تُقدّر قيمة المشاريع في معرض «سيتي سكيب» الذي افتتح فعالياته أمس في دبي، في حضور 300 شركة عقارية من 30 دولة، بنحو 100 بليون دولار، في وقت تشهد منطقة الخليج طفرة مستمرة في إطلاق مشاريع عقارية جديدة وأخرى للبنية التحتية، على رغم التراجع الكبير في أسعار النفط. وبدت المنافسة محتدمة بين شركات التطوير العقاري منذ اليوم الأول للمعرض في دورته ال14، من خلال الإعلان عن هوية مشاريعها الجديدة ومواصفاتها التي أبقتها طي الكتمان حتى يوم انطلاق المعرض. وتوقّع مدير المجموعة المنظِّمة فاوتر مولمان، أن يزور المعرض «47 ألف شخص وخبير بعدما حقق نمواً في عدد الشركات نسبته 30 في المئة مقارنة بعام 2014، ما دفع بالقائمين على الحدث إلى زيادة طاقته الاستيعابية بنسبة 30 في المئة». ولم ينكر المشاركون في المعرض، أن الدورة الحالية ستشكل اختباراً حقيقياً لانعكاس أسعار النفط إيجاباً أو سلباً على الطلب في القطاع العقاري في المنطقة، لا سيما في الدول المنتجة، التي تراجع مدخولها النفطي أكثر من النصف مقارنة بالعام الماضي. وعلى رغم تفاؤل العارضين بالسوق الإقليمية التي لا يبدو عليها أي من مظاهر الركود لجهة حجم المشاريع المطروحة للبيع، غير أن رئيس قسم البحوث في شركة «سي بي آر إي» مات غرين، لاحظ أن «تراجع ثقة المستثمرين في الاقتصادات العالمية، ترك تأثيراً جزئياً في مبيعات الوحدات السكنية». وعزا هذا التباطؤ إلى «تصحيح الأسعار الناتج من استقرار السوق». ولافت إدراك الشركات الحاضرة في المعرض، أن المنافسة أصبحت أقوى وأقسى مما كانت عليه قبل عشر سنوات، نتيجة زيادة المشاريع المعروضة. واتفقت على أن زمن بيع المشروع خلال ساعات لن يتكرر، بعدما حدّت التشريعات الجديدة من حركة المضاربين، وأصبحت كلمة المستخدم النهائي هي الفصل في نتائج الشركات. وبدا منذ اليوم الأول للمعرض، أن الإسكان الاقتصادي سيكون محور مناقشات أقطاب القطاع، على رغم أن معظم المشاريع المعروضة تندرج في قائمة الإسكان الراقي. وأكد مدير شركة «سكاي فيو ريل إستيت بروكرز» كاش كانجواني، ضرورة «وجود توازن بين المشاريع العقارية الفاخرة وتلك ذات الأسعار المعقولة»، علماً أن المطورين في منطقة الخليج حاولوا سابقاً إطلاق عقارات بأسعار معقولة، لكن وجود المضاربين ومستويات الطلب المرتفعة، منح بعض هذه العقارات أسعاراً مرتفعة قاربت تلك الفاخرة. لكن مع وضع لوائح تنظيمية جديدة تمت من خلالها السيطرة على المضاربة العقارية إلى جانب تحديد نسبة القرض إلى القيمة في عمليات الرهن العقاري بواقع 50 في المئة للمشاريع التي تُباع على المخطط، يعرض المطورون العقاريون خطط دفع ميسّرة ونظام تسعير مناسب. واستبقت مؤسسات التقويم العقاري العالمية انطلاق المعرض، بإصدار تقارير عن الوضع العقاري في المنطقة عموماً والخليج خصوصاً. وتوقع تقرير لمؤسسة «ألبن كابيتال» العالمية، أن «ينمو عدد السكان في منطقة الخليج بمعدل سنوي مركب يبلغ 2.5 في المئة من عام 2014 حتى عام 2018، ليصل إلى 56.9 مليون نسمة، ما يؤدي إلى ارتفاع الطلب على العقارات السكنية والتجارية ومنشآت التجزئة والضيافة والرعاية الصحية والترفيه، والبنية الأساسية عبر أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي». ورجّح أن «يسجل قطاع البناء في دول مجلس التعاون الخليجي نمواً بين عامي 2015 و2018، مدفوعاً بعوامل منها الظروف الاقتصادية المؤاتية، وارتفاع وتيرة الإنفاق الحكومي والنمو السكاني وازدهار قطاع السياحة، إلى جانب زيادة الإنفاق الحكومي على المشاريع الإنشائية». وبلغت قيمة المشاريع العقارية قيد التنفيذ في منطقة الخليج نحو 1.5 تريليون دولار حتى عام 2025، وتأتي الإمارات في الصدارة بمشاريع قيد التصميم وتقديم العروض أو في مرحلة الإنشاء، تبلغ قيمتها 940.5 بليون دولار. وتأتي المملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية وتبلغ قيمة مشاريعها 461.2 بليون دولار، فيما تحتل قطر المرتبة الثالثة بمشاريع قيمتها 205.8 بليون دولار. كما تضم القائمة كلاً من عُمان (63.5 بليون دولار) والبحرين 46 بليوناً. ونشرت مجموعة «جيه أل أل» للاستثمارات والاستشارات العقارية، تقريراً حول إسكان شريحة متوسطي الدخل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينا)، كاشفاً عن «التأثير الاجتماعي والاقتصادي للنقص الكبير في حجم العرض المطلوب من هذه الشريحة السكنية». وأشار إلى ضرورة «بذل مزيد من الجهود لتصحيح الخلل الراهن بين العرض والطلب في هذه الشريحة في المنطقة، لا سيما في أسواق الإمارات والسعودية ومصر». ولوحظت مشاركة دولية كبيرة في المعرض، خصوصاً الشركات الصينية التي نما حضورها في شكل ملحوظ، إضافة إلى شركات من كندا ومصر والكويت ولاتفيا ونيجيريا والبرتغال وتايلند، وبريطانيا والولايات المتحدة وتركيا.