الإحصاءات المتعلقة بالعنف قليلة، وفقاً لما نشرته هيئة حقوق الإنسان وجمعية حقوق الإنسان، ما سبق جملة من تصريح رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب في مجلس الشورى، فهل حالات العنف قليلة فعلاً (بحسب التصريح) أم ان الإحصاءات التي وصلت هي فقط التي (أتيحت الفرصة لأصحابها للإبلاغ وتم التعامل معها بمهنية) كحالة عنف، وليس شأناً أسرياً كالعادة (لا يستوجب التدخل ولا الرصد ولا حتى الإبلاغ)؟ عندما تُضرب طفلة لا يزيد عمرها عن 11 عاماً بعكاز وهي نائمة ويشوه وجهها بكدمات متعددة الألوان والأحجام وعندما تُحرم والدتها من الاطمئنان عليها ومن استعادتها لأيام عدة ثم يتم تبرير ما أصابها بأنها (سقطة جدار) فهذا عنف مركب يستوجب التحليل والدراسة، ولا ينبغي أن يُمر على الحالة مرور الكرام. كان من المحتمل إن تُصاب الطفلة بصدمة عصبية ونفسية جراء الضرب المباغت، كان من المحتمل أن تُصاب بالعمى وتفقد عينيها، كان من المحتمل والمتوقع أن تصمت الأم ولا تقوم بالتبليغ ويتم التكتم على الحادثة باعتبارها شأناً شخصياً وأسرياً بحتاً مثلما تعودنا وربما ابلاغ الأم وتفاعل الشرطة والمستشفى كشفا لنا عن هذه الحادثة التي باتت ليست غريبة على أسماعنا منذ أن أصبحنا نقرأها بشكل شبه يومي وكلنا نعلم ان ما نقرأه هو فقط ما يصل للصحف وما يتاح لافراد المجتمع الاطلاع عليه. جريمة الفتاة انها اخفت شريحة هاتف نقال عن والدها، لذلك استحقت الضرب الفجائي وجريمتها الحقيقية أنها نتاج زواج انتهى بطلاق، وعليها ان تبرمج حياتها على الوضع الجديد، عليها أن تتحمل خطايا الوالدين وعدم اتفاقهما، ليصبح وجهها عرضاً مرئياً لمن يريد أن يرى شكل العنف! سيقول البعض تستحق لأنها أخطأت وأخفت شريحة جوال! لن تشفع لها سنوات عمرها القليلة ليُنحى الشك والريبة جانباً كالعادة، وسيقول البعض (لحظة انفعال غير مقصودة من والد حنون)، وليسارع البعض بترديد أنت ومالك ملك لأبيك (فليفعل بك وبجسدك ما يحلو له) في تفسير عقيم لحديث شريف أسيء فهمه كثيراً وطويلاً. حتى أفقنا على جرائم بشعة تزداد بشاعتها يوماً بعد يوم، ولم نزل نغالط أنفسنا ونكابر ونظهر على الملأ لنقول ان العنف محدود ومسبب بأخطاء الأبناء والبنات وغيرهم لذلك (فلنحل الموضوع في الخفاء وبتكتم شديد). في النهاية روان ليست آخر المطاف وليست أوله بالطبع، وسيستمر مسلسل العنف طويل الأمد طالما ما زلنا نردد أنه قليل ومحدود مقارنة بعدد السكان! [email protected]