قال مسؤولون مصريون ل «الحياة» إن مشاورات تجرى حالياً على مستويين، فني وسياسي، «لإنقاذ» المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا في شأن مشروع «سد النهضة» الذي تبنيه أديس أبابا على النيل وتخشى مصر من تأثيره على حصتها من مياه النهر. وتعثرت المفاوضات مجدداً بعد انسحاب المكتب الاستشاري الهولندي «دلتارس» الذي كان مكلفاً بإجراء دراسات عن تأثيرات السد. وتركز المشاورات على محاولات إقناع المكتب بالتراجع عن قراره، وعقد جولة جديدة من اجتماعات خبراء الدول الثلاث في القاهرة. ورأى مسؤول مصري أن «الجهود قد تتطلب تدخلاً سياسياً لدفع المسار الفني الذي يدور في دائرة مفرغة حتى الآن». وكان «دلتارس» المكلف بتنفيذ دراسات السد الهيدروليكية والبيئية لتوضيح آثار بنائه على مصر والسودان، أعلن انسحابه لخلافات فنية مع المكتب الفرنسي «بي آر إل» في شأن التعاون بينهما لتنفيذ الدراسات، بسبب رفضه الشروط التي وضعتها اللجنة الفنية الثلاثية التي تشارك فيها الدول الثلاث. وقال الناطق باسم الجانب المصري في مفاوضات السد مستشار وزير الري للسدود علاء يس إن «هناك مشاورات ثلاثية لدراسة النقاط الخلافية بين المكتبين الاستشاريين الدوليين في محاولة لحل الخلافات والخروج من الأزمة الحالية». وأوضح أن «موعد اجتماع خبراء سد النهضة في الدول الثلاث سيتم إعلانه فور الاتفاق عليه». وأشار إلى أن الخلاف بين المكتبين «يتمحور حول مهام كل منهما، وكذلك حجم الدراسات الموزعة بين المكتبين بواقع 70 في المئة للفرنسي و30 في المئة للهولندي». ويذكر أن هذه النقطة تحديداً كانت مثار خلاف شديد في الاجتماعات الفنية السابقة، إذ طالب المكتب الهولندي بالتساوي مع المكتب الفرنسي في حجم الدراسات، إلا أن الجانب الإثيوبي أصر على زيادة نسبة المكتب الفرنسي. وأكد خبراء في القاهرة أن أزمة اعتذار المكتب الهولندي «تلقي بظلال سلبية على مجمل التفاهمات الخاصة بإنشاء سد النهضة». ووصف وزير الري السابق محمد نصر علام المسار الفني لأزمة السد بأنه «فاشل بكل المقاييس». وطالب بالعودة إلى المسار السياسي، مشدداً على أن الأزمة الحالية «تحتاج إلى مبادرة سياسية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه». وقالت رئيس وحدة دراسات السودان في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» أماني الطويل إن «اعتذار المكتب الهولندي عن المشاركة في الدراسات الفنية للسد جاء بسبب التراخي في المفاوضات من الجانب المصري». وأشارت إلى «حال من التعتيم على الشعب المصري في ملف يمس حياته اليومية، وهو ملف سد النهضة، وهذا أمر في غاية الخطورة». وشددت على «حق الجانب الأثيوبي في التنمية والازدهار، لكن ليس من حقه أن يحرم الشعب المصري من الحياة». ولفتت إلى أن «الشخصية الإثيوبية معقدة وذات حساسية شديدة، والمؤتمر الذي تمت إذاعته (خطأ) في عهد الرئيس المخلوع محمد مرسي أثر سلباً في المفاوضات مع الجانب الأثيوبي»، في إشارة إلى اجتماع مع سياسيين استضافته الرئاسة آنذاك وتضمن اقتراحات بضربة عسكرية لإثيوبيا وعمليات استخباراتية على أراضيها. ودعا خبير المياه نادر نور الدين إلى «اتخاذ موقف حازم وقوى ضد إثيوبيا»، محذراً من أن «انسحاب المكتب الهولندي قد يكون بسبب ضغوط أديس أبابا لإخراج تقرير غير محايد، وموافقة مصر على بناء سد النهضة بلا قيد أو شرط خطأ».