وجدت السلطة الفلسطينية نفسها امس امام مواجهة من نوع جديد مع اسرائيل ساحتها الاعلام، وموضوعها اتهامات بالفساد المالي والجنسي مستندة الى وثائق وصور جمعها مسؤول مخابرات سابق لدى السلطة. ورأى مسؤولون فلسطينيون ان هذه المواجهة تأتي في اطار حملة للتحريض ضد رئيس السلطة محمود عباس وموقفه التفاوضي الثابت على رفض استئناف المفاوضات الا بوقف الاستيطان، كما اعتبروها حملة ضد رئيس وزرائه سلام فياض تهدف الى تقويض سمعة حكومته ومهنيتها العالية امام العالم. بدأت هذه المواجهة عندما بثت القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي تقريرا يتهم قادة السلطة بالفساد، كما بثت مقتطفات من شريط مصور لمدير مكتب رئيس السلطة رفيق الحسيني في اوضاع مخلة، على ان تبثه كاملا مساء امس. وبحسب وسائل الاعلام العبرية، فان مدير مكافحة الفساد في جهاز الاستخبارات الفلسطينية سابقا فهمي شبانه يقف وراء هذا الشريط وعشرات المستندات، مضيفة انه هدد الرئيس محمود عباس بأنه في حال لم يُقل مدير مكتبه من منصبه وآخرين «مشبوهين باختلاس ملايين الدولارات من صندوق السلطة»، فانه سيكشف فضائح فساد تطاول شخصيات فلسطينية كبيرة نافذة وتتعلق ب «سرقة» واختلاسات وابرام صفقات اراض وهمية بملايين الدولارات، مضيفا ان لديه وثائق «ستزعزع اركان السلطة ... وتوقف الدعم الدولي لها». وسارعت السلطة الى اتهام اسرائيل باستخدام «تهم الفساد» للضغط السياسي من اجل ان يغير عباس مطالبه لاستئناف المفاوضات، مضيفة انها بدأت باجراءات لمقاضاة التلفزيون الاسرائيلي بتهم القذف والتشهير. كما اتهمت السلطة شبانة ب «العمالة» لاسرائيل، وقالت انها كانت فصلته من الخدمة منذ عامين لهذا السبب، وبأنه يعمل ويتحرك تحت حماية اجهزة الامن الاسرائيلية. واعلن النائب العام في السلطة احمد المغني في بيان امس انه اصدر مذكرة اعتقال في حق شبانة الذي قال انه «ملاحق قضائيا بعدد من القضايا المتعلقة بتسريب اراض لدولة اجنبية والشروع في القتل». من جانبه، قال مدير الاستخبارات توفيق الطيراوي: «شبانة كاذب. اكتشفنا انه جاسوس ... لماذا صمت حتى اليوم؟ هذا جزء من الحملة على ابو مازن». اما الامين العام للرئاسة الطيب عبد الرحيم، فأشار الى «البعد السياسي للحملة المسعورة» التي بدأها الاعلام الاسرائيلي، وقال انها مرتبطة ب «الموقف التفاوضي للرئيس عباس»، مشيرا الى ان الاعلام الاسرائيلي «عاد ليجتر اكاذيب وقصصا باهتة على لسان ضابط صغير سابق في المخابرات الفلسطينية أُقيل منذ اكثر من عامين من موقعه بعد ان افتضح تورطه في التعامل مع الجانب الاسرائيلي، وبعد ان قام بتجاوزات ومخالفات تخل بالامانة والشرف». ورأى مراقبون ان التقارير الاسرائيلية لا تستهدف الرئيس عباس وموقفه التفاوضي فحسب، بل ايضا تهدف الى تقويض السمعة المهنية العالية التي تحظى بها حكومة فياض على الصعيد الدولي، لافتين الى ما شهدته مؤسسات السلطة من تطور كبير باتجاه الشفافية.