احتجزت السلطات في العاصمة الليبية عشرات العمال المصريين بتهمة عدم حيازة أوراق ثبوتية، في تطور يعكس، لجهة توقيته وحدوثه من دون إنذار مسبق، «تعقيدات» في العلاقات بين طرابلسوالقاهرة التي تحدثت مصادرها عن شن مسلحين من «الميليشيات» الحملة. واستغربت مصادر ديبلوماسية في العاصمة الليبية اتخاذ القرار بحق المصريين «فجأة»، علماً بأن آلافاً منهم عملوا في ليبيا من دون عوائق. وربطت هذه المصادر تكرار التعرض للمصريين في ليبيا بمآخذ قوى النفوذ «الإسلامية» فيها على النظام السياسي في مصر. وأُوقف المصريون في حملة شملت مناطق عين زارة وصلاح الدين وسوق الجمعة في طرابلس (وهي مناطق نفوذ ميليشيات إسلامية). واقتيدوا إلى مركز مكافحة الجريمة في منطقة الهضبة، ما استدعى إصدار الخارجية المصرية بياناً طالبت فيه بمعرفة مصير مواطنيها، قبل أن تعلن الداخلية الليبية «عدم حيازة الموقوفين وثائق إقامة شرعية». وأبلغت مصادر غرفة العمليات الأمنية المشتركة في طرابلس «الحياة»، أن حملة الاعتقالات شنتها «لجنة مكافحة الجريمة والهجرة غير الشرعية»، وأشارت إلى وجود أكثر من 75 محتجزاً من جنسيات مختلفة. ولم تستبعد المصادر ترحيل غير القادرين على تسوية أوضاعهم قانونياً. وفي وقت قال ل «الحياة» مصدر ديبلوماسي في طرابلس، إن عدد المصريين المحتجزين يبلغ 40 شخصاً، أشارت الخارجية المصرية في البيان الذي أصدرته عقب إلقاء القبض على مواطنيها، إلى أن عددهم 70 مصرياً، اقتادتهم «مجموعات ترتدي زياً عسكرياً»، ما أفسح في المجال أمام تكهنات حول «مرجعية» منفذي عملية التوقيف. وعلى الأثر، جرت مشاورات على أعلى مستوى بين وزارة الخارجية ورئاسة الجمهورية والحكومة في مصر، للتأكد من صحة المعلومات وتأمين إطلاق سراح المصريين. وأجرى وزير الخارجية المصري نبيل فهمي اتصالات مكثفة مع نظيره الليبي محمد عبد العزيز «للاطمئنان على أرواح المصريين المحتجزين والعمل على سرعة إطلاقهم»، كما أعلن الناطق باسم الخارجية المصرية بدر عبد العاطي. وجدد عبد العاطي طلب الوزارة من المصريين المسافرين إلى ليبيا أو الموجودين على أراضيها، بتوخي الحذر، مشدداً على أن «يكون السفر إلى ليبيا جواً وفي حال الضرورة». يأتي ذلك في أعقاب مقتل مواطن مصري في مدينة بنغازي بعد أن أطلق مسلحون مجهولون النار عليه واستولوا على نقوده ومتعلقاته الشخصية، كما قتل سبعة من المصريين الأقباط في بنغازي (شرق) الشهر الماضي، ووُجهت أصابع الاتهام في الجريمة إلى تنظيم «أنصار الشريعة» المتشدد. واستغرب محلل سياسي ليبي تحدث إلى «الحياة» في طرابلس امس، توقيت التعرض للعمال المصريين، مشيراً إلى أن «80 في المئة من أفراد اليد العاملة المصرية في ليبيا لا يملكون أوراقاً ثبوتية منذ سنوات»، وتساءل عما «اذا كانت السلطات في ليبيا تريد استخدام قضية العمال المصريين ورقة ضغط على القاهرة لاسترجاع ناقلة النفط التي قيل إن الشركة التي تشغّلها تتخذ من الإسكندرية مقراً لها»، على رغم نفي الشركة مسؤوليتها عن شحنة النفط التي جرى تحميلها بشكل غير شرعي من مرفأ السدرة الليبي مطلع الأسبوع. ورأى أن «حكام ليبيا الجدد ربما يريدون استخدام أساليب (معمر) القذافي في الضغط على دول الجوار بورقة العمال».