كابول – رويترز، أ ف ب – اطلقت القوات الافغانية والأجنبية عملية «معاً» العسكرية التي تهدف الى طرد متمردي حركة «طالبان» من معقلهم الكبير الاخير، بحسب تقديرات عسكرية غربية، في منطقة وادي مرجه بولاية هلمند، في وقت كرر الرئيس الافغاني حميد كارزاي مطالبته المتمردين بإلقاء السلاح، محذراً من احتمال سقوط خسائر مدنية كبيرة. ويمثل الهجوم الذي يشنه 15 الف جندي افغاني واجنبي يتألفون من جنود «المارينز» وقوات بريطانية ودنماركية واستونية وكندية، اختباراً اولياً لقرار الرئيس الأميركي باراك أوباما ارسال 30 الف جندي الى افغانستان، وبداية حملة لبسط سيطرة كابول على مناطق تخضع لنفوذ المتمردين هذه السنة، قبل ان تبدأ القوات الأميركية خفض عدد قواتها بحلول تموز (يوليو) 2011. وانزلت طائرتان من طراز «هاريير» جنوداً من قوات مشاة البحرية الاميركية (مارينز) قرب مرجه، فاشتبكوا بالأسلحة الرشاشة والصواريخ مع مقاتلي «طالبان» الذين ردوا بهجمات انطلاقاً من مجمعات سكنية، علماً ان عدد سكان المنطقة يبلغ 120 الفاً. ونفذت قوات بريطانية انزالاً آخر في منطقة ناد علي المجاورة لمرجه، قبل ان تتقدم دبابات ووحدات هندسية قتالية تابعة لها. وكشف الملازم مارك غرينليف من قوات مشاة البحرية الأميركية ان الهجوم يشن من مواقع في شمال مرجه وجنوب غربها وشرقها، و «نأمل ان يجني الناس خلال الايام القليلة المقبلة فوائد الأمن والاستقرار من الجيش الافغاني وقوات المارينز»، التي شن 4 آلاف من جنودها الصيف الماضي هجوماً مباغتاً على منطقتي غارمسير وناوا جنوبالوادي الاوسط لنهر هلمند، في عملية حملت اسم «خنجر» وأدَّت الى فرار المتمردين جميعهم من دون ان يتواجهوا مع جنود «المارينز» الذين كانوا مدججين بالسلاح وتمركزوا في مواقع اساسية وعند تقاطع المناطق. وتلا ذلك عقد اجتماعات مع قادة محليين ووجهاء القبائل لتوضيح ان القادمين الجدد سيبقون، وان الحكومة ستعود لتقدم لهم مستقبلاً افضل مما تعرضه «طالبان». وقال غلاب مانغال حاكم هلمند: «تسير المرحلة الأولى من العملية بنجاح، اذ سيطرت القوات المشتركة على 11 موقعاً رئيساً في المنطقة وتراجعت مقاومة المتمردين. لقد زرعت طالبان الغاماً بكثافة في المنطقة، لكن لم يندلع قتال شرس حتى الآن»، علماً ان مرجه توفر الارض الخصبة لزراعة المتشددين نبات الخشاش الذي يستخرج منه الافيون، وتحقيق ارباح تستخدم في تمويل التمرد ضد القوات الحكومية والاجنبية. واعلنت قيادة الحلف الأطلسي (ناتو) مقتل 20 من «طالبان» واسر 11 آخرين، في مقابل جرح جندي اميركي اصيب بشظايا خلال الساعات الاولى من الهجوم الذي يهدف الى السيطرة على وسط البلدة، حيث توجد تجمعات سكنية كبيرة. لكنها لم تحدد مكان سقوط ثلاثة جنود اميركيين مكتفية بالقول إنهم «قضوا بانفجار قنبلة زرعت على جانب طريق جنوبافغانستان». وابلغ سكان في مرجه «المارينز» ان قنابل زرعت بين جدران تفصل شوارع عن منازل. وفي قندهار التي تبعد 200 كيلومتر من مرجه، قتل جندي اميركي وجرح ثلاثة آخرون في عملية انتحارية استهدفت قافلتهم في محيط قندهار التي تبعد 200 كيلومتر غرب مرجه. وفيما تشكل سلامة المدنيين القضية الأهم للحلف الأطلسي (ناتو) في احدى الهجمات الاكبر خلال الحرب الدائرة منذ ثماني سنوات ضد «طالبان»، باعتبار ان سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين يمكن ان يقوِّض فرص كابول في نيل مزيد من الدعم، اوصى الرئيس كارزاي في بيان «القوات الافغانية والدولية بتوخي اكبر قدر من الحذر لتفادي اصابة مدنيين»، مشدداً على ضرورة تطبيق هذه القوات اجراءات وآليات محددة لحماية المدنيين خلال العملية. وكان الحلف الأطلسي نصح المدنيين بعدم مغادرة منازلهم، على رغم قوله انه «لا يعرف إذا كان الهجوم سيؤدي إلى اندلاع قتال عنيف»، في وقت تعهد قاري فضل الدين، أحد قادة «طالبان»، تصدي حوالى الفي مقاتل للهجوم الذي سخر منه الناطق باسم «طالبان» عزام احمدي اول من أمس، قائلاً: «احيط بحملة اعلامية كبيرة، فيما مرجة منطقة صغيرة جداً». لكن مصادر عسكرية تفيد بأن عدد مقاتلي «طالبان» المتحصنين في مرجه يتراوح بين 400 وألف. و دعا الرئيس الافغاني «طالبان» مجدداً الى القاء السلاح، والافادة من فرصة شن الهجوم لنبذ العنف والعودة الى الحياة المدنية الى جانب مواطنيهم الافغان لما فيه مصلحة البلاد». ورأى الخبير السياسي الافغاني احمد سعدي ان «هذه المعركة يجب ان تُظهر لطالبان وباقي المجموعات المعادية للحكومة أنهم لا يستطيعون الاستراحة في أي مكان، وانهم يجب ان يسعوا في نهاية المطاف الى مصالحة».