدمات إلى كل المناطق، هو العبور إلى كهرباء لا تنقطع وإلى مياه لا تهدر وبيئة لا تدمر. والعبور إلى الدولة في نظرنا هو العبور إلى جيش محترف مجهز بأحدث التقنيات والأعتدة وإلى أمن داخلي يسهر على حماية حقوق المواطن وأملاكه ومصالحه ويكافح السارق والمهرب ومروج المخدرات ويتعاون مع الجيش في محاربة الإرهاب والعمالة للعدو الإسرائيلي. والعبور إلى الدولة هو عبور إلى قضاء مستقل عادل وإعلام حر يحترم القانون ويقول الحقيقة من دون خوف وخجل ولا يغذي النعرات الطائفية والمذهبية والعنصرية لا بل يحاربها بوعي وتصميم. والعبور إلى الدولة، بمفهومنا هو عبور إلى مجتمع يؤمن لكل مواطن من مواطنيه وفي كل منطقة من لبنان المكان اللائق للاستشفاء والمدرسة المتألقة للدراسة والجامعة المرموقة للتخصص كي يضمن فرصة العمل والعيش الكريم». وأكد أن «الاغتراب اللبناني ساهم في اصقاع الأرض ببناء دول واقتصادات ناجحة، وآن الأوان كي تساهموا في بلدكم لنكرس طاقاتنا جميعاً لبناء دولتنا لكي يتحقق حلم كل واحد وواحدة منا». وكان الرئيس الحريري وصل مساء أمس الى الكويت على رأس وفد رسمي يضم الوزراء عدنان القصار وميشال فرعون وفادي عبود ووائل ابو فاعور والنائب السابق باسم السبع و نادر الحريري والمستشارين محمد شطح وهاني حمود وفادي فواز، في زيارة رسمية تستمر يومين يجري خلالها محادثات مع امير الدولة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ورئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح وعدد من كبار المسؤولين تتناول آخر تطورات الأوضاع الإقليمية والعلاقات الثنائية بين البلدين. وكان في استقباله في المطار رئيس بعثة الشرف والمستشار في ديوان رئيس مجلس الوزراء الكويتي فيصل محمد الحجي بو خضور وسفير الكويت في لبنان عبد العال القناعي وسفير لبنان في الكويت بسام نعماني. وستقام عند العاشرة قبل ظهر اليوم مراسم الاستقبال الرسمي للحريري حيث يكون في استقباله رئيس مجلس الوزراء الكويتي في قصر بيان و تعزف الموسيقى النشيدين الوطني اللبناني والكويتي، ثم تبدأ اللقاءات الرسمية بزيارة امير الدولة في قصر السيف، وبعدها يزور الرئيس الحريري رئيس مجلس الأمة الكويتي جاسم الخرافي . وتبدأ المحادثات الرسمية بين الجانبين الكويتي واللبناني عند السابعة مساء بالتوقيت المحلي يليها توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال المعارض وبروتوكول تعاون في مجال جذب الاستثمار الأجنبي المباشر ومذكرة تفاهم للتعاون الصناعي، وتختتم الزيارة بعشاء رسمي يقيمه رئيس مجلس الوزراء الكويتي على شرف الرئيس الحريري والوفد المرافق في قصر بيان.