يتوقع أن يشهد القطاع العقاري في المملكة العربية السعودية نمواً غير مسبوق، حيث ستوفر آليات التمويل العقاري للشركات المطورة والراغبين بشراء منتجاتها الوسائل التمويلية لتلبية الطلب المتنامي على المنتجات السكنية، كما يتوقع زيادة عناصر السوق العقارية من شركات مطورة وأخرى ممولة إضافة لشركات التقييم وإدارة أملاك كماً ونوعاً. كما ستصبح السوق العقارية السعودية سوقاً جاذبة للمستثمرين، وهو ما يفضي لتحولها من الطابع الفردي غير الاحترافي إلى الطابع المؤسساتي النشط الذي يضمن تحقيق الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للصناعة العقارية المتطورة. ويعاني السوق الإسكانية من شح آليات تمويل المشروعات الإسكانية العملاقة والمقرونة بشح آليات تمويل المشترين بضمان دخولهم الشهرية. ويؤكد الخبراء والمطورون العقاريين أن تفعيل الأنظمة سيعالج هذا الشح وسيدفع بشركات التطوير العقاري لإنتاج منظومة من المساكن عالية الجودة متعاظمة القيمة تصلح كضمان لتمويل طويل الأجل يمتد لأكثر من عشرين سنة، وتسهم في تجسير الفجوة بين العرض والطلب، وهو ما قد يضع حلاً حاسماً للمشكلة الإسكانية، متوقعين أن تساعد الأنظمة الجديدة حين تفعيلها في كبح جماح التضخم في قطاع الإسكان، الذي يعده المختصون المتهم الأكبر في ارتفاع معدلات التضخم في بلادنا واستنزاف مداخيل المواطنين والتأثير سلباً على مستوى معيشتهم. ويدخل السعوديون عام 2009 وأكثر من 70 في المائة منهم لا يمتلكون المسكن، بل يعيشون في منازل مؤجرة، والمطلوب حكومياً إنعاش القطاع العقاري عبر خطوات عدة، أبرزها تفعيل قانوني التمويل العقاري والرهن العقاري، والتخلص من البيروقراطية، ومن المنتظر أن يتجاوب القطاع ايجابيًّا مع الميزانية الحكومية للعام الجديد التي خصصت 35 في المائة من إجمالي 475 مليار ريال، ما قيمته 235 مليارا لتنفيذ المشاريع. وتتجه السوق عام 2009 نحو العقار السكني، وتحمل مؤشرات ايجابية للمستخدمين النهائيين من خلال تراجع الأسعار وتحول المطورين إلى تشييد عقارات موجهة لذوي الدخل المحدود. في الوقت نفسه سيكون قطاع المقاولات على موعد مع مشاريع حكومية بمليارات الريالات عليه تنفيذها في غضون عام. وقال خبراء في سوق العقارات السعودية أن السوق سيشهد تجاوب ايجابي مع الموازنة الحكومية لعام 2009، التي تحدد مستويات الإنفاق بمبلغ 475 مليار ريال، مشيرين إلى أن الموازنة الجديدة ستدعم الخطط التنموية وتساعد في ضخ السيولة المطلوبة في عدد المؤسسات الاسكانية الخيرية وصندوق التنمية العقارية والمبادرات الحكومية من الأنواع الأخرى لدعم قطاع الإسكان وتوفير المسكن المناسب للسعوديين. ويعتقد الخبراء أن عودة الأموال من الخارج سيساهم إلى حد كبير في انتعاش القطاع العقاري في المملكة، حيث يضخ المستثمرون أموالهم في مشاريع موجهة لذوي الدخل المحدود. ويجمع العقاريون على أن القطاع العقاري مقبل على مرحلة جديدة من النمو والازدهار في عام 2009 حيث يتوقعون هبوط الأسعار في النصف الأول إلى المستويات المطلوبة من قبل المستخدمين النهائيين بنحو 30 في المائة، تبدأ بعدها رحلة الصعود من جديد مدفوعة بطلب حقيقي من المستخدمين النهائيين وليس من المضاربين. ويرى هؤلاء العقاريون أن قطاع السكن التأجير سيشهد هو الآخر تراجعًا في قيمة الإيجارات تختلف من منطقة إلى أخرى فبينما سيتراجع 10 في المائة في الرياض ستحافظ الشرقية على الأسعار القائمة، بينما ستفقد الإيجارات في جدة 10 إلى نحو 15 في المائة من قيمتها. ويحمل العام الحالي 2009 أخبارا جيدة لمحدودي الدخل والفقراء في المملكة، حيث يتوقع الخبراء أن يشهد القطاع العقاري نموًّا كبيرًا، لا سيما الوحدات السكنية الموجهة لذوي الدخول المحدودة، حيث سيحجم المطورون عن الأبراج المكتبية ويتحولون إلى قطاع العقارات السكنية رخيصة الأسعار، ما سيخلق فرصة أمام الشباب السعودي لامتلاك المنزل المناسب بسعر معقول. واعتبر الخبراء في العقار ان تفعيل قرارات قانون التمويل العقاري أهم مطلب من السوق العقارية إلى الجهات الحكومية خلال العام الحالي، ومن دونه لا يمكن الانطلاق نحو سوق حقيقية، مؤكدين ان القانون الذي انتهى مجلس الشورى من مناقشته منذ أشهر ورفعه إلى مجلس الوزراء يتضمن حزمة قوانين مؤثرة في قطاع التمويل العقاري والرهن العقاري، من شأن إقرارها بداية العام الجديد تفجير طفرة في القطاع العقاري. وكانت بعض البنوك السعودية تقرض الأفراد