منذ عهد مضى كان الناس يتحدثون في ما بينهم ويتبادلوا أطراف الحديث في جميع مجالات الحياة، منها البيع والشراء وسرد القصص والتحاكم عند القضاة، أو التحدث مع ولاة الأمر منهم باللغة العربية الفصحى، وكان الناس يستخدمونها أيضاً في كتابة الرسائل والأشعار وغيرها مما يستخدم في أمور حياتهم اليومية. ولكن بعد مرور الأربعة عشر قرناً، إذ نفيق من سبات حلم جميل، مع اعتذارنا للغة القرآن ولسان الضاد يجمعنا بقحطان وعدنان، فنجد أنفسنا في ظلام دامس جداً، إذ تبلورت لغة الضاد وبدأت في الاندثار، نعم ستندثر لغتنا العربية الجميلة التي أنزلت سور القرآن الكريم على سيد الأنام «محمد صلى الله عليه وسلم» بقوله (اقرأ باسم ربك الذي خلق) التي جاءت باللغة العربية الفصحى، ولم تنزل بأي لغة أخرى، التي هي عزة ورفعة ومكانة لأي عربي ومسلم أن يفخر بها، ولكن ما نسمعه اليوم في الشارع العربي من لغة ركيكة ولهجات دخيلة لا تعرف أي معنى لها، ولا أريد ذكر أي من هذه اللهجات على حد السواء، ولكن ما نراه اليوم أجيالاً لا تستطيع التفاهم مع الآخرين من جنسية عربية أخرى، نظراً لاختلاف واختلاط اللهجات الممزوجة بلغات الوافدين الآسيويين، الذين استطاعوا أن يتعلموا لغة الضاد ليس باتقان أو بحذافيرها إنما بطريقة التي تقيهم ذل السؤال والخروج من أي مآزق قد يواجهونها، ولكنهم بهذه الطريقة شرعوا في هدم لغتنا العربية العامة أو النبطية، من جهة أخرى تجدنا نحن كعرب لا نستطيع التكيف مع بعضنا البعض في كثير من مفردات الكلمات والمصطلحات العربية إذا ما قورنا باللهجة العامية. فعرب الشام لا يفهمون بعض المصطلحات الخليجية في بعض الأحيان، وعرب الخليج لا يعرفون ما ينطق به عرب المغرب العربي، وعرب المغرب العربي لا يدركون معاني بعض الكلمات التي تُنطق باللهجة المصرية. فهل لنا أن نجتمع على لغة عربية موحدة؟ ولو إني أشك بل على يقين بأننا لن نتحد في هذا الرأي... أم نترك لهجاتنا الشعبية العربية التي نستخدمها أو تُستخدم في ما بيننا، على طريقة أنت في روح أنا في يجي؟!