تنادي أم نواف طفلها نواف (خمس سنوات)، لتسمع صوته وهو يقترب، فتعانقه، إلا أنها تسأل من حولها: «كيف شكله؟ هل يشبهني؟ يقولون إنه جميل جداً؟ والعاملة تخبرني دوماً عن ملابسه، وكيفية تصفيف شعره، وتصرفاته». لكن كل ذلك لم تره أم نواف بعينيها، لأنها كفيفة، لذا تراه بقلبها. وتقول: «تزوجت من رجل مُبصر، وكنت أحلم بأن أصبح أماً، واليوم نواف هو من يضيء لي حياتي، وأرى النور من خلاله». ولم تملك سارة ذات التسع سنوات، التي جاءت إلى الدنيا في ولادة مبكرة، بعد حمل دام ستة أشهر، الحواس كافة. وتتهم والدتها الطبيب الذي أشرف على حملها وولادتها، ب «ارتكاب خطأ، لأنه استبعد أن تكمل سارة الحياة، إلا أن الله شاء أن تعيش سارة». وتكمل «خلال وجودها في الحاضنة لمدة ثلاثة أشهر، لم يوضع على عينيها شريط، لمنع تأثر حاسة البصر بالأوكسجين، لأن الطبيب كان فاقداً للأمل من بقائها، لضعف وزنها، وصغر حجمها، فتسبب لها ذلك بالعمى». وازدحمت قصص الكفيفات في أول يوم لافتتاح النادي المُخصص لهن في المنطقة الشرقية، مساء أول من أمس، وراحت كل واحدة منهن، تروي قصتها، وسط تفاؤل باحتضانهن ورعاية متطلباتهن. وتقول ريم الدوسري، التي كانت مُبصرة، وفقدت نعمة البصر بسبب «التهاب حاد في مجرى العين»: «أنا أدعم نفسي بنفسي، فلقد فقدت نعمة البصر وأنا صغيرة، ولكنني راضية بقضاء الله وقدره». ولم تلبث واحدة أن تطوي أطراف قصتها، إلا تبدأ أخرى في الحديث. وتروي أم الطالبة عهد الدوسري، معاناة طفلتها التي تسكن في الجبيل، وتضطر يومياً إلى قطع المسافة حتى سيهات، «ابنتي في الصف الثالث الابتدائي، ومنذ أن كانت في الصف الأول وإلى الآن، وأنا أتوجه معها إلى المدرسة، وانتظرها خارج القاعة، لحين انتهاء الدوام. وتكمن معاناتها في عدم تقبلها للمدرسة، فهي تريد أخرى، وهي الابتدائية السادسة في سيهات». بعض الكفيفات، موظفات، ويعملن في مهنة التدريس، ومنهن اختصاصية الإعاقة البصرية آلاء حسين، التي أصرت على متابعة دراستها، ونالت شهادة البكالوريوس في التربية الخاصة. وتقول: «الإعاقة ليست عيباً، وأنا اختصاصية في مركز التعليم الخاص في جمعية فتاة الخليج. وأتابع حال الطالبات وأعلمهن». كفيفات أخريات عبرن عن فرحتهن «الغامرة» بافتتاح النادي، وأكدن ل«الحياة»، أن «وجود ناد يُعنى في الكفيفات، سيخفف من معاناة ذوينا، خصوصاً أن التعليم والتدريب سيكونان في مقر البرنامج، وسيتم توفير الاحتياجات اللازمة لنا. ويمكن أن نعمل في عدد من المجالات، خصوصاً الحاسب الآلي، إضافة إلى فن الرسم». وتقول الكفيفة أنوار محمد: «إن التحاقي في البرنامج، سينمي ملكة الرسم وحب الفن، وسأصبح قادرة على التعامل مع اللوحة في شكل أفضل، إضافة إلى أنني قادرة على استخدام الحاسب الآلي بإتقان، بعد أن خضعت إلى عدد من الدورات خارج السعودية. والآن أتيحت لي الفرصة لاستمرار تنمية مواهبي. وهذا ما سيحفزني على الانطلاق ودخول سوق العمل، أو إنشاء عملي الخاص من المنزل».