بيروت، برايا (الرأس الاخضر) - «الحياة»، أ ف ب - فقدَ عاشقو البلوز والجاز أمس، المغنية سيزاريا إيفورا الحائزة على جائزة «غرامّي 2004» عن ألبومها «فوز دا أمور»، في أحد مستشفيات بلدها جمهورية الرأس الأخضر الإفريقية (كاب فريدي)، كما أعلن وزير الثقافة ماريو لوسيو سوسا. ورحلت «نجمة المورنا» صاحبة الصوت البديع المعتّق الحزين ووريثة نجم غناء البلوز بيللي هوليداي بصوتها الفريد، في مسقط رأسها جزيرة ساو فينتسيتي عن سبعين سنة، بعد ثلاثة شهور من قرارها الانسحاب من الساحة الفنية لأنها كانت تعاني وهناً شديداً. وقاومت السمراء الملقبة ب «حافية القدمين»، كونها اعتادت الغناء حافية على المسرح، المرض منذ فترة طويلة. وخضعت في السنوات الأخيرة لعدد من الجراحات، من بينها عملية قلب مفتوح في أيار (مايو) 2010. ولا يخفى على متابعيها أنها كانت تفرط في التدخين، وقد تدهورت صحتها كثيراً في ايامها الاخيرة. وكأن صاحبة «كافي أتلانتيكو» كانت تشعر بقرب رحيلها حين قالت لصحيفة «لوموند» الفرنسية لدى انسحابها من الحياة الفنية في 23 ايلول (سبتمبر) الماضي: «لا أملك القوة ولا الطاقة. أريدكم ان تقولوا لمحبيَّ: عذراً، أريد ان أرتاح الآن. إني آسفة جداً لأني سأتغيب بداعي المرض. كنت أريد أن أقدّم المزيد من السعادة للذين تابعوا مسيرتي منذ فترة طويلة». وبهذه الكلمات أكدت إيفورا أنها ليست صاحبة صوت رقيق وحنون وقوي فحسب، بل إنسانة طيبة طموحة وصاحبة رسالة تحترم جمهورها. وتعد إيفورا، التي اشتهرت باختيارها أغانيَ تتناسب مع إمكانات صوتها العالية وبمزج البلوز مع موسيقى «الفادو» البرتغالية والموسيقى الكلاسيكية، من أعظم مؤدي ال «مورنا»، وهو نوع من موسيقى البلوز يمثل الموسيقى الوطنية لجزيرة الرأس الاخضر، المستعمرة البرتغالية السابقة التي نالت استقلالها عام 1975. وتمثل هذه الموسيقى شهادة على تاريخ العبودية والرق في البلاد حيث كان تجار العبيد ينقلون ابناءها في المحيط الهادئ على مسافة آلاف الكيلومترات من الشاطئ غرب أفريقيا. وكان الجمهور اكتشف هذه المغنية السابقة في حانات مينديلو عاصمة جزيرة ساو فينتسيتي متأخراً، اذ كانت في الخمسينات من العمر. ولم يصل اسمها الى الجمهور الأوروبي والأميركي والعربي إلا بعد صدور ألبومها الرابع «ميس بيرفومادو» عام 1992 الذي بيع منه أكثر من 300 ألف نسخة في العالم، وبعد حفلتين «تاريخيتين» في المسرح البلدي في باريس. وفي رصيد سيدة الغناء بالبرتغالية، 10 ألبومات غنائية ناجحة، أولها «لا ديفا أو بييه نو» (1988)، وآخرها «نا سنتيمانتو» (2009)، ناهيك بعشر ألبومات لحفلات حية منها على المسرح الأولمبي في باريس (1996)، و «غيست بور هاييتي». واحتراماً لفنها وعطائها، أُعلن الحداد في جزيرة الرأس الاخضر يومين حزناً على رحيل إيفورا، التي وصفها الرئيس جورجي كارلوس فونسيكا بأنها «أحد أعظم المراجع الثقافية في جزيرة الرأس الأخضر».