شكل إطلاق الضباط الأربعة بعد أربع سنوات على احتجازهم في لبنان، امتحاناً أول لعمل المحكمة في لاهاي، وأثار تخوفاً إضافياً تلته سلسلة تحولات سياسية في لبنان والمنطقة. وفي حين رآه البعض دليلاً على عدم تسييس المحكمة وعلى أن العدالة الدولية في لاهاي لا تقيم اعتباراً للشؤون السياسية اللبنانية، اعتبره آخرون دليلاً على أن «لجنة التحقيق الدولية لم تتوصل الى نتائج يمكن البناء عليها». وإذا ما أضيف إطلاق الضباط الى عدم استدعاء المحكمة شهود الزور الذين أدلوا بإفادات كاذبة أمام لجنة التحقيق، فإن مادة دسمة للمنظرّين بعدم جدوى المحكمة توافرت. غير أن لقضية شهود الزور تفسيراً قانونياً واضحاً في نظام المحكمة الذي يطبّق القانون اللبناني فقط بتعريف جرائم الإرهاب، ولم يأخذ بالنظام اللبناني كاملاً. لكن، ما الذي يضمن للمحكمة أن لا شهود زور بعد الآن؟ أدخلت المحكمة على قانونها تعديلات عدة، منها واحد يتطرق الى الحالة التي يدلي فيها شخص عن وعي وإرادة خلال خضوعه للاستجواب بإفادة يعلم أنها كاذبة وأنها قد تستعمل دليلاً في الإجراءات أمام المحكمة. الا أن هذا البند لا يمكن أن يكون كافياً لاستدعاء هسام هسام أو محمد زهير الصديق، لسبب بسيط، هو أن لا مفعول رجعياً لهذا البند نظراً لمبدأ عدم رجعية أي نص يتضمن عقوبة جزائية تتناول أفعالاً قد تكون تحققت قبل إقراره. ولا يمكن المحكمة أن تنظر في شهادات لم تعط أمام الدفاع أو المدعي العام أو من هو مكلف من جانبهما إذا حصلت بتاريخ سابق لتاريخ التعديل اللاحق للمادة 134. هذا الأمر تؤكده عيساوي بدورها، وتقول إن «المحكمة تعمل ضمن أسس قانونية لا مجال لتجاوزها، كما أن قواعد الإجراءات والإثبات التي اعتمدها القضاة تضمن استقلالية المحكمة ومراعاتها أعلى معايير العدالة الدولية»، مؤكدة أن «لا مجال لتأثر المحكمة بأي عوامل سياسية لأن القواعد التي تحكم عملها هي قانونية بحتة».