بعدما نال جائزة أفضل فندق كلاسيكي للعام الحالي ضمن جوائز «لاكشري ترافل غايد»، يواصل فندق المامونية في مدينة مراكش التألق بين المؤسسات الفندقية والسياحية عبر العالم، فقد توّجته أخيراً المجلة البريطانية «كونديه ناست ترافيلير» المتخصصة في المجال السياحي، بجائزتي «أفضل فندق في العالم» و»أفضل فندق في الشرق الأوسط وإفريقيا». وتؤكد هذه الجوائز أن هذه المؤسسة استطاعت منذ إعادة افتتاحها عام 2009، تعزيز مكانتها باعتبارها رمزاً للفنادق الراقية على المستويين المغربي والعالمي، ما مكنها من الترقي إلى مصاف الوحدات الفندقية العالمية في مجال جودة الخدمات المقدمة. فللمرة الأولى تصنف مؤسسة فندقية مغربية وإفريقية في المرتبة الأولى في هذا الترتيب المعترف به عالمياً. يعود بناء فندق المامونية الى العام 1923، وصنف دولياً حينذاك بين أشهر 14 فندقاً في العالم، ويتميز بطراز رفيع صممه المهندسان هنري بروست وأنطون مارشيسو. واستقبل هذا المكان الأسطوري شخصيات كبيرة من عالم الفن والأدب والسينما والسياسة، أشهرهم ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا السابق الذي كان عاشقاً لمراكش وكثير التردد إلى فندق المامونية، إلى حد أن إدارة الفندق سمّت أحد أجمل الأجنحة فيه باسم تشرشل. وكان هذا الزعيم السياسي يستوحي رسوم لوحاته التي تحتفظ بها متاحف العالم، من حديقة المامونية وجبال الأطلس المكسوة بالثلوج التي كان يتأملها من غرفته الخاصة. وليس ونستون وحده من أحب مراكش وفندقها الأسطوري الذي يمكن كل من أراد المبيت في غرفته دفع 2000 دولار لليلة الواحدة، فهناك من الساسة والقادة نجد الملكة إليزابيث الثانية وفرانكلين روزفلت وجاك شيراك وهيلاري كلينتون وكوفي أنان ورونالد ريغان والمستشار الألماني هيلموت كول، ومن عالم الفن شخصيات منها ألفريد هيتشكوك وتشارلي تشابلن وشارون ستون وبروس ويليس وتوم كروز وكلود لولوش وإلتون جون وجان بول غوتييه وشارل أزنافور. يقولون في مراكش، إن فرادة فندق المامونية الذي يمتد على مساحة 15 هكتاراً، هي من جمال المدينة الحمراء بنخيلها ومبانيها الحمر. ولا يتوقف كثر عند الاختلافات البسيطة التي يمكن ملاحظتها على مستوى لون هذه البناية أو تلك في المدينة، على رغم أن اللون الأحمر الذي يمنح المدينة لقبها، ليس لوناً واحداً في خصائصه، بل يتعدى العشرين اختياراً في تنوعه. ومن المعروف أن هذا الفندق يستمد اسمه من حدائقه التي عرفت ب «حديقة المأمون»، وكانت خلال القرن الثامن عشر في ملكية الأمير مولاي المأمون، الابن الرابع للسلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله الذي تولى الحكم خلال القرن الثامن عشر. وتذهب بعض الكتابات التاريخية إلى أن البساتين والحدائق في المدينة كانت من تخطيط هذا السلطان، الذي «كان كلما بلغ أحد أبنائه سن الزواج زوجه ووهبه سكناً خارج القصبة وأحاطه بالبساتين والجنان». وكانت الحديقة التي تحولت اليوم إلى فندق المامونية، هدية زواج الأمير مولاي المأمون، فيما كان من نصيب أبناء السلطان الآخرين حدائق مولاي عبد السلام ومولاي موسى ومولاي الحسن. ومن الطرائف التي تحكى في هذا السياق، أن زبوناً من أصدقاء المغرب أربك في ستينات القرن الماضي إدارة الفندق، وكان لا بد من استضافته ما اضطرت معه الإدارة إلى إيجاد سرير على مقاسه، ولم يكن هذا الزبون سوى الجنرال شارل ديغول. وخضع الفندق لعمليات ترميم وتوسيع شاملة كانت آخرها لمدة ثلاث سنوات من 2006 الى 2009 أنجزها المهندس المعماري المتخصص في الديكور جاك غارسيا الذي منح الفندق حلة جديدة تجمع مهنية الصانع التقليدي المغربي وأدوات التكنولوجيا الحديثة، وقد سبق أن خضع للترميم والتوسيع خلال الأعوام 1946 و1950 و1953 و1986. وبعدما أن كان عدد غرفه لا يتجاوز 50 غرفة في ثلاثينات القرن الماضي، فتح «المامونية» أبوابه وعدد غرفه 210، بينها 71 جناحاً وثلاث فيلات.