أعلن الرئيس محمود عباس من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس، أنه لن يستمر في التزام اتفاقات أوسلو لعدم التزام الدولة العبرية بها، وأن على إسرائيل أن «تتحمل مسؤولياتها كافة كسلطة احتلال»، مشيراً بوضوح الى أنه سيبدأ بتنفيذ هذا الإعلان ب «الوسائل السلمية والقانونية». لكنه أشار أيضاً إلى أن مؤسسات السلطة ستبقى، وأنه سيدعو إلى انتخابات رئاسية وتشريعية، تاركاً الباب موارباً أمام البحث في المبادرة الفرنسية. وقال عباس تزامناً مع رفع العلم الفلسطيني أمام مقر الأممالمتحدة للمرة الأولى أمس، إن «دولة فلسطين على خطوط الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967 وبعاصمتها القدسالشرقية، هي دولة تحت الاحتلال، تماماً كما كان حال عدد كبير من الدول في الحرب العالمية الثانية». وأضاف أن الوضع الحالي «غير قابل للاستمرار»، وأن دولة فلسطين ستبدأ ب «تنفيذ هذا الإعلان بالطرق والوسائل السلمية والقانونية، فإما أن تكون السلطة الوطنية الفلسطينية ناقلة للشعب الفلسطيني من الاحتلال الى الاستقلال، وإما أن تتحمل إسرائيل، سلطة الاحتلال، مسؤولياتها كافة». وكرر انه لن يلتزم الاتفاقات الموقعة، مشيراً إلى قرار من البرلمان الفلسطيني (المجلس المركزي) منذ آذار (مارس) الماضي في هذا الصدد. لكنه أكد أن «مؤسسات السلطة الفلسطينية هي مؤسسات دولة فلسطين ولن يتم حلها، مشدداً على أن فلسطين ستواصل مساعيها إلى الانضمام للمواثيق والمنظمات الدولية كافة، و «ستواصل الدفاع عن شعبها الواقع تحت الاحتلال عبر كل الوسائل القانونية والسلمية المتاحة»، مشيراً إلى عضوية فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية. كما طالب دول العالم بمواصلة الاعتراف بدولة فلسطين على غرار دولة السويد. وكرر عباس أنه لا يزال يمد يده للسلام العادل الذي يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وحريته وكرامته، داعياً الشعب الإسرائيلي الى «إعادة قراءة الواقع واستشراف المستقبل وأن تقبلوا للشعب الفلسطيني ما تقبلوه لأنفسكم». وحذر عباس من خطورة ما تشهده القدس من اقتحامات من الجماعات الإسرائيلية المتطرفة المتكررة والممنهجة للمسجد الأقصى بهدف إيجاد وضع قائم جديد يؤدي الى «منع المصلين المسلمين من دخوله في أوقات معينة». وإذ شكر الدول التي صوتت لصالح قرار الجمعية العامة الذي أعطى فلسطين الحق في رفع علمها في الأممالمتحدة، أشار إلى أن «اليوم ليس ببعيد عندما سيرفع علم فلسطين على أسوار القدس، عاصمة فلسطين». ورحب عباس بالجهود الدولة والأوروبية، بما فيها المبادرة الفرنسية الداعية الى تشكيل مجموعة دعم دولية لتحقيق السلام، وأشار إلى قرار الجامعة العربية الأخير في شأن تأييد إصدار قرار في مجلس الأمن يتضمن المعايير الواضحة والإطار الزمني لإنهاء الاحتلال. وطالب الأممالمتحدة بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني. واستبق عباس الخطاب بلقاء الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وبعد الخطاب، حضر الرئيس الفلسطيني مراسم رفع العلم الفلسطيني للمرة الأولى في مقر الأممالمتحدة في نيويورك. وتزامناً مع رفع العلم، اطلق المقدسيون أمس أعلاماً فلسطينية مرفقة ببالونات في فضاء القدسالشرقيةالمحتلة، وعلقوا أعلاماً على سور البلدة القديمة من الجهة الشرقية المطلة على جبل الزيتون، كما رفعت أعلام فلسطينية منذ ساعات الصباح على بيوت ومحلات حي شعفاط حيث قامت الشرطة الإسرائيلية بإنزالها. وبعد أن أطلقت مجموعة من الشبان الأعلام الفلسطينية في شارع صلاح الدين الرئيس، قال رئيس الشبيبة «الفتحاوية» أحمد الغول (29 عاما) لوكالة «فرانس برس»: «نحن في فتح رفعنا العلم الفلسطيني على أسوار القدس وعلى السيارات لنؤكد أن المقدسيين جزء من الشعب الفلسطيني، ونؤكد رفضنا لتهويد مدينة القدس». وقال إسحق القواسمي (60 عاماً) وهو من حركة «فتح»: «طيرنا الأعلام لنؤكد عروبة القدس وبأننا صامدون في القدس، العاصمة الأبدية لفلسطين». وأضاف: «أنزلت الشرطة الأعلام عن المباني، لكنا عدنا ورفعناها. في البداية خططنا لمسيرة أعلام، وعندما ضيقت الشرطة علينا، أطلقناها في سماء القدس». تهديد إسرائيلي في هذه الأثناء، أفادت مصادر إعلامية إسرائيلية بأن تل أبيب نقلت رسائل تهديد مبطنة في اللحظات الأخيرة للرئيس محمود عباس حذرته فيها من الإقدام على خطوات أحادية الجانب تتعلق بإلغاء اتفاقيات أوسلو أو وقف التنسيق الأمني. ونقلت إذاعة الجيش عن مصادر في مكتب بنيامين نتانياهو قولها إن إسرائيل لن تسمح للرئيس عباس بأن يتخذ أي خطوات أحادية الجانب، مشيرة إلى أن الرئيس الفلسطيني رفض المحاولات الأخيرة لاستئناف المفاوضات السلمية، وآخرها طلب وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي التقاه قبل أيام في نيويورك. وأضافت أن اتخاذ أي خطوات مثل وقف التنسيق الأمني يعني عملياً إنهاء السلطة، ما سيؤدي إلى أن توقف تل أبيب التنسيق المدني، ووقف تحويل الأموال، ووضع عقبات كبيرة تمنع تحرك مسؤولي وشخصيات السلطة بحرية. وتابعت: «إن الرسائل المتناقضة التي يرسلها عباس خلال الساعات الماضية تثير الريبة والشك في ما سيقدم عليه في نيويورك»، مستدركة: «نأمل في أن تتغلب روح العقل والمسؤولية لدى الرئيس الفلسطيني، وأن يطلق العنان لمسيرة السلام أن تمضي قدماً».