والمؤسسات بشروط متشددة، لكنها بعد الأزمة المالية العالمية في الربع الأخير من عام 2008 تشددت في شروطها أكثر. ومن المنتظر أن تفاجأ وزارة المالية الوسط العقاري السعودي بالموافقة على القانون وإصداره خلال هذا العام، فيما قال تقرير صادر عن بيت الاستثمار العالمي "غلوبل" إن تحليل ديناميكية الطلب في المملكة العربية السعودية على العقار اظهر أن السوق العقارية السعودية سوق مدفوعة بالطلب وليس بالمضاربة، وأضاف أن نقص المعروض من العقار في الشريحة السكانية خصوصاً فيما يتعلق بالوحدات المنخفضة والمتوسطة، يشكل تحدياً جوهرياً لشريحة العقارات السكنية المنخفضة الأسعار بسبب الارتفاع الدائم في عدد السكان نتيجة الهجرة الداخلية علاوة على تدفق المغتربين. ونتيجة لارتفاع الطلب وقلة العرض ارتفعت أسعار المنازل في المرحلة الأخيرة، هذا وتشهد الشريحة التجارية في الآونة الأخيرة تزايداً في الطلب فاق مستوى العرض لمساحات التجزئة والمكاتب بسبب مضاعفة حركة الأعمال والأنشطة الاستثمارية في المملكة، النمو السكاني الهائل وزيادة نصيب دخل الفرد. ومن المتوقع استمرار المستوى المنخفض للعرض على المدى القريب والمتوسط إلى حين الانتهاء من مشاريع جديدة، وستعزز السمات الديمغرافية والأداء المتميز هذا الوضع، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى دعم النمو الحاصل في القطاع العقاري، وأكد عقاريون أن تبني أساليب جديدة للتمويل العقاري، سيساعد على حل هذه الأزمة ويضاعف من انتعاش القطاع المزدهر، كما سيواصل الطلب على مساحات التجزئة والمكاتب اتجاهه الصعودي مدفوعا بزيادة عدد السكان وارتفاع مستوى المعيشة وبالتالي مضاعفة الطلب على الاحتياجات التجارية والرفاهية. ومن المتوقع أيضاً أن يرتفع مستوى الطلب على المكاتب بسبب زيادة عدد الشركات حديثة التأسيس وتوسيع الشركات القائمة، إضافة إلى استمرار هذا الاتجاه في القطاع العقاري السعودي نتيجة انفتاح الاقتصاد السعودي وتبني قوانين استثمارية جديدة ستستقطب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة. ويشهد القطاع العقاري حاليا نموا سريعا سيستمر خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث تضاعف إجمالي الاستثمارات العقارية مع نهاية العام الماضي ليبلغ 100.4 مليار ريال، أي بمعدل نمو سنوي بلغ 115.9 في المائة. ويعزى هذا النمو إلى ارتفاع الأسعار وزيادة الطلب داخل القطاع. وتعد السوق العقارية السعودية مدعومة بمعدل الطلب الذي فاق مستويات العرض في كافة أرجاء المملكة، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه الإيجابي خلال السنوات المقبلة، أي أن الأسعار والإيجارات ستبقى مرتفعة. ومن العوامل التي ساعدت على ازدهار القطاع العقاري في المملكة، وجود معدل طلب ثابت، الذي تحكمت به ديمغرافية السكان والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على مر السنين. وسيشجع استمرار التوسع الاقتصادي ومضاعفة الفرص الاستثمارية في المملكة، تدفق المغتربين بمعدلات أعلى ليواصل بذلك مستوى الطلب زخمه. ويساعد التمويل الحكومي، عن طريق هيئة تسهيلات قدمها صندوق التنمية العقارية، في دعم نشاطات قطاعي العقارات والبناء في المملكة. فمنذ تأسيس هذا الصندوق في العام 1974 وحتى نهاية العام 2006، قدم الصندوق تمويلات لأكثر من 613 الف وحدة سكنية من خلال دفعات مالية بإجمالي 71 بليون ريال منحت إلى مواطنين سعوديين على شكل قروض سهلة بلا فوائد. كما شرعت مصارف عديدة، أثناء صدور قانون التمويل العقاري المنتظر، بتقديم ائتمانات تمويل عقارية متماشية مع أحكام الشريعة الإسلامية وتستحق بعد 25 سنة، ونتيجة لذلك، يتوقع خبراء السوق السعودي ارتفاع ائتمانات الإسكان من 4 بلايين ريال في العام 2007 إلى 46 ملياراً مع نهاية هذا العقد، بافتراض زيادة مساهمة قروض شراء الوحدات السكنية تدريجيا من 10 في المائة إلى 55 في المائة مع حلول العام 2010، وتحتاج المملكة أكثر من ستة ملايين وحدة على مدار الأعوام ال 12 المقبلة وأن 65 في المائة من السكان دون 30 عاما. ويؤكد خبراء في العقار أن حجم الاستثمار في القطاع العقاري في المملكة يتجاوز تريليون ريال، وأن سوق الإسكان سيستوعب ثلاثة تريليونات ريال خلال العشرين عاما المقبلة، كما أن السوق السعودي بحاجة إلى 4.5 مليون وحدة سكنية لسد العجز بين العرض والطلب بمعدل 80 ألف وحدة سنويا تتوزع بين 50 ألف للرياض و30 ألف لبقية أنحاء المملكة.