وجّه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان تحذيراً ضمنياً إلى الجيش، إذ تعهد أمس محاكمة «المتآمرين وراء أبواب مغلقة»، وقال: «لا أحد فوق القانون... لا يمكن أحداً الإفلات من العقاب». وارتفع إلى 31 عدد الضباط الذين وُجّهت إليهم اتهامات رسمية بالتورط بمحاولة لإسقاط حكومة «حزب العدالة والتنمية» عام 2003. وشنت الشرطة حملة جديدة في 13 مدينة أمس، اعتقلت خلالها 18 ضابطاً جميعهم في الخدمة باستثناء واحد، نُقلوا الى اسطنبول لاستجوابهم. وبذلك يرتفع عدد الضباط الأتراك الذين اعتقلوا هذا الأسبوع الى 67. في الوقت ذاته، ارتفع الى 31 عدد العسكريين المتهمين رسمياً بالتورط بمحاولة الانقلاب، والذين سُجنوا، وبينهم 7 برتبة أدميرال و4 جنرالات، في أوسع حملة على الجيش التركي في تاريخ البلاد، والذي نفذ 4 انقلابات منذ العام 1960. جاء ذلك بعدما وجهت محكمة اتهامات رسمية أمس، الى 11 عسكرياً بينهم ضابطان ما زالا في الخدمة برتبة أدميرال، وجنرال متقاعد. ووُضع هؤلاء قيد الحبس الاحتياطي بعدما استجوبتهم النيابة. جاء قرار المحكمة بعدما أفرج مدعون مساء الخميس عن القائدين السابقين لسلاح الجو الجنرال إبراهيم فيرتينا والبحرية الجنرال اوزدان اورناك، إضافة الى القائد السابق للجيش الأول للمشاة الجنرال ارغون سايغون، وهم أبرز الشخصيات العسكرية التي أوقفت في هذه القضية. ويستمر التحقيق مع الجنرال تشيتين دوغان القائد السابق للجيش الأول والعقل المدبر المفترض لمؤامرة الانقلاب. ولم يوجّه الادعاء اتهامات الى فيرتينا واورناك، معتبراً انهما لن يفرّا، لكن القضاء استمع أمس الى إفادات ضباط بارزين، بينهم دوغان والجنرال انغين الآن القائد السابق للقوات الخاصة الذي أشرف على عملية اعتقال عبدالله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني المحظور منذ العام 1999. ونفى جميع المتهمين تورطهم في المؤامرة المزعومة، لكن ثمة وثائق تشمل تسجيلات، تتضمن نص مكالمات هاتفية مفترضة بين قادة بارزين في وحدة عسكرية، بقيادة دوغان في اسطنبول. وأشارت مصادر أمنية الى عدم وجود أدلة كافية على تورط الجنرالات المفرج عنهم، في المخطط الانقلابي المعروف باسم «المطرقة» والذي كان رئيس الأركان الجنرال إلكر باشبوغ أكد انه مجرد مخطط عسكري افتراضي وُضع ونوقش قبل سبع سنوات، في إطار خطط يمكن اللجوء اليها في حال الطوارئ والحروب، مؤكداً تحريف ما سُرِب من المخطط. وجاء إطلاق الجنرالات الثلاثة بعد ساعات على اجتماع نادر في القصر الجمهوري ضم باشبوغ واردوغان والرئيس عبدالله غل، واتُفق خلاله على تسوية هذه المسألة «في إطار الدستور»، ومن دون المس بصورة المؤسسة العسكرية. ورجح مراقبون استثناء القيادات العسكرية البارزة من التحقيق، في مقابل استمراره مع الضباط من ذوي الرتب الأدنى، إضافة إلى دوغان. وأعلن اردوغان ان «ما يحصل الآن هو عودة الأمور الى طبيعتها. انه تقدم نحرزه بصفتنا ديموقراطية متطورة... ومصير هذا البلد ليس ديموقراطية فاسدة». وزاد خلال اجتماع ل «حزب العدالة والتنمية» الحاكم الذي يتزعمه: «على الذين يتآمرون وراء أبواب مغلقة لسحق إرادة الشعب، أن يدركوا انهم سيواجهون العدالة بدءاً من الآن. لا أحد فوق القانون، ولا أحد لا يمكن المس به، ولا أحد يحظى بامتيازات. ولا يمكن أحداً الإفلات من العقاب». وأقر أردوغان بأن «هذه العملية مؤلمة، لكنها في مصلحة شعبنا الذي يبلغ عدده 72 مليون شخص» وزاد: «التطورات الحالية تحرر وعي الشعب. يجب ألا تساور الشكوك والمخاوف أياً كان. الاتجاه الذي تسلكه تركيا واضح، وهي تحرز تقدماً نحو الانضمام الى الاتحاد الأوروبي». في الوقت ذاته، سعى غل الى تبديد المخاوف من التوتر بين الجيش والحكومة. وقال لرجال أعمال وصناعيين: «ان مستقبل تركيا باهر حقاً. لا تدعوا ذلك (التوتر مع الجيش) يحبط معنوياتكم. الأمر سينتهي، وهذه المسائل حدثت في دول كثيرة. قوانيننا وأحكامنا، وكل شيء يسير جيداً. والبرلمان أيضاً». في ريغا، عاصمة لاتفيا، أدرج أبرز المفاوضين الأتراك مع الاتحاد الأوروبي ايغيمن باغش حملة الاعتقالات في بلاده «في آلية للتأقلم الأوروبي والتطبيع في تركيا». واعتبر ان بلاده «أحرزت تقدماً كبيراً في طريقها نحو الديموقراطية والشفافية والتصميم على التحول الى دولة قانون». لكن النائب عن حزب الحركة القومية العلماني المعارض، ميرا لاك شانا، رأت ان «التاريخ السياسي لتركيا يشير بوضوح الى ان كل الانقلابات العسكرية حصلت بدعم من الولاياتالمتحدة، وان تنفيذ انقلاب في تركيا غير ممكن من دون دعم واشنطن. وطالما تدعم أميركا حكومة حزب العدالة والتنمية، من العبث الحديث عن خطط انقلابية».