في مراسم غير مسبوقة، دفن رماد المناضل الفرنسي الشهير فيرنو تويل تحت شجرة في باحة مركز الفينيق في مخيم الدهيشة للاجئين، وذلك تنفيذاً لوصيته. وشارك في مراسم دفن رفات هذا المناضل الأممي حشد من ممثلي الفعاليات الوطنية والشعبية في محافظة بيت لحم، ووفد فرنسي كبير يمثل بلديات وجامعات ومؤسسات اعلامية ونقابية وشعبية، اضافة الى زوجة الفقيد وابنائه الذين ألقوا النظرة الاخيرة على رفاته، فيما قام اصدقاء الراحل من ابناء المخيمات ورفاقه من الحزب الشيوعي الفرنسي بإلقاء نظرة الوداع الأخيرة. وقبل مراسم دفن الرماد، نُظمت حفلة تأبين حاشدة في قاعة الفينيق، ووقف الحضور دقيقة صمت إجلالاً لروح الفقيد وأرواح الشهداء كافة، قبل عزف النشيدين الوطني الفلسطيني والفرنسي. وقالت نهى رشماوي من السفارة الفلسطينية في باريس في كلمة: «لقد كان تويل رجلاً عقائدياً بامتياز، انصهر في القضية الفلسطينية، ودافع عن حق عودة الاجئين الفلسطينيين من دون أي مواربة». بدوره، قال الدكتور فيكتور بطارسة في كلمة باسم لجنة التأبين: «ليس من قبيل الصدفة ان يدفن فيرنو في مخيم الدهيشة للاجئين تحديداً لأنه، وهو الصديق الحميم لكل شعبنا، طلب ان يدفن في المخيم باعتبار ان قضية اللاجئين قضية حية، وان حقهم في العودة هو حق مقدس لا يمكن ان تستقيم الأمور إلا بإنجازه عبر إعادة اللاجئين إلى ديارهم ومنازلهم التي هجروا منها قسراً». أما رئيس بلدية مونتتيية الفرنسية جون بير بوسينو، والتي أبرمت اتفاقية توأمة مع مخيم الدهيشة عام 1990 بمبادرة من فيرنو، فأعرب عن اعتزازه بهذه الاتفاقية التي قال ان فيرنو هو الذي تحمس لها وسعى من اجل انجازها، ليس لاسباب انسانية وحسب، بل من اجل تحقيق هدف سياسي وحشد التأييد لحقوق اللاجئين والوقوف ضد سياسة الاحتلال الاسرائيلي. من جانبه، قال عضو البرلمان الاوروبي، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الفرنسي، رئيس تحرير صحيفة (لومنتييه) الناطقة بلسان الحزب باتريك ليرال: «هذه المرة الاولى التي نأتي فيها الى فلسطينالمحتلة من دون فيرنو، لكنني اسمع صوته الآن من وراء هذه الجدران... كان فيرنو أممياً بامتياز، وانسانياً بامتياز، وفلسطينياً بامتياز... وقف مع الشعب الفلسطيني وناصره في وجه قوة الاحتلال الغاشمة». واضاف: «لم يكن له ان يحضر أي اجتماع، سواء في فرنسا او في أي مكان آخر، إلا ويبادر بالطلب لوضع قضية اللاجئين الفلسطينيين على جدول الاعمال». وتخللت حفلة التأبين فقرات فنية ملتزمة قدمتها فرقة «ابداع»، فيما اكتظ مكان الاحتفال بأعداد كبيرة من ممثلي الفعاليات في مخيمات اللاجئين والعشرات من الشخصيات الاعتبارية. يذكر ان المناضل الأممي فيرنو تويل ولد في تونس عام 1950 وارتحل الى فرنسا حيث انتمى في ريعان شبابه الى الحزب الشيوعي الفرنسي، وواصل نضاله في صفوف هذا الحزب ليصبح واحداً من ابرز قياداته، فيما كرس عقوداً في خدمة الشعب الفلسطيني وقضية اللاجئين، وكان من أصلب وأشد المطالبين بضرورة ضمان تنفيذ حق العودة. وتوفي تويل أواخر كانون الثاني الماضي إثر صراع مع مرض السرطان. وبحسب مركز «بديل» الذي وصف الفقيد ب «رفيق اللاجئين» الفلسطينيين، حضر فيرنو قبل اربعة اشهر من وفاته الى فلسطين مستغلاً فترة النقاهة الممنوحة له من الاطباء ليسأل الفلسطينيين من قادة واحزاب وناشطين: «ماذا تريدون منا ان نفعل بالضبط في هذه الدقيقة؟». واضاف انه بسبب مواقفه من حق العودة، مُنح عام 2011 الجنسية الفرنسية، كما حصل على جواز السفر الفلسطيني.