حظرت الولاياتالمتحدة الأميركية عام 1919 بيع المشروبات الكحولية وتصنيعها، في خطوة كانت تهدف إلى توعية الناس حول خطورة الإدمان على تعاطي تلك المشروبات، لكن الحظر أسفر عن نتائج عكسية، وساهم في انتشار العصابات وارتفاع معدل الجريمة. وأطلق الأميركيون على تلك الفترة "عصر الحظر"، وجاءت بعد موجة رفض لتعاطي الكحول انطلقت عام 1906 بقيادة رجال الصناعة والزراعة، حينما رأوا آنذاك أن معاقرة الخمور يسفر عن حوادث عدة، ويقلل كفاءة العاملين وانتاجيتهم، كما رأى مؤيدو القرار أنها تدمر العلاقات الزوجية وتفكك الأسر. وذكر موقع history أنه على رغم أن بعض الباحثين قالوا آنذاك إن "القرار ليس كافياً، لأنه لم يمنع تعاطي المشروبات الكحولية، واقتصر على حظر بيعها وتصنيعها والاتجار بها، ما يسمح بتعاطيها سراً"، إلا أن القرار جاء بنتائج عكسية، بعدما ارتفع الطلب على هذه المشروبات وانتشر المهربون والمصنعون غير الشرعيين. ولم تتوقف نتائج القرار عند هذا الحد، إذ زاد النشاط الإجرامي وارتفعت نسبة جرائم القتل والسرقة، وكثرت الحانات الخفية، ونشطت العصابات التي كانت أخطرها عصابة "ال كابوني"، ذات الأصول الإيطالية في شيكاغو. واستفادت العصابات من المنع وجنت ثروات هائلة، بعدما امتهنت تهريب الكحول من كندا عبر البحيرات العظمى. وتضاعفت أسعار المشروبات بسبب احتكار بيعها، وتضخمت تجارتها حتى أصبح لعصابات التهريب نفوذ كبير داخل الولاياتالمتحدة. وعندما تجاوز الإجرام دائرة البيع إلى جرائم أشد خطورة مثل القتل والنهب والخطف، تكونت حركات رأي عام مضادة للقرار وبذلت جهود كبيرة لتغييره، ما دفع الرئيس الأميركي آنذاك فرانكلين روزفلت إلى إلغاء القرار عام 1933 بعد مواقفة 33 ولاية، لينتهي بذلك "عصر الحظر".