في الولاياتالمتحدة يدور جدل مجتمعي وقانوني حول طبيعة قوانين الحد من تعاطي المخدرات وتفاوتها بين الولايات الأمريكيّة. ومن جهة أخرى تنشط تحركات سياسيّة وحقوقيّة مدفوعة بنفوذ أصحاب المصالح للمزيد من تسهيل قوانين تعاطي وبيع المخدرات ضمن معايير تبدو صارمة ولكنها في الواقع لا يمكنها أن تصمد أمام موجة التعاطي بين الشباب. وحيث تشير التقديرات إلى وجود قرابة 25 مليون متعاطٍ للمخدرات في عام 2013 فإن السماح بالتعاطي يرفع كمطلب حقوقي في أكثر من ولاية. وقد اشتكت ولاية أوكلاهوما وولاية نبراسكا جارتهما ولاية كولورادو إلى المحكمة العليا بسبب سماحها بتعاطي "الماريجوانا" (أواخر عام 2012) على أراضيها ما شجّع تهريب المخدرات عبر حدودها إلى الولايتين المتضررتين. ويتزايد قلق المحافظين الأمريكيين من تساهل السلطات مع هذه القضيّة في ضوء حقيقة أن 23 ولاية أمريكيّة ومعها مقاطعة كولومبيا تسمح باستخدام الماريجوانا بشكل أو بآخر. وتسعى تحالفات قوى الاقتصاد الخفي المعتمد على المخدرات في مختلف دول العالم إلى المزيد من تسهيل القوانين والتوسع في تداولها ويكفي أن ولاية كولورادو المنضمة حديثا إلى نادي "الحشاشين" حققت لها تجارة "الكيف القانوني" قرابة 300 مليون دولار عام 2014. ويمارس القانونيون حيلهم لتمرير القوانين المشجّعة على تداول "الماريجوانا" تحديداً تحت أبواب الحريات الشخصيّة، ولوازم الترفيه، وأحياناً للاستخدام الطبي. ويوجد اليوم قرابة 25 دولة على مستوى العالم تسمح أو تتغاضى عن تعاطي أو حيازة كميات معينة من الماريجوانا بغرض الاستخدام الشخصي مع قيود متفاوتة. وليت هذا يكفي فقد أعلنت دولة الأورغواي الصغيرة خطوة متقدمة خطيرة إذ سمحت هذا العام (2014) بتعاطي وزراعة الماريجوانا بدون قيود. أما تبرير "برلمان" الأورغواي الذي أجاز هذه الخطوة فيحتجّ بأن الهدف هو الحد من نفوذ عصابات المخدرات وزيادة الإيرادات الضريبيّة للدولة. ومن تأمل المسار القانوني والسياسي (المزايدات الانتخابيّة) في التعامل مع قضيّة المخدرات فإن الخشية أن تتحول قوانين كثير من دول العالم في غضون 10 سنوات قادمة إلى متسامحة أو سامحة بتعاطي بعض أنواع المخدرات لأن المقدمات الحاليّة ستخلق من بعض أنواع المخدرات تجارة وثقافة يصعب مواجهتهما. ولعل ما يجري مع المخدرات والحشيش تحديداً في وقتنا الحاضر يشابه تاريخياً ما جرى مع تجارة التبغ والكحول قديماً. على سبيل المثال أصدر الكونغرس الأمريكي سنة 1918قانوناً حظر فيه بيع وتصنيع ونقل المشروبات التي تحتوي على نسبة كحول أعلى 2.75% ثم تطوّر القانون إلى منع بيع وتصنيع ونقل المشروبات الكحولية في الولاياتالمتحدة واستمر الحظر مدة 13 سنة (1920-1933). أما تجارة وتعاطي التبغ فقد حظرت دول غربية وشرقية هذا النشاط وأولها المكسيك سنة 1575، كما عمّم السلطان العثماني مراد الرابع فتوى تحريم التبغ سنة 1633م. وصدرت قوانين مماثلة في أكثر من دولة ومدينة أوروبية خلال القرن الثامن عشر. واليوم تلاشت تلك القوانين حتى أصبحت تجارة التبغ صناعة عالمية كبرى تفتك بحياة قرابة 6 ملايين شخص سنوياً - بحسب منظمة الصحة العالمية -منهم أكثر من600 ألف غير مدخن يموتون بسبب استنشاق الدخان بشكل غير مباشر. مسارات قال ومضى: يا أنت.. كنت (كائنا) في حياتي.. واليوم لن (تكون). لمراسلة الكاتب: [email protected]