قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن الرئيس الأميركي باراك اوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين اتفقا خلال لقائهما في نيويورك مساء أول أمس على «بعض المبادئ الأساسية» في شأن سورية وسط استمرار الخلاف حول مصير الرئيس بشار الأسد. وقال كيري في مقابلة تلفزيونية مع شبكة «إم إس إن بي سي» أمس: «هناك اتفاق على أنه يجب أن تكون سورية دولة موحدة وأن تكون علمانية وأن هناك حاجة إلى التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وإنه يجب أن تكون هناك عملية انتقال سياسي موجهة»، مضيفاً أنه لا تزال هناك خلافات على النتيجة التي ستسفر عنها عملية الانتقال وأنه سيلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف غداً. من جهته، قال لافروف الثلاثاء، إن موسكووواشنطن ستواصلان المحادثات للتوصل إلى تسوية في الملف السوري ومكافحة «داعش». وأضاف في مقابلة بالإنكليزية مع التلفزيون الروسي: «لم نتفق على مراحل محددة»، لكن الرئيسين «اتفقا على مواصلة التعاون». وأوضح أن «محادثات بين وزارتي الدفاع ووزارتي الخارجية» للبلدين ستجريان «لجعل هدفنا المشترك (...)، أي القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، أكثر قابلية للتحقيق». وأضاف: «على جميع الذين يكافحون تنظيم الدولة الإسلامية ويكرهونه تنسيق تحركاتهم»، مستبعداً فكرة «قيادة موحدة». وأوضح: «لن يكون ذلك واقعياً، الرئيس بوتين أعلن ذلك بوضوح». وتابع: «أعتقد أن الرئيس أوباما استمع إلى أقوال الرئيس بوتين». وأوضح بوتين متحدثاً مع صحافيين روسيين بعد لقائه أوباما أنه تطرق إلى «التعاون بين روسياوالولاياتالمتحدة في مجال مكافحة الإرهاب». وأوضح، على ما أفاد بيان للكرملين: «أدركنا أن عملنا المشترك ينبغي تعزيزه. والآن نبدأ البحث في إنشاء الآليات المناسبة». والتقى الرئيس الروسي ونظيره الأميركي لمدة ساعة ونصف مساء الاثنين على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ووصف اللقاء بأنه «بناء ومنفتح بشكل مفاجئ». وأكد الرئيس الأميركي أن «الولاياتالمتحدة مستعدة للعمل مع كل الدول، بما فيها روسياوإيران، الحليفتان الثابتتان للنظام السوري، لحل النزاع» السوري الذي دمر البلاد وأسفر عن مقتل أكثر من 240 ألف شخص في أربع سنوات ونصف. وهيمن الجفاء والبرودة في الشكل والمضمون على لقاء التسعين دقيقة بين الرئيسين. ولم يفض الاجتماع إلى اختراق حول سورية، بل أكد الخلاف حول مصير الأسد وحمل تحذيراً ضمنياً من واشنطنلموسكو حول ردة فعل سلبية في حال استهدفت غير «داعش» في سورية وإن كان الطرفان اتفقا على بعض المبادئ. وفي الشكل، أبدى أوباما الكثير من البرودة في التعاطي مع بوتين، ولم تستغرق الصورة بين الزعيمين أكثر من 13 ثانية ونصفاً لم يبتسم فيها الرئيس الأميركي ولم يتلق الأسئلة. وأعاد هذا المناخ أجواء الحرب الباردة مذكراً بصور الرئيس الأميركي الراحل جون كينيدي مع الزعيم السوفياتي السابق نيكيتا خروتشوف في 1961 وخلال أزمة الصواريخ الكوبية. وكان مسؤول أميركي قال للصحافيين بعد اللقاء أن أوباما وبوتين اتفقا على إجراء محادثات بين جيشي البلدين لتفادي صراع أثناء عمليات محتملة في الأجواء السورية. وأضاف المسؤول أن المحادثات السياسية ستستمر بين كيري ولافروف وأن وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) ستتولى الترتيبات للمحادثات العسكرية بين البلدين. وتابع أنه بحلول نهاية الاجتماع بدت نوايا بوتين واضحة