قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، في خطبة الجمعة أمس: «إنه بعد أن قدر الله النصر المبين والظفر والتمكين واجتثت من المتسللين أصولهم وفلتت نصولهم وارتدوا إلى جحورهم والهزيمة تستعر في نحورهم وانقلبوا بخناجرهم في حناجرهم، فإننا نلهج بالشكر والثناء للباري جل وعلا، كما نرفع تحية مكبرة زكية مكررة ومعطرة تحية إجلال واعتزاز وثناء وفخر إلى جنودنا الأشاوس ورجال أمننا حماة المتارس المرابطين على ثغورنا الأبية من فتية طاف الجلال بمجدهم وعشقوا العلا ورحابة الميدان». وخاطب إمام الحرم الجنود قائلاً: «يا كتائب البطولة وحواري الرجولة بوركتم ووفقتم وأجرتم إذ سهرتم ونمنا وذدتم في استبسال فأمنا وخضتم المعارك فوجب علينا الدعاء لكم، فطوبى لكم قول المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام: «عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله»، مؤكداً أنه لن تزيدنا تلك الزوبعة الرعناء بدخول بعض المتطفلين والمتسللين على وطننا إلا الصمود في الحق والنصرة لقضايا مجتمعنا وأمتنا وسداداً في الأمور وثقة بوعد الله بالنصر في دينه وأوليائه. وناشد السديس قادة المسلمين وأصحاب القرار في العالم من منبر المسجد الحرام من جوار الكعبة وزمزم والمقام، التصدي بكل قوة وحزم للتهديدات الصهيونية والتنكيلات اليهودية غير الإنسانية ضد إخواننا في فلسطين، ورفع الظلم عنهم والحصار، والتصدي لما يلقون من يهود من مكر كبّار، وقال إنه مع كل ذلك فإننا متفائلون - بإذن الله - بالنصر المؤزر القريب. وشدد إمام الحرم المكي في خطبة الجمعة أمس على أنه لا ينبغي أن ننسى قضايانا وقضايا أمتنا، لاسيما القضية الكبرى قضية فلسطين والأقصى وما يلفها في هذه الآونة بالذات من مآسٍ واعتقالات وتعديات واستطالة ساخرة في الهدم والحصار والاعتداءات واستمرار للضربات والغارات مما أوصل الأسى مداه، لذا وبراءة للذمة وقبل أن تستيقظ الأمة على سلب مقدساتها ونهب مقدراتها نناشد التصدي للتهديدات الصهيونية. ونوّه بالنصر المؤزر الذي حققه الجنود المرابطون على الحدود الجنوبية للمملكة، وتضحياتهم الكبيرة لدحر العدوان، ودماء الشهداء الزكية التي عطرت ثرى الوطن الغالي. كما شدد على أن الأوطان أسمى من أن تفسّر بالتراب والطين، بل هي حِمَى العقيدة والدين والجوهر الثمين من المحارم والمكارم التي جمعها الدين القويم، مشيراً إلى أنه في هذا الأوان الذي ذوت فيه جذوة الإيمان لدى فئة باغية كبلها المكر والبهتان، لم يبالوا بحسن الجوار وانتهاك حدود آمنة بمكر ممن حاول وبئس الصنيع الشنيع لهذا التسلل، فارتكزوا في مستنقع الغدر وهانوا وعلى حقوق الجار تمردوا، وذلك هو الجرم المبين والإفك الأثيم. وتساءل... أين حجا المعتدي ورشاده؟ وأين منه عقله وسداده؟ لو كان ذا رأي لقدر أمره وعاد عن إرهابه وتأثم، أو كان ذا عقل لصان رجاله حقاً وبادله الوفاء وعظم، مبيّناً أنه وضح للمتسللين بجلاء أنه توطنهم البغي وقطن وما أظهروا من حقد وغدر أقل مما بطن، ولن يطمحوا في سلام في وطن أو يعشقوا هناء في زمن، فهم قد سعوا في أرضهم بالفساد والعناد ويريدون في رباط الأشقاء أن يتنافر.