علمت «الحياة» أن عدد الإصابات بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (كورونا) وصلت إلى 58 حالة في مستشفى الحرس الوطني بالرياض خلال الخمسين يوماً الماضية، وقعت معظمها في الأسبوع الماضي، بينها 18 إصابة تعرّض لها ممارسون صحيون وإداريون، و40 حالة كانت لأفراد من خارج المستشفى. وأكدت مصادر مطلعة ل«الحياة» أن المستشفى يرفض حالياً قبول أية حالة إصابة بالفايروس، والاكتفاء بالعزل المنزلي لضمان سلامة الممارسين الصحيين والمرضى، ما عدا حالتين توجب إدخالهما إلى غرف العناية المركزة، مشيرة إلى أن ثلاثة من الأجنحة في المستشفى تم تخصصيها لتنويم المصابين ب«كورونا» وهي الجناح السابع والثامن وال13. وأشارت إلى إيقاف جميع الجراحات سواءً المختصرة أو تلك التي تستدعي إلى التنويم، موضحة أن إدارة المستشفى لم تحدد موعداً بعد لاستئناف الجراحات، فيما تم تحويل قسم طوارئ البالغين ليكون قسماً للعناية الصدرية، وذلك لرفع الطاقة الاستيعابية في ظل تزايد الحالات المصابة ب«كورونا»، في حين تم تفريغ ممارس صحي من قسم مكافحة العدوى للإشراف على قسم الطوارئ. ولفتت المصادر إلى اتخاذ المستشفى لاحتياطات أمنية كبيرة، إذ يتم استخدام أفراد من الشرطة العسكرية التابعة للمستشفى بهدف تنظيم دخول وخروج الزوار، مبينة أنه تم إرسال رسائل عبر البريد الإلكتروني إلى جميع الإداريين من منسوبي المستشفى (اطلعت عليها «الحياة») تشدد على ضرورة أخذ الحيطة والحذر وعدم الحضور في أقسام المستشفى إلا عند الضرورة القصوى. وأفادت بأن إدارة المستشفى اتخذت إجراءً احترازياً بتقليص ساعات زيارة المرضى إلى ساعتين تكون خلال الفترة المسائية بدلاً من الساعات الأربع سابقاً، لافتة إلى أنه تم وضع لافتات في أروقة وممرات المستشفى، لتحذير المراجعين والزوار من انتشار الفايروس، مطالبين بالتقليل من زيارة المرضى. وكانت وزارة الصحة السعودية أعلنت في بيانها الأسبوعي أول من أمس تسجيلها ل21 حالة مؤكدة لفايروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (كورونا) خلال الأسبوع الماضي، الأمر الذي أدى إلى تزايد حدة التوتر لدى المرضى والمراجعين للمستشفيات الحكومية، خصوصاً في منطقة الرياض، وتناقل عدد من الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي تحذيرات عن تفشي الوباء في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية في الحرس الوطني، مطالبين بعدم مراجعتها إلا للضرورة القصوى. بدوره، تحفظ المتحدث الرسمي في وزارة الحرس الوطني الرائد محمد العمري، في إجاباته على استفسارات «الحياة»، وقال: «جزء من الأخبار التي يتم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي صحيح والجزء الآخر مبالغ فيه وغير صحيح»، مضيفاً أنه: «سيتواصل مع القائمين على المستشفى للتأكد من صحة المعلومات، وسيتم إصدار بيان رسمي في حال توافر معلومات جديدة». وزارة الصحة «فشلت» في التوعية به وصفت دراسة بحثية حديثة، البرامج التوعوية التي قامت بها وزارة الصحة حول متلازمة الشرق الأوسط التنفسية «كورونا» ب«الضعيفة»، معتبرة أنها فشلت في تقديمها، مؤكدة تزايد عدم الرضا الجماهيري على الوزارة منذ عام 2012، لافتة إلى أن الكثير من تلك الحملات لم توجّه إلى الجمهور المستهدف. وأوضحت الدراسة التي جاءت بعنوان: «استجابة وزارة الصحة السعودية لأزمة فيروس كورونا خلال الفترة ما بين 2012-2015م – دراسة حالة»، وقدّمها المحاضر بقسم الإعلام في جامعة الملك سعود أنس بن خميس، أن معظم الحملات التوعوية التي قامت بها وزارة الصحة منذ بدء ظهور الفايروس في المملكة، استهدفت صغار السن في المدارس والأصحاء في المجمعات التجارية، على رغم أن «كورونا» لا يهدد حياة هذه الفئة وفقاً لتأكيدات الأطباء الذين تحدثوا مراراً عن ذلك، مشيرة إلى أن مفهوم إدارة الأزمات يتطلب الشفافية والوضوح عند التعامل مع الجمهور المستهدف، لتجنب تفاقم الأزمة حينما تكون الحالة خارجة عن السيطرة، وهو الأمر الذي لم يحدث مع وزارة الصحة بالشكل اللازم. وقال الباحث في سياق الدراسة: «المتعارف عليه في الحقل الأكاديمي الإعلامي في ما يخص التعامل مع الأزمات والكوارث أن تولي الجهة المسؤولة الاهتمام الأكبر للرأي العام من أجل الحفاظ على الصورة الذهنية للمنشأة أياً كانت، وهناك نظريات في الحقل الإعلامي تشير إلى أن الرأي العام يمثل الحقيقة في أحيانٍ كثيرة، ولذلك يجب على أية منشأة تواجه أزمةً ما أن تركز على تزويد الجمهور بالحقائق بدلاً من سماعها في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها، والواضح من خلال أزمة (كورونا) أن الرأي العام المحلي كان بحاجة إلى مزيد من الشفافية والوضوح والتوجيه لتجنب التعرض لعدوى هذا الفايروس، وهو ما فشلت وزارة الصحة في تحقيقه بحسب النتائج التي تم التوصّل إليها، ما أدى إلى تفاقم الأزمة وانتشار الخوف والهلع وسط المجتمع مع انتشار الفايروس في المستشفيات الحكومية والخاصة». وأفادت الدراسة بأن من الملاحظ في البيانات الصحافية التي تنشرها وزارة الصحة حين الإعلان عن الحالات الجديدة المصابة بالفايروس، أن معظم المرضى هم من كبار السن الذين يعانون من أمراض مزمنة أو من المخالطين للإبل، مضيفة: «من خلال تحليل محتوى الحملات الإعلامية التي قامت بها وزارة الصحة ونوعية الوسائل والرسائل المرتبطة بها، يتضح أنها أخطأت الفئة المستهدفة، وأخطأت أيضاً استخدام الوسيلة المناسبة لتلك الفئة، بدليل بث عدد من الرسائل التوعوية في المدارس والمجمعات التجارية على رغم أهمية التواصل مع العمالة المخالطة للإبل، وترجمة الحملة إلى أكثر من لغة مع الأخذ بعين الاعتبار الأشخاص الأميين الذين لا يتعرضون لوسائل الإعلام التقليدية والجديدة على حدٍ سواء». واستعرضت الدراسة مدى رضا الرأي العام والصحافة المحلية والدولية على أداء وزارة الصحة السعودية، موضحة وجود اتفاق بنسبة عالية على فشلها في التخطيط الاستراتيجي الفعال لمواجهة مثل هذه الأزمات من الناحية الإعلامية، كما كشفت أن عدداً من المنظمات الصحية العالمية انتقدت أداء وزارة الصحة في مسألة التعامل مع انتشار الفايروس في المستشفيات أو حتى شرح أسباب التعرض للعدوى وسط المواطنين.