عاد إلى القاهرة أمس المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي ليجد في انتظاره «استقبال الزعماء» من قبل مئات الناشطين المعارضين الذين احتشدوا منذ الساعات الأولى لصباح أمس أمام صالة الوصول في مطار القاهرة. ورفض البرادعي الخروج من صالة كبار الزوار، مؤكداً رغبته في لقاء مستقبليه. وما أن ظهر البرادعي في صالة الوصول الرقم 3 حتى تعالت صيحات مستقبليه داخل الصالة التي بدت كتظاهرة تأييد للرجل الذي أعلن قبل اشهر إمكان خوضه الانتخابات الرئاسية التي تجرى في خريف العام المقبل. وصافح البرادعي مستقبليه الذين قدّموا له الورود مرددين هتافات تأييد لترشيحه للرئاسة. ومنعت أجهزة الأمن البرادعي من الخروج من الصالة تحسباً لحدوث مشاحنات بين الشرطة ومئات الشباب الذين كانوا يقفون أمام ساحة المطار رافعين لافتات كُتب على إحداها «نعم للبرادعي رئيساً للجمهورية». وكان في طليعة مستقبلي البرادعي عشرات من الشخصيات العامة والنخب المصرية يتقدمهم قيادات في «الحركة المصرية من أجل التغيير» المعروفة باسم «كفاية» ورئيس حركة «لا للتوريث» استاذ العلوم السياسية الدكتور حسن نافعة، إضافة إلى الروائي علاء الأسواني والاعلامي الشهير حمدي قنديل والقاضي محمود الخضيري. وعبّرت جماعة «الإخوان المسلمين» عن إشادتها بالرجل لكن قادتها امتنعوا عن الذهاب لاستقباله. وعندما أعلن القيادي في الجماعة رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحافيين محمد عبدالقدوس أنه سيذهب لاستقبال البرادعي، سارعت الجماعة إلى تأكيد أنه يمثل شخصه وليس الإخوان. كذلك غابت الأحزاب الكبيرة في مصر عن المشهد الاحتفائي بالبرادعي، فيما كان ضمن المستقبلين عدد من أعضاء وقادة الحزب الدستوري الحر الذين رفعوا لافتات تدعو البرادعي إلى الترشح في انتخابات الرئاسة على قوائم الحزب. وتجاهلت الصحف الحكومية الصادرة صباحاً نبأ عودة البرادعي، في حين حفل الخبر بحيّز واسع على صفحات صحف المعارضة. وكان من المفترض ان يصل البرادعي الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2005 في الساعة الرابعة بالتوقيت المحلي للقاهرة غير أن سلطات مطار القاهرة أعلنت تأخر هبوط الطائر القادمة من فيينا لساعة. كما تأخر البرادعي لنحو نصف ساعة أخرى عن النزول من الطائرة بعدما رفض دخوله عبر صالة كبار الزوار، مؤكداً رغبته في الخروج عبر صالة الوصول لرغبته في لقاء مستقبليه. وكانت برفقته زوجته السيدة عايدة الكاشف. ورفعت أجهزة الأمن منذ الساعات الأولى من صباح أمس درجة استعدادها تحسباً لحدوث مشاحنات لدى وصول الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية في زيارة إلى مصر تستغرق 8 أيام يقضيها في القاهرة. ورفضت الأجهزة الأمنية منح إجازات لبعض القطاعات في مديرية أمن مدينة 6 أكتوبر (جنوب غربي القاهرة) حيث يقع المنزل المنتظر أن يقضي فيه البرادعي بعض الوقت اثناء وجوده في مصر. وقال مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية خالد علي الذي كان ضمن مستقبلي البرادعي إن نحو ثلاثة آلاف شاب من 12 محافظة كانوا في استقبال الرجل، مشيراً إلى أن السلطات في المطار لم تسمح لكل هذا العدد بالدخول إلى صالة الانتظار، وإنما تولى الأمن تخصيص مكان للشباب خارج المطار ودخل فقط إلى صالة الاستقبال بعض الشخصيات العامة والنخب المصرية وأفراد من عائلة البرادعي على رأسهم شقيقه الدكتور علي البرادعي. وعشية استقبال البرادعي، دعت حركة «كفاية» الرجل إلى البقاء في القاهرة والاستقرار فيها ووضع خطة بالتعاون مع النخب والنشطاء المصريين بهدف التغيير ووصفته ب «الرئيس الشعبي البديل» وليس المرشح الرئاسي. وعشية وصوله (أ ف ب)، جدد البرادعي (67 سنة) تصميمه على أن «اقدم كل ما استطيع لكي تنتقل مصر نقلة نوعية نحو الديموقراطية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي». وقال في مقابلة بثتها قناة دريم المصرية الخاصة انه يريد ان يكون «وسيلة للتغيير»، مضيفاً: «انني مستعد ان اخوض غمار السياسة المصرية شريطة ان تكون هناك انتخابات نزيهة، وهذه بديهيات». وتابع: «الخطوة الأولى التي يجب ان نقوم بها هي تعديل بعض مواد الدستور لكي يكون الباب مفتوحاً أمامي وأمام غيري للترشح» لانتخابات الرئاسة. كما قدم البرادعي في المقابلة التلفزيونية رؤيته للتعديلات اللازمة في السياسة الخارجية المصرية، منتقداً خصوصاً موقف الحكم المصري من الحصار المفروض على قطاع غزة. ورداً على سؤال حول الجدار الفولاذي الذي تبنيه مصر على حدودها مع غزة، قال البرادعي: «من حق أي دولة ان تدافع عن أمنها القومي انما بدون اخلال بمسؤوليتها نحو المجتمع الانساني، وفي رأيي اذا كانت الانفاق تستخدم في تهريب المخدرات أو من قبل جماعات متطرفة فانني لا اجد تعارضاً بين حماية مصر لأمنها القومي وان تفي بمسؤولياتها في تقديم المساعدات الانسانية للشعب الفلسطيني». وتابع: «المجتمع الدولي يجب أن يتدخل لحماية أي شعب إذا كان يتعرض لابادة أو جرائم حرب، وفي رأيي إذا اغلقنا الانفاق فينبغي أن نفتح المعابر».