خلال جلسات الملتقى الاقتصادي السعودي - القطري، الذي عقد في الرياض الاثنين الماضي، قال الأمين العام لمجلس التعاون عبدالرحمن العطية ان التبادل التجاري بين دول المجلس، ارتفع خلال السنة الأولى لقيام الاتحاد الجمركي إلى أكثر من 27 بليون دولار، بزيادة 20 في المئة، مقارنة بمعدل سنوي بلغ 6 في المئة فقط خلال السنوات العشر التي سبقت قيام الاتحاد. وأشار الى نمو العلاقات التجارية بين قطر والسعودية، والتي قفزت من 707 ملايين دولار في العام 2004 إلى 1.78 بليون دولار في العام 2008، فضلاً عن ارتفاع الاستثمارات السعودية القطرية المشتركة بشكل ملحوظ. هذا ليس كل شيء، فوزير التجارة السعودي عبدالله زينل اقترح دخول البلدين في تحالفات لإنشاء شركات إنتاجية ضخمة، تعتمد على التقنية المتقدمة، وكان الملتقى شهد حضوراً نسائياً سعودياً وقطرياً لافتاً، وكان لسيدات الأعمال في البلدين دور فاعل في الجلسات. صورة العلاقات الاقتصادية بين دول مجلس التعاون مبهرة، وتنمو بطريقة تعد سابقة بين الدول، وهي مثال يحتذى في التعاون الاقتصادي بين الدول العربية، لكن، على رغم ازدهار قطاع الاقتصاد وتشابك المصالح بين الشركات الخليجية ورجال الأعمال وكثافة الاستثمارات المشتركة، إلا أن بقية اوجه التعاون بين دول المجلس لا تعكس هذا الوضع. وخلال العقود الثلاثة الماضية شهدت العلاقات السياسية توترات وأزمات انعكست سلباً على مسيرة الوحدة الخليجية، ناهيك عن أن مواقف دول الخليج السياسية من أزمات المنطقة ليست واحدة، وأحياناً متصادمة، على رغم خطورة الخلافات السياسية على أمن دول الخليج واستقرارها . لاشك في ان مقارنة العلاقات الاقتصادية بين دول الخليج، بالعلاقات السياسية والثقافية والإعلامية بين دول مجلس التعاون تثير الحيرة، فالدول التي ترتبط بمصالح اقتصادية على هذا المستوى يفترض ان تغيّب الخلافات الأخرى وتتجاوز المناكفات الإعلامية والرياضية، وتنأى بمصالحها عن التوترات، هذا إذا كانت دولاً متباعدة، فكيف إذا كانت هذه الدول متجاورة ومرتبطة تاريخياً وحضارياً، وكيف إذا كانت خلافاتها تشكل تهديداً جدياً لوجودها واستقرارها. لماذا لم يغير الاقتصاد مناكفات السياسة والإعلام بين دول الخليج؟ من المسؤول عن هذا التناقض؟ وكيف السبيل الى حل هذا اللغز؟