سيكون أكثر من 27 مليون مصري، في الداخل والخارج، مدعوين إلى الاقتراع لانتخاب ممثليهم في أول برلمان بعد «ثورة 30 يونيو» 2013، في المرحلة الأولى من الانتخابات التي تضم 14 محافظة، ويبدأ اقتراع سكانها في الخارج يوم السبت المقبل، وفي الداخل يوم الأحد. ويُنتخب لعضوية البرلمان في مرحلتي الاقتراع 448 نائباً يُختارون بالنظام الفردي و120 نائباً بنظام القوائم المغلقة المطلقة التي يحق للأحزاب والمستقلين الترشح فيها. ووفق القوانين المنظّمة لعملية الاقتراع، قُسّمت مصر إلى 237 دائرة خُصصت للانتخاب بالنظام الفردي، و4 دوائر لنظام القوائم، هي: القاهرة وجنوب ووسط الدلتا وتضم 6 محافظات ولها 45 مقعداً، شمال ووسط وجنوب الصعيد وتضم 11 محافظة ولها 45 مقعداً، شرق الدلتا وتضم 7 محافظات ولها 15 مقعداً، وغرب الدلتا وتضم 3 محافظات ولها 15 مقعداً. ويتنافس نحو 5400 مرشحاً على المقاعد الفردية، أغلبهم مستقلون، وتتنافس 3 قوائم رئيسية على المقاعد المخصصة لنظام القوائم، هي: قوائم حزب «النور» السلفي، «في حب مصر»، و «الجبهة المصرية وتيار الاستقلال». وحزب «النور» يُعد الذراع السياسي ل «الدعوة السلفية»، وهو الفصيل الإسلامي الوحيد الذي يخوض الانتخابات المقبلة، بعدما قاطعتها بقية قوى التيار الإسلامي احتجاجاً على عزل الرئيس السابق محمد مرسي، في 3 تموز (يوليو) 2013. ويقول منتقدو الحزب السلفي إنه قناة خلفية لتمرير مرشحين مؤيدين لجماعة «الإخوان المسلمين» المُصنفة إرهابية، وهو ما ينفيه الحزب. وينافس الحزب بقائمتين فقط في القاهرة وغرب الدلتا، وله أكثر من 200 مرشح ينافسون على نحو نصف المقاعد الفردية، أي أن الحزب اختار المنافسة ابتداء على نصف مقاعد البرلمان فقط، وهو ما برره بالرغبة في الشراكة مع بقية القوى السياسية في البرلمان. والظاهر أن حزب «النور» يريد طمأنة القوى السياسية بعد تجربة جماعة «الإخوان المسلمين» في الحكم. أما قائمة «في حب مصر» فتخوض الانتخابات على القوائم الأربع، وهي فازت بالتزكية ب 15 مقعداً مخصصة لشرق الدلتا، إذ لم تترشح أي قائمة منافسة في محافظاتها، لكن إعلان الفوز يتطلب الحصول على 5 في المئة من مجموع الناخبين. وغالبية مرشحي تلك القائمة من الشخصيات العامة المؤيدة لثورة 30 يونيو، والتمثيل الحزبي فيها ضعيف، وتضم بعض الشخصيات المحسوبة على نظام الرئيس السابق حسني مبارك. ومن أبرز الأحزاب المشاركة فيها حزب «الوفد» وحزب «المصريين الأحرار» وهو ليبرالي دُشن بعد ثورة 25 يناير 2011 ومحسوب على رجل الأعمال البارز نجيب ساويرس، وحزب «الإصلاح والتنمية» الذي أسسه محمد السادات، وحزب «المؤتمر» الذي أسسه السياسي البارز عمرو موسى، وحزب «مستقبل وطن» الذي يُنظر إليه على أنه حزب شبابي يضم أصواتاً مؤيدة لثورة 30 يونيو، فيما شباب ثورة 25 يناير غائبون إلى حد ما عن الانتخابات المقبلة. وتنسّق قائمة «في حب مصر» إلى حد ما بين مكوناتها الحزبية، بخصوص المقاعد الفردية، لكن هناك تنافساً بين أحزاب منضوية فيها على مقاعد فردية في دوائر عدة. ويخوض حزب «المصريين الأحرار» الانتخابات على المقاعد الفردية بنحو 200 مرشح، أما «الوفد» فيخوضها بأكثر من 100 مرشح فقط. وتضم قائمة ائتلاف «الجبهة المصرية وتيار الاستقلال» التي تنافس على 3 دوائر فقط مخصصة للقوائم في غالبيتها، «فلول» الحزب «الوطني» المنحل، ويقودها حزب «الحركة الوطنية» الذي أسسه رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق، و «مصر بلدي» و «تيار الاستقلال»، وهي قوى محسوبة على الحزب «الوطني». لكن لوحظ أن ذلك الائتلاف نجح في التنسيق إلى درجة كبيرة بين مكوناته بخصوص المقاعد الفردية، بحيث لا تنافس أحزابه بعضها بعضاً على نحو نصف المقاعد الفردية التي تسعى إلى الفوز بها. أما بقية الأحزاب التقليدية وخصوصاً اليسارية مثل «التجمع» و «الناصري» فيمثلها عشرات المرشحين على المقاعد الفردية، وهو أيضاً حال الأحزاب التي ظهرت في أعقاب ثورة 25 يناير، مثل حزب «الكرامة» الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي و «المصري الديموقراطي» الذي أسسه السياسي محمد أبو الغار. وتُظهر خريطة المنافسة الانتخابية أنها تتركز تحديداً بين «النور» و «فلول الوطني» والتيار الليبرالي ممثلاً تحديداً في حزب «المصريين الأحرار». وقال الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور نبيل عبدالفتاح ل «الحياة»، إن «المنافسة تنحصر بين «المصريين الأحرار» وبعض الذين يلتفون حوله والمرشحين الذين يمولهم رجل الأعمال نجيب ساويرس، وبين «السلفيين» ومن يدخلون معهم من العناصر غير المعروفة لجماعة الإخوان، وبين رموز القوى التقليدية في الريف وبعضهم من الحزب «الوطني» ورجال أعمال محسوبين على الحزب المنحل». وأشار عبدالفتاح إلى أن محاولة بعضهم إكساب المنافسة بين «النور» و «المصريين الأحرار» بعداً طائفياً «ما هي إلا لعبة استقطابية الهدف منها استقطاب المؤيدين على أساس الانتماء الديني. بعضهم يلجأ إلى هذا الصراخ الديني والطائفي على نحو ما كان يحدث أيام مبارك لجذب الأصوات». وأشار إلى أن «الأحزاب التقليدية واليسارية تتسم بالضعف الشديد. من سينجح منها سيكون بسبب انتمائه إلى أحد الأسلحة الأساسية: إما العائلات الكبيرة والقبائل أو رجال أعمال ممن ينفقون بسخاء على الانتخابات». واعتبر عبدالفتاح أن غياب البرامج عن المنافسة الانتخابية يمثّل «عودة إلى ظاهرة موت السياسة في أعقاب ثورة 30 يونيو، واللامبالاة بالسياسة التي حدثت لقطاعات واسعة رأت أنه لم يتحقق أي تطور في الحياة الاجتماعية للطبقات الوسطى والصغيرة والفئات الشعبية التي تعاني بطالة وتضخماً وعدم استقرار». واعتبر أن هذا المناخ أسفر عن «عودة محترفي العمل البرلماني من بقايا الحزب الوطني السابق وبعض رموز القوى التقليدية في الريف الذين يعتمدون على بنيات العائلات الكبيرة، بالإضافة إلى الدور الجديد الذي يلعبه رجال الأعمال في تمويل قوائم حزبية أو مرشحين، ودور التيار الديني... نحن أمام عودة إلى مشاهد قديمة لا تثير أي دهشة». ورجّح المفكّر الإسلامي الدكتور ناجح إبراهيم، أن المحسوبين على الحزب الوطني سيمثّلون رقماً صعباً في الانتخابات، معتبراً أن المنافسة تنحصر بينهم وبين «النور» وأيضاً مع حزب «المصريين الأحرار»، لافتاً إلى أن «العصبيات القبلية» ستلعب دوراً في الاقتراع. وأضاف: «الأحزاب التقليدية مثل «الوفد» والأخرى اليسارية ستُمنى على الأرجح بهزيمة في الانتخابات لأن دورها انتهى في الشارع المصري. هذه الأحزاب لا تنشط ولا تعمل ولا يعلو صوتها إلا أيام الانتخابات... هي أحزاب بعيدة من الناس وتطل عليهم عبر الشاشة فقط». من جهة أخرى، وقع أمس انفجاران داخل حرم جامعة الزقازيق في الشرقية، ما أدى إلى سقوط جزء من سور الجامعة. واستخدمت قنبلتان بدائيتا الصنع في التفجيرين.