لاحظت منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، أن أسعار المواد الغذائية المرتفعة في البلدان النامية، «لم تنخفض على رغم وفرة إمدادات الحبوب بالمقياس العالمي والتراجع الحادّ في أسعار الغذاء الدولية». ولم تستبعد في تقرير بعنوان «توقعات المحاصيل وحال الأغذية»، أن «يترتّب على الارتفاع المتواصل في أسعار المواد الغذائية لدى البلدان النامية، مزيدٌ من الصعوبات لملايين السكان الفقراء الذين يعانون بالفعل من وطأة الجوع وسوء التغذية». وعلى رغم توقّعات الانخفاض العالمي لإنتاج الحبوب بنسبة 3 في المئة هذا العام مقارنةً بأرقام العام الماضي، قدّرت المنظمة أن «يكون المحصول ثاني أضخم إنتاجٍ عالمي يُسجَّل». ورجّحت أن «ينتج معظم هذا الانخفاض النسبي في محصول القمح، من تقليص زراعته لدى البُلدان الصناعية استجابة إلى تراجع الأسعار في السوق الدولية». فيما توقعت أن «يظل إنتاجه في البلدان النامية على مستواه الجيد لحصاد العام الماضي». وبموازاة هذه التوقعات، تتواصل حالات طوارئ الغذاء لدى 32 بلداً، على رغم المستوى الجيد لإنتاج محاصيل الحبوب العام الماضي لدى البلدان الأكثر تعرُّضاً لخطر غياب الأمن الغذائي. ولفت تقرير المنظمة إلى أن أسعار الحبوب «لا تزال مرتفعة جداً في البلدان النامية عموماً، وفي بعض الحالات بلغ الارتفاع مستوياتٍ قياسية». وأوضح أن «أسوأ المتضررين من هذا الوضع هم فقراء المدن، والمزارعون في المناطق الريفية ممَن يعانون فعلياً من غياب الأمن الغذائي، لاعتمادهم على الأسواق كمصدر وحيد للغذاء». ورأى أن الكساد الاقتصادي العالمي «يكاد يجمِّد حركة الحِوالات المالية من العاملين في الخارج، الذين يعيلون أسرهم الفقيرة في البلدان النامية ويمثلون سنداً اقتصادياً مباشراً لاستهلاكها الغذائي». وكشف تحليل أسعار المواد الغذائية المحلية لدى 58 بلداً، أن أسعار الأغذية في نحو 80 في المئة من الحالات «أعلى من مستوياتها قبل 12 شهراً، وفي نحو 40 في المئة أعلى مما كانت عليه قبل ثلاثة شهور، وفاقت في 17 في المئة تقديرات الأسعار السائدة فعلياً». وتبدو الحال في إقليم إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى «خطيرة جداً»، إذ ظهرت الأسعار المحلية للرز كمحصولٍ أساس أعلى بكثير مما كانت عليه قبل 12 شهراً في البلدان التي شملها المسح. كما وجِدَت أسعار الذرة والذرة الرفيعة والدخن كمحاصيلٍ رئيسة أعلى من ذي قَبل لدى 89 في المئة من البُلدان المشمولة بالمسح، قياساً إلى المستويات السائدة قبل سنةٍ واحدة. وظلّت أسعار المواد الغذائية على ارتفاعها في الأقاليم الأخرى، خصوصاً في قارة آسيا في حال الرز، وفي أميركا الوسطى والجنوبية بالنسبة إلى محصولين أساسيين هما الذرة والقمح. ولم يستبعد التقرير أن «تنخفض فواتير استيراد الحبوب في بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المتدني بين العامين 2008 و2009، إلى 28 بليون دولار، أي بنسبة 27 في المئة مقارنةً بالمستوى القياسي الذي فاق أي وقتٍ مضى للموسم السابق، نظراً إلى تراجُع الأسعار الدولية للسلع ذات الشأن مقرونةً بانخفاض أسعار الشحن». لكن المنظمة أشارت إلى أن «تباطؤ معدلات الواردات التجارية من الحبوب والمعونات الغذائية المقدَّمة، تشكَّل سبباً لاستمرار ارتفاع أسعارها لدى البلدان الفقيرة. إذ مع حلول نهاية آذار (مارس) الماضي، لم يُورَّد أكثر من 45 في المئة من احتياجات استيراد الحبوب لدى بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض، لتغطية متطلّبات السنة التسويقية التي تُختتم نهاية هذا العام». ولفتت إلى أن انعدام الأمن الغذائي «يتفشى في بعض أجزاء آسيا، خصوصاً في بقاعٍ ساخنة مثل أفغانستان وسريلانكا وميانمار وكوريا الشمالية، حيث تسود حال مزمنة من غياب الأمن الغذائي، وخُفّضت حصص توزيع الغذاء إلى النصف». ويواجه أكثر من 17 مليون نسمة في شرق أفريقيا حالات حادة من انعدام الأمن الغذائي، بسبب رداءة الحصاد أو الصراعات أو كلاهما. وفي أفريقيا الجنوبية، لاحظت المنظمة «انعكاس ارتفاع الأسعار المحلية مقروناً بتباطؤ معدلات الواردات وارتفاع الطلب في ذروة شهور الجوع الأخيرة، سلباً على وضعية الأمن الغذائي لما لا يقل عن 8.7 مليون شخص».