ينظر العراق إلى انخفاض أسعار النفط عالمياً على أنه مبعث قلق كبير قد يضطره إلى أعادة ترتيب أولوياته في الإنفاق، في حين حذّرت أوساط نيابية من انهيار الاقتصاد العراقي نتيجة احتمال تراجع أسعار النفط العالمية على نحو مستمر. وصرح المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح، إلى «الحياة» بأن هبوط أسعار النفط العالمية إلى نحو 40 دولاراً يشكل مبعث «قلق كبير» للعراق، وأن معالجة ذلك يجب أن تتم بضغط النفقات والاقتراض لإنشاء مشاريع منتجة مع العمل على دعم القطاع الخاص من خلال تشريعات وإجراءات تسهّل معاملاته. ورأى أن الاقتراض يجب أن يكون محدوداً خصوصاً مع وجود ديون خارجية قديمة وأخرى داخلية، وأن يُوجه إلى التنمية من خلال مشاريع منتجة تدرّ دخلاً للعراق وتساهم في تعزيز قدرته التصديرية والحد من الاستيراد، لأن استخدامه لأغراض استهلاكية يعتبر كارثياً، موضحاً أن الإنخفاض الحالي لأسعار النفط قد يؤدي إلى عجز في العراق أو يضطره إلى إعادة ترتيب أولوياته في الإنفاق والضغط على النفقات لتأمين الاستدامة الماليّة. ودعا إلى دعم القطاع الخاص لأنه المحرك الأول للسوق، وذلك من خلال سن قوانين الحماية الاجتماعية ودعم القطاع الخاص في التمويل المتاح وبناء مؤسسات مساندة له وتسهيل إجراءات منح إجازات تسجيل الشركات والتعاقد، وغيرها من الأمور المساندة لمواجهة هبوط أسعار النفط. وكان عضو اللجنة المالية البرلمانية هيثم الجبوري، حذّر من نتائج انهيار الاقتصاد العراقي نتيجة احتمال تراجع أسعار النفط، لافتاً إلى أن المؤشرات التي تناقلتها المراكز العالمية المتخصصة في القطاع النفطي تؤكد إمكان تراجع وشيك لسعر النفط إلى ما دون ال 25 دولاراً، معتبراً أن ذلك يشكل خطورة كبيرة على اقتصاد العراق وربما يتسبب في انهياره خصوصاً أن موازنة العام الحالي بنيت على أساس 62 دولاراً للبرميل. وأكد الجبوري أن لدى العراق نفقات كبيرة جداً تتعلق بالعمليات العسكرية ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، فضلاً عن المتطلبات التشغيلية التي تعتمد كلها على مبيعات النفط وما تؤمنّه من عائدات، محذراً من مغبة حدوث انهيار اقتصادي. وأضاف أن مبيعات النفط العراقي منذ العام 2003، بلغت 624 بليون دولار، وفقاً لمنظمة «أوبك»، مشيراً إلى أن ذلك المبلغ وزع بواقع 100 بليون دولار تقريباً لإقليم كردستان و32 بليوناً لدفع الديون الكويتية ونحو 20 بليوناً لديون «نادي باريس» وكاشتراكات دولية، في حين شكلت الموازنات التشغيلية ومن ضمنها الرواتب ومنح المتقاعدين والإعانات الاجتماعية ما قيمته 360 بليون دولار. وأوضح أن المتبقي كموازنة استثمارية هو 112 بليون دولار ذهب 50 بليوناً منها إلى قطاع النفط و20 بليوناً لقطاع الكهرباء، مبيناً أن 20 بليون دولار من المبلغ المتبقي ذهب إلى التسليح وخصص 22 بليوناً لبقية الوزارات بما فيها قطاعات الصحة والتربية والتعليم والأمن والإسكان والخدمات فضلاًً عن المحافظات ال 15 خارج إقليم كردستان. وكان خبراء دوليون أشاروا إلى أن العراق يسعى إلى تعزيز قدراته المالية وسط تحديات صعبة متمثلة في الحرب الدائرة ضد «داعش»، بالتزامن مع هبوط حاد لأسعار النفط العالمية، متوقعاً أن تبلغ نسبة العجز المالي في العراق خلال العام الحالي نحو 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بسبب انهيار أسعار النفط مع ارتفاع النفقات العسكرية. وفي إطار محاولات تعزيز الموارد الماليّة للدولة، رجّحت أوساط أن يكون لمشروع قانون التعديل الثاني لقانون الاستثمار الخاص بتصفية النفط الخام رقم 64 لعام 2007، انعكاسات إيجابية على صعيد زيادة الموارد النفطية للدولة، إذ يوفّر المشروع بلايين الدولارات للخزينة العراقية، مؤسساً لبيئة مناسبة لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع المصافي. وأشارت هذه الأوساط إلى أن العراق أنفق مبالغ طائلة في سبيل شراء المشتقات النفطية بسبب قلة المصافي وعدم قدرتها على توفير المشتقات النفطية، وأن تعديل القانون سيتيح إنشاء مصافٍ في محافظات كربلاء وكركوك والديوانية وغيرها. ولفتت الى أن طبيعة قانون التعديل الأول لقانون الاستثمار لم تتضمن مواد جاذبة للشركات الأجنبية للاستثمار في العراق وإنشاء المصافي، مؤكدة أن التعديل الثاني إذا أقرّ، سيوفر بيئة مناسبة لجذب الاستثمارات الأجنبية، ما يعزز الموارد للمحافظات لتمكينها من الإعمار وأنه سيعطي التسهيلات للشركات الأجنبية في الاستثمار في بناء المصافي.