يترقب الوسط السياسي اللبناني مناسبة الذكرى الخامسة لاغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وحجم الحشد الشعبي الذي ستجمعه غداً الأحد، والذي تتوقع قيادات قوى 14 آذار التي دعت الى التجمع في «ساحة الحرية» وسط بيروت، أن يكون ضخماً وحاشداً ككل 14 شباط (فبراير) منذ العام 2005 حين أدت جريمة تغييبه الى الزلزال السياسي الذي ضرب لبنان وما زالت ارتداداته تطبع الحياة السياسية اللبنانية. وفيما تتوقع قيادات قوى 14 آذار أن يكون حشد القوى المسيحية فيها أوسع من السنوات الماضية، فإن إحياء الذكرى يتم في ظل تغييرات سياسية مهمة لجهة المصالحات التي حصلت على الصعيدين العربي واللبناني، أبرز تجلياتها تشكيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد رفيق الحريري، ما يحدد سقفاً للمواقف السياسية التي ستعلن أمام التجمع الشعبي الذي، هو سقف المصالحات، لا سيما بعد زيارة رئيس الحكومة العاصمة السورية على طريق تطبيع العلاقة معها، تحت عنوان حفظ الاستقرار اللبناني. لكن أوساط الأكثرية تعتبر أن الحشد الشعبي سيشكل رافعة جديدة لقوى 14 آذار ودورها في الحياة السياسية اللبنانية، بعد خروج رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي منها وبقائه في المقابل على تحالفه مع الحريري في المرحلة المقبلة. وإذ حدد الحريري في مقابلة تلفزيونية ليل أمس الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة ولشعاراته، فإن الناطق الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أصدر أمس بياناً لمناسبة الذكرى الخامسة «للهجوم الإرهابي الذي خطف أرواح رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري و22 آخرين يقف الأمين العام مع الشعب اللبناني في تذكّر حياة وإنجازات السيد الحريري ويجدد تعازيه لعائلات ضحايا هذه الجريمة الفظيعة». وجدد الناطق باسم بان كي مون تأكيد «التزام الأممالمتحدة جهود المحكمة الخاصة بلبنان لكشف الحقيقة من أجل جلب أولئك المسؤولين (عن الجريمة) الى العدالة ولإنهاء الإفلات من العقاب في لبنان». على الصعيد السياسي الداخلي ازدادت الشكوك في نيات بعض الفرقاء حيال إجراء الانتخابات البلدية في موعدها بعدما أجل مجلس الوزراء في جلسته التي انعقدت أول من أمس البت في الإصلاحات التي يفترض إدخالها على قانون الانتخاب تمهيداً لإجراء عمليات الاقتراع في 2 أيار (مايو) المقبل وأجّل ذلك الى جلسة عادية تعقد الأربعاء المقبل، خصوصاً أن النقاش في الجلسة عاد الى البحث في مصير إصلاحات كان سبق لمجلس الوزراء أن ناقش وأخذ موقفاً منها. وفي خصوص الخلاف على وضع رئيس المجلس النيابي نبيه بري مشروع قانون التعديل الدستوري الذي يتيح خفض سن الاقتراع من 21 الى 18 سنة، على جدول أعمال جلسة البرلمان التي دعا اليها في 22 الجاري، فإن أوساطاً نيابية أبلغت «الحياة» أن هناك إمكانية للتوصل الى حل وسط في شأنه بعد إصرار زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميل على ربطه بإقرار حق المغتربين في الاقتراع في الخارج ورفضهم خفض سن الاقتراع من دونه. وفي ظل إصرار بري على إقرار التعديل الدستوري بخفض سن الاقتراع برز موقف لأحد نواب كتلته أمس قد يشكل مخرجاً يسمح باختصار الطريق لحل الخلافات على الإصلاحات في شأن الانتخابات البلدية إذ أعلن النائب علي بزي ان إقرار خفض سن الاقتراع مع تدوين عبارة «على أن يُعمل به عام 2013 (الانتخابات النيابية المقبلة) أسوة باقتراع المغتربين هو المخرج الأقرب الى التنفيذ، لأنه يربط بين المسألتين ويطمئن هواجس موجودة». ولم تستبعد مصادر نيابية أن يجرى العمل على هذا المخرج أو غيره خلال الأيام الفاصلة عن موعد عقد الجلسة. وقالت مصادر نيابية أن الرئيس بري وضع مشروع قانون خفض سن الاقتراع في آخر جدول أعمال الجلسة التشريعية التي تستمر يومين ربما لإفساح المجال أمام التداول في التسوية. لكن مصادر مقربة منه قالت انه بمجرد اكتشافه أن في القاعة العامة للبرلمان 86 نائباً أو أكثر (يحتاج لثلثي أصوات البرلمان) فإنه سيطرح المشروع على التصويت، لأن من صلاحياته تقديم بند من البنود على جدول الأعمال. وكان بري طرح 3 خيارات للمخارج في شأن الخلاف على إقرار المشروع: إما أن تصوتوا ضد أنفسكم لأن جميع الفرقاء سبق أن وافقوا على خفض سن الاقتراع في البرلمان ثم في الحكومة عند صوغ مشروع القانون، وإما أن تسحبه الحكومة (وهذا ما يرفضه الرئيس الحريري نظراً الى أنه لا يقبل على نفسه سحب مشروع يتعلق بدور الشباب في الحياة العامة)، وإما أن يتم التصويت على المشروع على أن يطبق في انتخابات عام 2013. من جهة أخرى زار رئيس الجمهورية ميشال سليمان قبرص أمس لإجراء محادثات مع رئيسها ديمتريس كريستوفياس وكبار المسؤولين فيها. وقال سليمان أنه أجرى مع نظيره القبرصي محادثات تناولت مواجهة التحديات الإقليمية والدولية «التي تؤثر سلباً على أمننا وسلامتنا ومنها مخاطر الحرب والعدوان والإرهاب والتلوث والكوارث الطبيعية». وكرر دعم لبنان لسيادة قبرص ووحدتها وحرمة أراضيها. وشدد سليمان على حل عادل وشامل لقضية الشرق الأوسط وضمان عدم توطين اللاجئين الفلسطينيين فيه ودفع إسرائيل لتطبيق قرار مجلس الأمن 1701 بكل مندرجاته. وأمل الرئيس القبرصي بأن تقود الحكومة اللبنانية الجديدة لبنان الى عصر جديد من السلام والاستقرار والرخاء مشيراً الى 8 اتفاقيات سبق أن وقعت بين البلدين، وشدد على دعم بلاده القضية الفلسطينية ولبنان وقضية الجولان السوري. وأوضح أنه طالب إسرائيل بتغيير سياستها بحيث يتم التوصل الى السلام.