ذكرى رحيل الفنان الشهيد ناجي العلي، مرّت هذا العام في شكل مختلف. فقريته الشجرة التي هُجّر منها قسراً العام 1948، أحيت ذكراه وحلقت روحه فوق حجارتها التي أصبحت رمزاً في يد شخصيته الرئيسية «حنظلة» حين كان يرمي بها تجاه كل من حاول التنازل عن ارض فلسطين وحق شعبها بالحرية. الفنانة الملتزمة رنا بشارة دعت ومعها مجموعة من الناشطين لإقامة هذا الاحتفال، للتأكيد على حق العودة. كان من المفترض أن يُعرض خلال الاحتفال عمل فني انشائي يمثل قبر الراحل العلي وتوضع على قبره أغصان الزيتون، وتقرأ الفاتحة على روحه. لكن هذا النشاط البهي في فكرته وإقامته، لم ينتهِ كما أحب وخططت له جمعية «فلسطينيات». فهرع الى مكان الاحتفال سكان من المستوطنات التي بُنيت في محاذاة القرية التي هجر منها العلي وعائلته ودمرها الاحتلال، ومارسوا افظع السلوكيات المشينة بحق اصحاب الارض الاصليين، ازعجوهم بأصوات أبواق السيارات وكلاب الحراسة والشتائم، ليصل الأمر الى الاعتداء عليهم. هذا التأبين ازعج المحتلين وشرطتهم التي جاءت على عجل لتفضه وتعتقل عدد من المنظمين والمشاركين به، لتنهي طقساً حسياً اراد القائمون عليه تأكيد حق العودة ولو في شكل رمزي لشهيد لا تزال رسوماته تقلق اسرائيل لكونها محرّضة على مقاومتها وترسم قباحة جرائمها ضد الانسانية. وكما هو معروف، عندما تقع أي مشكلة ويكون أي مستوطن اسرائيلي طرفاً فيها، يقف جيش الاحتلال الى جانبه ويسانده في اعتدائه ويساعد في ذلك من خلال اعتقال او ضرب الفلسطيني أو الطرف الآخر. حضور الجيش وشرطته الى مكان الاحتفال، أدى الى تخريبه واعتقال عدد من القائمين عليه ومنهم الفنانة بشارة التي حضّرت مجسّم قبر ناجي العلي وهو عبارة عن حجارة وشاهد مغطى بشاشة بيضاء، كجزء من مراسم التأبين الرمزية. وأشارت بشارة ان جمعية «فلسطينيات» دعت الى إحياء ذكرى الثامنة والعشرين لاستشهاد العلي في قريته المهجّرة من خلال عمل فنّي، مع العلم أن جثّته ترقد في المنفى حيث اغتيل منذ ثلاثة عقود تقريباً، وذلك لتكريم ذكراه. وذكرت الفنانة والناشطة بشارة ان هدف النشاط هو دعوة لاستحضار روح الفنان ناجي العلي وعودته الى بلده، على رغم كل ما آلت اليه فلسطين من عمليات تهجير وتطهير عرقي واستبعاد لأهلها عنها. وقالت: «اردنا ان نرفع صوتنا عالياً معاً لنقول إن عودة ناجي العلي الى قريته حتمية، ولو بعد حين لترقد روحه الطاهرة بين حبات تراب قريته الحبيبة وبين جذور الصبار والتوت والميرامية بسلامٍ وأمان». وعلى خلفية هذا النشاط، اعتقلت السلطات الاسرائيلية المحامي يامن زيدان والفنانة رنا بشارة، والناشط محمد خليل، والقيادي في حركة أبناء البلد قدري أبو واصل، والناشط مصطفى مواسي أثناء وجودهم في الاحتفال. وعاودت في وقت متأخر الافراج عنهم. وعن فترة الاعتقال قالت بشارة ان المحقق سألها لماذا لم تحصل على تصريح للنشاط، فردت عليه «نحن لسنا بحاجة لإذن لنقرأ الفاتحة ونصلي على قبور اجدادنا في قرانا المهجرة».