بعد أسبوعين على تحطم الطائرة الاثيوبية المنكوبة في عمق البحر، قبالة الشاطئ اللبناني، على بعد ثلاثة كيلومترات من بلدة الناعمة، تمكن مغاوير البحر في الجيش اللبناني بمعاونة فرق البحث الدولية، وبإشراف لجنة التحقيق الفرنسية، من تحقيق تقدم ملموس في عملية البحث عن ضحاياها وحطامها تجلى في وضع اليد على الصندوق الأسود الذي يحتوي على «داتا» المعلومات وانتشاله، اضافة الى مواصلة انتشال جثث الضحايا فيما بدأت تستعد قطع بحرية أخرى لانتشال الهيكل الرئيسي للطائرة بعد العثور على الجزء الخلفي منها ومقصورة القيادة من دون قائد الطائرة ومساعده. وتزامن التقدم الذي تحقق في شأن عمليات البحث عن حطام الطائرة وانتشال جثث الضحايا مع توجه رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى دمشق واجتماعه مع الرئيس السوري بشار الأسد في اول لقاء رسمي بينهما بعد الانتخابات النيابية التي أجريت في حزيران (يونيو) الماضي في لبنان. وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) ان الحديث بينهما «تناول التهديدات الإسرائيلية المتكررة ضد دول المنطقة والتطرف الإسرائيلي المرشح للقضاء على فرص إحلال السلام من خلال إشعال المنطقة بالحروب وإدخالها في المجهول»، فضلاً عن تأكيد الأسد «وقوف سورية الى جانب لبنان حكومة وشعباً ضد أي اعتداء اسرائيلي يتعرض له». وقالت «سانا» ان الرئيس الاسد وبري «بحثا في آخر المستجدات على الساحة اللبنانية والتطور الإيجابي الذي تشهده العلاقات السورية – اللبنانية وآليات دفعها بما يعكس الروابط التاريخية والجغرافية التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين». وبالعودة الى دخول البحث عن حطام الطائرة مرحلة جديدة، فإنه مع انتشال الصندوق الأسود، وفي انتظار ان تتمكن فرق البحث من انتشال الصندوق الآخر المخصص لتسجيل المراسلات الصوتية منذ بدء استعداد الطائرة للإقلاع من مطار رفيق الحريري الدولي الى حين انقطاع الاتصال معها فور سقوطها في البحر، يكون التحقيق وُضع على السكة التي تفضي الى جلاء الحقيقة في شأن اسباب تحطمها وذلك قطعاً لاستمرار الاجتهادات والتحليلات حول أسباب الحادث. وأصبح صندوق المعلومات في عهدة لجنة التحقيق المشتركة الفرنسية – اللبنانية – الاثيوبية التي ستنقله الى فرنسا حيث يقوم مكتب التحقيقات الفرنسي بتحليل المعلومات والمراسلات الصوتية على ان يضع، بعد انتهاء هذه العملية التي تستغرق وقتاً يصل الى حدود ستة أشهر، تقريراً تُسلم نسخ منه الى الجهات المعنية بما فيها شركة ال «بوينغ» المصنّعة للطائرة المنكوبة، وفق ما أعلنه وزير الأشغال والنقل غازي العريضي. وكان العريضي يشرف على العمل منذ ليل أول من امس حيث عثرت فرق البحث على مؤخرة الطائرة، وتابع اتصالاته برئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس بري ورئيس الحكومة سعد الحريري وقيادة الجيش اللبناني وواكب عن كثب بدء عمليات الانتشال واستمرار البحث عن الضحايا والصندوق الأسود الذي انتشل صباح أمس. وجرت كل هذه الأعمال وفق الخطة التي وضعت ونفذت من دون أية ثغرات، فيما تولت قيادة الجيش – مديرية التوجيه – إصدار بيانات متتالية في شأن سير أعمال فرق البحث بما فيها بدء انتشال الجثث ما دفع بعدد من اهالي الضحايا الى الحضور بكثافة الى شاطئ الناعمة لمعاينة حركة البواخر والزوارق على مسافة 3 كيلومترات من الشاطئ. إلا ان الجيش اتخذ تدابير في شأن الجثث التي ينتشلها قضت بعدم نقلها فوراً الى مستشفى رفيق الحريري الجامعي الحكومي وأدخلها في برادات أحضرها خصيصاً لهذه الغاية ووضعها على متن عدد من السفن التابعة لفرق البحث بعد ان كشفت عليها الأدلة الجنائية، وذلك تمهيداً لنقلها على دفعات الى المستشفى لإخضاعها لفحص الحمض النووي لتحديد الهوية الوراثية ومقارنتها مع الفحوص المماثلة التي كانت أُجريت لعدد من ذوي الضحايا على ان تسلم لاحقاً الى ذويها. وفي شأن ما تردد عن ان مغاوير البحر في الجيش اللبناني أوقفوا بدءاً من السادسة مساء امس انتشال الجثث، أكدت مصادر رفيعة في قيادة الجيش ل «الحياة» عدم صحة ما أُشيع بهذا الخصوص. وقالت ان فرق البحث أجرت عصراً مسحاً تصويرياً لتحديد جميع الأمكنة في عمق البحر لمعرفة ما اذا كان هناك المزيد من الجثث لانتشالها وذلك تفادياً للغطس في المنطقة الموجود فيها الهيكل الأكبر من الطائرة المنكوبة، وبالتالي تحييدها الى حين بدء عملية رفعه لا سيما انه يمكن ان يتواجد في داخله العدد الأكبر من الضحايا. وأوضحت المصادر نفسها ان مغاوير البحر يتجنبون الغطس فوق الجثث التي ما زالت عالقة داخل الهيكل الأساسي للطائرة تفادياً لانتشال اجزاء منها. وقالت ان هذا ما يفسر المسح التصويري الذي قامت به فرق البحث لتحديد رقعة العمليات الخاضعة لمواصلة انتشال الجثث. ورداً على سؤال بخصوص ما هو المقصود بالعثور على الصندوق الأسود ال «داتا» الذي يحتوي على المعلومات، أجابت المصادر أن هذا الصندوق هو المرجع الكامل للجوانب التقنية والفنية والإلكترونية للطائرة.