غيّرت تكنولوجيا "الطباعة الثلاثية البعد" حياة طفلة أميركية تبلغ من العمر أربع سنوات، بعدما استخدمها الأطباء للحصول على نموذج من قلبها استطاعوا من خلاله التخطيط والتحضير لإجراء عملية جراحية لغلق جزء من شريانها الأورطي الذي كان يضغط على قصبتها الهوائية، مسبباً لها مشاكل في التنفس... وعانت ميا غونزاليز طيلة السنوات الثلاث الأولى من عمرها من نزلات رشح ومشاكل في التنفس، أدت إلى تدهور حالتها الصحية قبل أن يكتشف المختصون في مستشفى "نيكولاس للأطفال" في مدينة ميامي الأميركية وجود تشوه في شريانها الأورطي يضغط على قصباتها الهوائية. ومكّنت طابعة ثلاثية البعد بدأت بعض المستشفيات ومنها "نيكولاس للاطفال"، باستعمالها خلال السنوات القليلة الماضية، الجراحين من إعداد خطة محكمة لتنفيذ العملية الجراحية، مستعينين بنسخ من الأعضاء البشرية مصنوعة من المطاط والبلاستيك تُنتجها هذه الطابعات، معتمدةَ على صور من "جهاز الرنين المغناطيسي" (MRI) و"جهاز الأشعة المقطعية" (CT scan). ونقلت قناة "سي أن أن" الإخبارية الأميركية عن الطبيب المشرف على الجراحة الدكتور ريدموند برك إشارته إلى أن استعمال النموذج ساعده في خفض زمن الجراحة ساعتين "إذ انه لم يعط أي مجال للشك، خصوصاً وأن الجراحين لا يحبّون هامش الشك"، مستبعداً في الوقت نفسه "التشكيك مستقبلاً في إمكان نجاح جراحة ما من دون دراسة النموذج أولاً". يأتي هذا في وقت يشهد العلم تطوراً كبيراً في هذه النوع من التكنولوجيا الذي يقدم بديلاً أقل كلفة وأكثر توافقاً مع البيئة بالمقارنة مع الصناعات التقليديّة التي يستمر النقاش حول كلفتها المرتفعة وتأثيراتها البيئية السلبية، بالإضافة إلى قدرته على الالتفاف على نقص المهارات البشرية والتقنيّة. وحققت هذه التكنولوجيا طفرة كبيرة في عام 2010، إذ أصبحت أدواتها أصغر وأقلّ كلفة وأسهل من ناحية استخدامها، كما بات من الممكن استعمال مواد خام أكثر تنوّعاً وإنتاج مجسّمات معقّدة ومركّبة. وطُوّرت الطابعات الثلاثيّة البعد بطريقة تسمح لها باستخدام المعادن والبلاستيك والورق والمطاط والرمل والسيليكون والسيراميك، وحتى "التيتانيوم" الفائق الصلابة، كما ظهرت طابعات متخصّصة في وظائف محدّدة، كالطابعات التي تستخدم خلايا حيّة في صنع أنسجة بيولوجيّة. ووظّفت شركة صينية أربع طابعات ثلاثية البعد لبناء 10 منازل كاملة الحجم، مُكوّنة من طابق واحد، خلال يوم واحد، فيما يستغرق بناء بيت صغير مدة لا تتجاوز ال30 دقيقة. واستخدمت الشركة مواد بناء منخفضة الكلفة لم تتجاوز قيمتها ال5 آلاف دولار، معتمدة على خليط من الإسمنت ومخلفات البناء المُعاد تدويرها، لبناء جدران المنزل طبقة بعد طبقة. وقالت "وكالة الأنباء الصينية الجديدة" (شينخوا) إن "تقنية البناء بالطباعة ثلاثية البعد أصبحت مستخدمة بشكل كبير خلال الأعوام الماضية، ما يجعل المصممين والمصنعين قادرين على إنجاز وحدات كل يوم في مجالات مثل صناعة المجوهرات والأثاث». ويتطلع العاملون في هذه المجال إلى توظيف هذه التقنية لتشييد ناطحات سحاب في المستقبل، لكن القوانين الصينية تمنعهم من استخدام هذه التقنية في إنشاء مبانٍ متعددة الطابق، في الوقت الحالي.