في سورية وتتمحور حول هدفين: «هزيمة متشددي تنظيم داعش ومساندة حكومة الأسد». وقال المسؤول "في الوضع السوري يفهم الروس أهمية الحل السياسي ووجود آلية للوصول إلى حل... نختلف حول نتيجة هذه العملية وتحديداً في ما يتعلق بالأسد». وعن التصعيد الروسي العسكري في سورية، قال المسؤول إن واشنطن "لا تنظر له بالضرورة كأمر مخرب. وسيعتمد الموقف على ما تقوم به سورية في المضي قدماً». واعتبر أن استهداف «داعش» لن يثير الخلافات، إنما إذا استخدم الروس قوتهم لتقوية الأسد في المعارك ضد شعبه "فهذا سيكون سلبياً». ولم يخرج بوتين وأوباما عن موقفيهما المتضاربين في شأن مستقبل الأسد ودوره في العملية الانتقالية في سورية، رغم اجتماعهما لنحو 90 دقيقة مساء الإثنين في مقر الأممالمتحدة. وقال بوتين إن الجانبين وجدا «الكثير من النقاط المتفق عليها ولكن هناك اختلافات أيضاً». وفي شأن طبيعة التحرك العسكري الذي تعتزم روسيا القيام به في سورية بعد نشرها قوات عسكرية، قال بوتين: «ليس هناك أي احتمال لتحريك عمليات برية تتضمن وحدات روسية وجنوداً روساً، هذا ليس مطروحاً»، لكنه لم يشر إلى العمليات الجوية التي قد تقوم بها المقاتلات الروسية التي أرسلها إلى سورية. وإذ قال المسؤول الأميركي الذي طلب عدم نشر اسمه إن الرئيسين «تطرقا إلى عدد من القضايا في شكل مركز» وأن النصف الأول من اللقاء تناول أوكرانيا، فيما بحثت الأزمة السورية في النصف الثاني، جدد أن اوباما وبوتين «لم يتفقا على الدور الذي على الرئيس الأسد أن يؤديه في حل النزاع الأهلي، إذ يرى الروس أن الأسد هو متراس في وجه التطرف، بينما يرى الأميركيون أنه يواصل إشعال النزاع الطائفي» في سورية. ووصف المسؤول الأميركي اللقاء بأنه كان «بناء» وأنه «لم يشهد محاولات من كل من الرئيسين لتسجيل نقاط على الآخر»، مؤكداً أنه «كانت هناك رغبة مشتركة لمعرفة كيفية التوصل إلى طريق لمعالجة الوضع في سورية». وقال: «فهمنا هدفهم» من نشر أسلحة في سورية وهو «استهداف داعش ودعم الحكومة» وأن الرئيسين اتفقا على «التواصل العسكري» بين بلديهما لتجنب أي تضارب بينهما في المنطقة. ونقل المسؤول الأميركي عن الروس أن «القصص الأخيرة عن إيجاد تحالف استخباراتي روسي مع إيرانوالعراق وسورية مضخمة لأن الروس يشاركون المعلومات الاستخبارية أساساً مع إيران وسورية منذ سنوات ولديهم القليل ليقدموه إلى العراق إذ إن لديهم قدرات قليلة داخل العراق». وكشفت ممثلة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغوريني أن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا «بحثت في خيار مناقشة الأزمة السورية في إطار الدول الست، نظراً إلى أن هذا الإطار كان ناجحاً في التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران». لكن موغوريني أشارت إلى أن هذا النقاش غير نهائي وأن إطار الدول الخمس وألمانيا «من الأطر التي بحثت إمكانية اعتمادها لحل قضايا ديبلوماسية ومن بينها سورية»، مشددة في الوقت نفسه على مرجعية الأممالمتحدة في الجهود المبذولة لحل سياسي في سوية. وأضافت موغوريني بعد اجتماع وزراء خارجية الدول الست مع نظيرهم الإيراني جواد ظريف في نيويورك مساء الإثنين، أن وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أجروا اجتماعاً مع المبعوث الخاص إلى سورية ستيفان دي مستورا الأحد وقرروا العمل معاً لدعم جهود الأممالمتحدة والعملية التي ترعاها». كما أنهم قرروا «استخدام اتصالاتهم الإقليمية لدعم الحل السياسي» في سورية.