وافق «البنك الدولي» على إقراض تونس 500 مليون دولار لتمويل إصلاحات اقتصادية ومواجهة آثار هجمات إرهابية استهدفت منشآت ثقافية وسياحية هذا العام، في الوقت الذي حذرت هيئة مكافحة الفساد التونسية من أن «الفساد الصغير قد يعيق تقدم الاقتصاد التونسي وازدهاره». وأفاد «البنك الدولي» في بيان أمس، أنه وافق على إقراض تونس 500 مليون دولار (900 مليون دينار تونسي) بهدف «المساعدة في إعادة هيكلة المصارف العامة ضمن خطط إصلاح حكومية لإنعاش الاقتصاد التونسي». ويهدف القرض إلى مساعدة تونس على تجاوز آثار اعتداءين استهدفا متحف باردو في العاصمة التونسية (آذار/ مارس الماضي) ومدينة سوسة الساحلية (حزيران/ يونيو الماضي) أسفرا عن مقتل عشرات السياح الأجانب في أكثر الهجمات دموية في تاريخ البلاد. وبعد هذين الهجومين تعرضت السياحة التونسية إلى هزة عنيفة مما زاد في تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس، علماً أن السياحة تسهم بنحو 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وهي ثاني قطاع مشغل بعد الزراعة وبأكثر من نصف مليون عامل. وأقرت حكومة رئيس الوزراء الحبيب الصيد الشهر الماضي، خططاً لإعادة رسملة المصارف العامة التي تعاني من عجز في موازناتها بسبب عدم سداد عدد من رجال الأعمال المقربين من النظام السابق لديونهم المستحقة لدى هذه المصارف، وذلك بعد اتفاق مع «البنك الدولي» و»صندوق النقد الدولي». وتربط المؤسسات الدولية المانحة موافقتها على القروض بإجراء إصلاحات في قطاعات عدة كالوظائف العامة والقطاع المصرفي، بهدف خفض العجز وتقليص الإنفاق، وكان البرلمان التونسي وافق على ضخ 867 مليون دينار (450 مليون دولار) في «بنك الإسكان» و»الشركة التونسية للبنك» (مصرفان عامان) وذلك في إطار إعادة رسملة المصارف. وتعيش تونس تردياً اقتصادياً واجتماعياً منذ الانتفاضة الشعبية التي أنهت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 2011، وسط مطالب شعبية بضرورة التصدي للفساد ومحاسبة الفاسدين ورجال الأعمال المقربين من بن علي والذين يواجهون تهماً بالاستيلاء على المال العام. وأشارت منظمات وهيئات تونسية إلى أن «الفساد الصغير» تفاقم في تونس بعد الثورة «على رغم أن فساد الدولة كان من الأسباب الرئيسية لإطاحة نظام بن علي». وقال رئيس «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» (هيئة عامة مستقلة) سمير العنابي إنه «بعد الثورة شهد الفساد الصغير ارتفاعاً كبيراً وطاول كل القطاعات وهو يزداد انتشاراً»، لافتاً إلى أن «الفساد الكبير الذي ضلعت فيه عائلتا زين العابدين بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي توقف بعد إطاحة نظامه لأنه لم تعد هناك مشاريع وصفقات كبرى تدر أموالاً طائلة» كما أوردته وكالة «فرانس برس». وعاد الحديث بقوة عن الفساد في تونس منذ أن تبنت حكومة الصيد منتصف تموز (يوليو) الماضي، مشروع قانون المصالحة الاقتصادية مع رجال أعمال مقربين من بن علي اقترحه الرئيس الباجي قائد السبسي، واعتبره معارضون وحقوقيون «تبييضاً للفساد». وبحسب رئيس هيئة مكافحة الفساد فإن من أشكال الفساد الصغير المتفاقم في تونس «الغش والمحسوبية» في مباريات التوظيف في القطاع العام والتهرب الضريبي ورشوة مسؤولين.