اختتمت المغنية النيجيرية أنجليك كيدجو، مهرجان «موسيقى من أنحاء العالم» بدورته الثانية عشرة في مونتريال، بحفلة حاشدة أنشدت فيها لأفريقيا الجديدة وتحرير النساء ومكافحة العبودية ماضياً وحاضراً. وُلدت أنجليك الملقّبة ب «ماما أفريقيا» في بنين عام 1960، وهي مغنية وكاتبة وتجيد الى اللغتين الفرنسية والإنكليزية، لغات أفريقية مثل «اليوربا» و «الفون» وغيرهما. وهي لا تغني لشعوب القارة السوداء فحسب، وإنما هي فنانة عالمية تحاكي رواية كفاح ونضال عابرة لحدود الدول والقارات. لحظة اعتلائها خشبة المسرح بقامتها الممشوقة وعنفوانها الأفريقي وزيّها التقليدي المزركش بألوان زاهية، انهالت عليها موجات الترحيب الحار والهتافات الحماسية من الجمهور. استهلت أنجليك الأمسية بتقديم أغنيات من ألبومها الصادر حديثاً «حواء»، والذي أهدته الى نساء أفريقيا، على وقع موسيقى البوب الأفريقي والزوط الكاريبي ورومبا الكونغو والجاز وبعض الإيقاعات اللاتينية. وتعاملت مع هذه الألوان بصوت قوي هادر كان يعلو حيناً ويتهادى شيئاً فشيئاً، الى أن ينتهى بانحناءة متواضعة يقابلها الجمهور بالتصفيق. هكذا كانت وصلة «ويداه « (اسم القرية التي تنتمي إليها في بنين) أكثر المحطات الغنائية تأثيراً في تحريك عواطف الجمهور، الذي لم يتردد أحياناً في مشاركتها الغناء والرقص على حلبة المسرح. في هذه المحطة الغنائية، تحدثت أنجليك كإنسانة أفريقية تعرف مآسي الإتجار بالرقيق وهدر كرامة الإنسان الأسود وإذلاله في شتى أصناف العبودية. فقريتها كانت مرفأ لتصدير العبيد، وباب اللاعودة الى أوطانهم. وكانت تحاكي بنبرتها وعنفوانها، أغاني العبيد التي كانوا يعبّرون فيها عن أوجاعهم وآلامهم وعذاباتهم على طريق الرقيق بين أميركا وأفريقيا. وتقول: «إنه لأمر مؤلم حقاً أن يقوم بعض البشر من آبائنا وأجدادنا (إشارة الى الأميركيين) بهدر كرامة ملايين الأفارقة في عصر الرقيق، حين لم تكن هناك صور ولا تلفزيون ولا شهود عيان». كما لم تغب عن أغنياتها معاناة المرأة الأفريقية، كالزواج القسري للقاصرات وختان النساء وتعنيفهن الأسري، داعية إياهن الى الصمود والنضال والتحرر ومكافحة الفقر والتخلّف، وكسر حواجز العرق واللون والمشاعر الدونية. وقد واكب النقاد الكنديون تألّق المغنية الأفريقية باهتمام بالغ. فوصفها الناشط الفني ستيفان بروشيه، في صحيفة «لو دوفوار»، بأنها «مغنية ثورية تصدح بصوت مذهل لا يشبه إلا سواه من حيث قوته وعنفوانه وشدة تأثيره في الجمهور». أما فيليب فميو منظم المهرجانأ فنوّه بما لدى أنجليك من» كاريزما آسرة وقدرة على استخدام الموسيقى والغناء كسلاح لإيصال صوت المرأة الأفريقية الى شعوب العالم والدفاع عن قضاياها»، مشيراً الى أن «تعلّقها بأفريقيا هو كالتصاق الروح بالجسد».