تطوى صفحة الرحيل المرّ بوفاة أحدهم وانقضاء أجله، حاملة معها كل ذكرياته وصفاته التي كان للأقربين النصيب الأكبر منها دائماً، ولكن ثورة التطور والتكنولوجيا جعلت حزن الفراق والحداد على الميت «حزناً مجتمعياً» ممتداً، في مشاركة القريب والبعيد بدعوة، أو نشر فائدة بنية المتوفى، ما أوجد مسمى «حسابات الصدقة الجارية»، التي ينشئها - غالباً - ابن أو خ أو صديق للمتوفى آلمه الوداع. وإحياءً لذكرى هذا الميت، انتشرت أخيراً حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي تحت مسمى «الصدقة الجارية لفلان»، يديرها شخص ما، وربما أشخاص كُثر، لهم صلة قرابة أو معرفة في الراحل، فيعددون محاسنه، ويروجون فضائله، وأحياناً ينشرون تفاصيل وفاته، كلما عادت الذكرى، وتجددت المناسبة. ولا يكاد يمرّ يوم أو ساعات قلية من دون رؤية حساب يدعو صاحبه إلى ترويجه وإشهاره، من خلال الوصول إلى أكبر عدد من المستخدمين، موضحاً فيه آلية الحصول على الثواب للميت، من خلال إعادة تدويره والكتابة له، والمساهمة في معرفته من جانب عدد كبير من الناس، وربما يخرج الإعلان عن إطار الموقع الاجتماعي، إلى الرسائل المتداولة عبر الهواتف المحمولة. إلا أن العضو في مجمع الفقه الإسلامي الدكتور حسن سفر أكد في تصريح ل«الحياة» أن الظاهرة الجديدة «من مستحدثات العصر التي فيها الجيد والرديء»، ولكنه أبدى خشيته من «استغلال هذه الأمور، بعيداً عن الهدف الأساس إلى الموقع أو الحساب، ولا يفضّل إدراجها تحت مظلة رسمية، بعداً عن التعقيد والرياء، فتترك إلى الاجتهادات الشخصية، من جانب أقارب المتوفى وذويه». واستبعد سفر أن يصح إدراج هذه الحسابات تحت بند «الصدقة الجارية»، لأنه «لا تنطبق عليها شروطها، في كونها ريعاً مستمراً أو شيئاً ثابتاً على المدى الطويل. فهي مجرد حسابات يستطيع أي شخص الدخول إليها، وقد يكون غير مؤهل، ما يجعلها أحياناً بهدف التسلية، بما لا يليق في الهدف الأساس منها، ويفضل تسميتها إحياء ذكرى الوالد أو الوالدة أو المتوفى، من دون إطلاق مصطلح الصدقة الجارية عليها».