على مدى ثلاثة أيام متواصلة قدمت فنانات «مسلمات» من أماكن مختلفة من أوروبا عروضاً موسيقية وغنائية في ثلاث مدن هولندية هي أمستردام ودودرخت ولاهاي. وكانت هذه العروض مخصصة للنساء فقط، ما أثار في النفوس حب الاستطلاع. فطلبت «الحياة» من المسؤولين الحضور لتغطية الحدث، فكان مراسلها الرجل الوحيد في قاعة امتلأت بالنساء! استغرقت الحفلة ساعتين، كنا ننتظر خلالهما مفاجأة أو شيئاً خارج المألوف لنعرف السبب الذي جعل منظمي الحفلة يخصصونها للنساء فقط. لكن شيئاً من ذلك لم يحدث وأصابتنا خيبة أمل لم تستطع تبديدها مشرفة الحفلة التي لم تقدم لنا جواباً شافياً حينما قالت إن «كثيرات من المسلمات لا يستطعن التعريف بمواهبهن بسبب أسرهن». الفنانات «المسلمات» قدمن من بريطانيا والدنمارك وهولندا ضمن عمل مشترك بين ثلاث مؤسسات في هذه الدول تعنى بشؤون النساء المسلمات من ذوات المواهب الموسيقية. إحدى المشرفات على هذه المؤسسات في بريطانيا والدنمارك، بنغالية، والأخرى سيدة دنماركية شقراء ترتدي الزي الإسلامي. المرأتان تحدثتا عن إنجازات ونضالات في هذا المجال، ولكنهما لم تشيرا إلى أي شيء يتعلق بحرية المرأة وعلاقة ذلك بالموسيقى والغناء. خصّص لكل مشاركة 25 دقيقة، لتقدّم خلالها عدداً من الأغاني. فكانت الفنانة الأولى «تيما» المغربية المولودة في هولندا التي أدت أغاني عربية على إيقاع موسيقى الجاز. اغلب الظن إن هذه الفنانة الشابة جديدة على الغناء لأن ما غنته لم يكن لها وإنما لفنانات عربيات من مصر أو لبنان. وعلى رغم أنها تمتلك صوتاً جميلاً إلا انه بدا غير مشذب وينقصه التدريب. وقد غادرت القاعة مسرعة بعدما أنجزت مهمتها، ما حال دون التواصل معها. الفنانة الثانية سارة سعيد الباكستانية الأصل والمولودة في لندن قدمت أغنيات كثيرة بالانكليزية، تنوعت إيقاعاتها وتنقلت بين الجاز والراب والهيب هوب. وعلى رغم الطابع الغربي الصرف لأغنياتها، إلا أنها حاولت مزج موسيقاها بالهندية ذات الإيقاعات الراقصة التي تمتاز بسرعتها ونبرها العالي. تملك سارة صوتاً صافياً من طبقة السوبرانو وتنحاز إلى موسيقى الجاز، على رغم أنها تقدم ألواناً غنائية مختلفة إلا أنها تجد نفسها في الجاز أكثر من أي لون غنائي آخر. المتعة الحقيقية كانت مع الفنانتين الإيرانيتين من أصول كردية والقادمتين من الدنمارك، المغنية شهرزاد وعازفة الدف شورا. إذ قدمتا أغاني صوفية وبعض الأغنيات الكردية المشهورة في كردستان إيران والعراق وتركيا. شهرزاد الصبية المقعدة، غنت من على كرسيها المتحرك وهي تعزف على آلة البزق العديد من الأغنيات الصوفية التي أسرت الجمهور بصوتها العميق القوي. لكن قوة صوتها عند تأدية أغنية « ليلا» (أغنية كردية مشهورة) حرّكت مشاعر بعض النساء الكرديات في الصالة، فنزلن إلى المسرح وشكلن حلقة ورقصن الدبكة الكردية المعروفة وسط تصفيق الحاضرات. ما جعل مقدمة الحفلة تطلب من شهرزاد وشوار، المزيد من الغناء على رغم انتهاء الوقت المخصص لهما. ومع كل الملاحظات على هذه الحفلة ذات الجنس الواحد، إلا أنها استطاعت أن تحرّك شيئاً ما في نفوس الهولنديات اللواتي كن يتمايلن في القاعة مع الإيقاع الشرقي.