تخوض وزارة الصحة السعودية حرباً ضروساً على جبهات عدة، فوسط قتالها مع ميليشيات فايروس «كورونا»، سعياً إلى الحد من انتشاره، على رغم أنه اضطرها إلى خوض المعركة داخل مرافقها الصحية، حيث تضررت من تساقط عدد من «جنودها»، بين مصاب ومتوفى، جرّاء الفايروس، تقف الوزارة سداً منيعاً أمام الهجمات المتتالية التي يقودها أطباء ومسؤولون بدعم من المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لصدور اعتراف رسمي يعطي «كورونا» صفة «الوباء». وفي آخر التطورات «الميدانية» أعلنت الوزارة أمس رصد 13 إصابة جديدة (7 في جدة و4 في الرياض، وواحدة في المدينةالمنورة، ومثلها في نجران. (للمزيد) وتمسك وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة أمس في الرياض بأن الوضع مطمئن. وأعلن المتحدث باسم الوزارة الدكتور خالد مرغلاني أمس قرب وصول شركة عالمية متخصصة للمملكة لمناقشة تصنيع لقاح مضاد للفايروس. السعي الجاد نحو الحصول على «الاعتراف» بأن «كورونا» بات وباء، يصفه مراقبون بحرب «تكسير العظام»، ويعزونه إلى عوامل عدة، منها «حال الخوف والهلع التي أصابت كل فئات المجتمع، والرغبة في تفعيل كود العدوى داخل المستشفيات، الذي يضمن رفع مستوى الخدمات الوقائية، وكذلك رغبة بعضهم في استغلال ارتفاع معدلات الإصابة لتصفية حسابات شخصية مع وزارة الصحة، إضافة إلى مراقبة شركات التأمين الوضع عن بعد، وانتظارها فرصة «التنصل» من تحمّل كلفة علاج المصابين بالفايروس في حال اعتباره وباء، لأنه وبحسب الأنظمة، فإن الدولة ملزمة بعلاج المرضى في مثل هذه الحالات». مقاومة وزارة الصحة الشرسة لهذه الحملات التي يقودها أشخاص اختلفوا في أهدافهم، واتفقوا على ضرورة الإعلان رسمياً عن نعت «كورونا» بصفة «الوباء»، تدعمها حتى الآن التقارير الصادرة عن منظمة الصحة العالمية التي لم تخرج عن إطار «تشجيع الدول الأعضاء على مواصلة ترصدها للأمراض التنفسية الحادة الوخيمة، وتوخي الدقة في استعراض أي أنماط غير عادية»، واعترافها بأن «تدابير الوقاية من حالات العدوى ومكافحتها تكتسب أهمية حاسمة للوقاية من احتمال انتشار فايروس «كورونا» في مرافق الرعاية الصحية»، مع تشديدها على ضرورة أن تحرص «مرافق الرعاية الصحية التي تقدم الرعاية إلى المرضى الذين يشتبه في عدواهم ب«كورونا» أو تأكدت إصابتهم به على أن تتخذ التدابير الملائمة لتقليل خطر انتقال الفايروس من المرضى المصابين بالعدوى إلى مرضى آخرين، وإلى العاملين في مجال الرعاية الصحية والزائرين، مع ضرورة تثقيف العاملين في مجال الرعاية الصحية وتدريبهم وتجديد معلوماتهم لاكتساب المهارات في مجال الوقاية من حالات العدوى ومكافحتها». وبعيداً عن ذلك، يخشى المراقبون أن يسهم انشغال وزارة الصحة بمقاومة حملات إثبات صفة «الوباء» على «كورونا»، والتشكيك في خططها الموضوعة للتعامل مع هذه الأزمة، في فشلها في إدارة معركتها الأهم مع «الفايروس»، الهادفة إلى محاصرة انتشاره، والقضاء عليه، وبالتالي خروج الوضع عن السيطرة، واستمرار زيادة معدلات المصابين، خصوصاً أنها متهمة بعدم استخدام سلاح يمكن أن يحسب - بحسب المراقبين - كل المعارك لمصلحتها، وعنوانه: «الشفافية»!